الشرق الأوسطشؤون دولية

بعد حسم الانتخابات الرئاسية..

هذا هو الوقت الملائم لتعميق العلاقات مع تركيا

ترجمة الهدهد

انتصار أردوغان المتوقع مسبقًا في جولة الانتخابات الثانية للرئاسة التركية، واستمرار سيطرة حزب العدالة والتنمية وشركائه في البرلمان يدل على أن الجمهور التركي فَضَلَ من هو معروف على تغيير الاتجاه، والمعنى هو أنه في المستقبل القريب على الأقل من غير المتوقع حدوث تغييرات بعيدة الأثر في سلوك أردوغان في الساحة الداخلية وفي السياسة الخارجية التركية.

أردوغان، الذي اكتسب قبل نحو عقدين عالمه عندما نجح في انقاذ تركيا من أزمة اقتصادية عميقة، سيجد هذه المرة صعوبة في أن يفعل السحر ويجد الخلاص لاقتصاد على شفا الانهيار إذ إن تركيا تعاني من تضخم مالي بعشرات في المئة، الليرة التركية فقدت قيمتها، ملايين اللاجئين السوريين يسكنون في الدولة، وملايين آخرون من السكان بلا سكن مناسب نتيجة للزلزال الذي وقع في شباط الماضي وأودى بحياة نحو 50 الف نسمة.

في ضوء هذا، من المتوقع أن يستغل أردوغان انتصاره كي يواصل السياقات الداخلية التي يتصدرها في سنوات حكمه بتغيير طابع تركيا إلى دولة إسلامية في ظل اضعاف المعارضة والسيطرة المطلقة على مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام.

بهدف صرف تسليط الأضواء عن الازمات الداخلية، من المتوقع لأردوغان أن يركز جهودًا خاصة في الساحة الدولية وذلك انطلاقا من فهمه أن تركيا قوة عظمى وانطلاقا من الإيمان بأن بوسعه أن يستخلص مكاسب إعلامية  واقتصادية وأمنية من الحرب في أوكرانيا، ومن التحولات التي تجري في الشرق الأوسط.

من المتوقع لأردوغان أن يتطلع الى استخلاص المنفعة القصوى من قدرته على المناورة بين علاقاته مع الرئيس بوتين، وبين العلاقات مع الغرب، وعضوية تركيا في الناتو، متحررًا من إملاءات الانتخابات، حيث قد يبدي أردوغان انفتاحا أكبر للموافقة على ضم السويد الى الناتو، ويحتمل أن يكون هذا مع انعقاد مؤتمر الناتو بعد نحو شهرين، شريطة أن يتلقى مقابلًا ملموسًا من الغرب، وخاصًة من الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فان منظومة العلاقات مع الرئيس بوتين، الذي لم يخفِ في أثناء حملة الانتخابات تأييده لأردوغان وكان واحدًا من الأوائل الذين باركوا له انتصاره، ستواصل الإثقال على علاقات الرئيس التركي مع الغرب.

تجاه دول الشرق الأوسط، سيواصل أردوغان سياسة “الوجه المبتسم” تجاه الدول السنية، والتي أدت في السنتين الأخيرتين إلى تحسين العلاقات مع السعودية، والإمارات ومصر.

كما أن أردوغان قد  يدرس بضغط روسي، السبل لتحسين العلاقات مع الرئيس الأسد، بعد قطيعة أكثر من عقد، ويحتمل أن يكون هذا مقابل صفقة واسعة تتضمن أيضًا اللاجئين السوريين المتواجدين في تركيا.

في السياق “الإسرائيلي”، شهدت  علاقات الدولتين في  السنة الأخيرة ازدهارًا كنتيجة للتغييرات التي وقعت في السياسة الخارجية التركية، وقد وجد هذا الازدهار تعبيره ضمن أمور أخرى في رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين، وفي زيادة حجم التجارة المتبادلة، وفي التعاون بين أجهزة الأمن، وفي إرسال بعثة إنقاذ في أعقاب الهزة الأرضية.

ومع ذلك، فان المسألة الفلسطينية، وبخاصة في كل ما يتعلق بالسلوك تجاه حماس والأماكن المقدسة في القدس ستبقى تشكل بؤرة توتر وخلافات بين الدولتين، في ضوء ذلك يتعين على حكومة “إسرائيل” أن تستغل اللحظة المناسبة وتواصل العمل بالتدريج لتعميق جملة العلاقات مع تركيا.

لكن هذا في ظل إبداء الحذر من تعميق التعاون في مجالات أمنية حساسة، بسبب هشاشة العلاقات مثلما ثبت في العقد الأخير بعد أحداث سفينة مرمرة.

المصدر: معاريف/ شاي هار تسفي

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي