أخبار رئيسيةترجماتشؤون دولية

ما الأسباب وراء تصريحات رئيس الموساد التي أحرجت لبيد خلال زيارته للولايات المتحدة؟

ترجمة الهدهد
والا/ باراك رافيد

لم يفاجأ مكتب رئيس الوزراء بالإيجازات التي عقدها رئيس جهاز الموساد ديدي بارنيع أمس الخميس للصحفيين في وسائل الإعلام، ولكن ما كان مفاجئا هو هجوم بارنيع على الإدارة الأمريكية.

ونقلت عدة وسائل إعلامية عن بارنيع قوله إن الاتفاق النووي كارثة استراتيجية، وإن التوقيع الأمريكي على الاتفاقية النووية أمر لا مفر منه لأن الولايات المتحدة وإيران لديهما مصلحة مشتركة في العودة إلى الاتفاق.

هذا الجزء من خطاب بارنيع لم يعجب لبيد، لأنه لم يتطابق مع الرسالة التي أراد مكتب رئيس الوزراء نقلها، ولا يتطابق مع الحقائق المتعلقة بمضمون محادثات مستشار الأمن القومي إيال حولتا في واشنطن.

كما رفض بارنيع أن يذكر في كلماته أن الولايات المتحدة قد شددت مواقفها بشأن القضية النووية، على الرغم من أن رئيس الوزراء لبيد طلب منه نقل هذه الرسالة.

خلقت كلمات رئيس الموساد إحراجاً للحكومة الأمريكية، وذلك بعد أيام قليلة شهدت تلاشياً للتوترات بين الأطراف فيما يتعلق بالاتفاقية النووية وتقارب المواقف فيما يتعلق بضرورة تجنب المزيد من التنازلات في المفاوضات مع الإيرانيين.

خففت زيارة حولتا إلى واشنطن القلق في تل أبيب، لأن إدارة بايدن تنوي تقديم سلسلة من التنازلات الإضافية المهمة لتأمين اتفاق نووي مع إيران.

قبل ساعات قليلة من تصريح بارنيع ظهر لبيد بنفسه أمام الكاميرات، وقال إن إدارة بايدن قبلت جزءاً كبيراً من “المواقف الإسرائيلية” فيما يتعلق بصياغة الرد على مسودة الاتفاق النووي.

وقال لبيد: “الحوار معهم جيد وسنواصله”.

وكان عقد الإحاطة للصحفيين أحد الموضوعات التي نوقشت في الاجتماع الذي عقده بارنيع مع رئيس الوزراء لبيد ظهر اليوم الخميس، وذكر مصدر في “الموساد” أن لبيد سأل بارنيع، كجزء من الإيجازات، أنه سيشير إلى أن الولايات المتحدة قد شددت مواقفها في المفاوضات مع إيران.

كما ظهرت هذه النقطة على صفحة رسائل عن إيران وزعها مكتب رئيس الوزراء أمس على وزراء آخرين وكبار المسؤولين في الحكومة، بمن فيهم رئيس الموساد بارنيع لاستخدامها في المقابلات الإعلامية.

“الحوار الوثيق الذي تقيمه إسرائيل مع الأمريكيين، -انعكس في اجتماعات رئيس مجلس الأمن القومي في الولايات المتحدة هذا الأسبوع – نجح في دفع الولايات المتحدة إلى تشديد مواقفها من قضايا مهمة لإسرائيل، حيث تواصل إسرائيل العمل على منع تراجع الموقف الأميركي”.

لكن بارنيع لم يرغب في استخدام هذه الرسالة في الإيجازات الصحفية الحالية وبدلاً من ذلك وجه انتقادات حادة لإدارة بايدن التي تجاوزت خط الحكومة، وبعد نشر كلام بارنيع، اتصل مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء بمستشاري رئيس الموساد، وطلبوا التوضيح والتصحيح.

وقال مصدر من الموساد إن السبب وراء عدم رغبة بارنيع في القول إن الولايات المتحدة قد شددت مواقفها في المفاوضات هو أنه لم يكن مشاركاً شخصياً في المحادثات مع البيت الأبيض، وبالتالي لم يرغب في معالجة الأمور التي لم يشارك فيها شخصياً.

لكن المصادر التي تحدثت مع بارنيع أمس أعطت الانطباع بأنه رأى الرسالة الخاصة بتصلب المواقف الأمريكية كموقف لرئيس الوزراء وليس وفقاً لرأيه حسب منصبه الرسمي، وبالتالي لم يوافق على قول ذلك في إحاطات للصحفيين.

وقال بارنيع بحسب مصدر في الموساد: “لا أعرف ما إذا كان الأمريكيون قد شددوا مواقفهم، عندما يعود حولتا من الولايات المتحدة سيشرح لي، على أية حال فحقيقة أن المواقف تصلب لا تعني أن الاتفاق سيكون أفضل أو أسوأ، وأتمنى أن تكون النتيجة أنه لن يوقع اتفاقاً لأنه سيئ”.

قال مسؤولون في مكتب رئيس الوزراء إن لبيد ليس لديه مشكلة مع منصب بارنيع المهني، كما أنه يوافق على جزء كبير منه، وقالوا إن المشكلة تكمن في نقص التنسيق عندما يتعلق الأمر ببعض الرسائل.

يعتبر رئيس الموساد ديدي بارنيع هو الجهة التي تدفع إلى الخط الأكثر تطرفاً في القضية الإيرانية داخل “الحكومة الإسرائيلية”.

وصفت مصادر مطلعة على تصريحات بارنيع في الشأن الإيراني في نقاشات مغلقة بأنها أكثر تشدداً حيث أن سلفه في المنصب يوسي كوهين اتخذ موقفاً متطرفاً بشأن القضية الإيرانية لأسباب الريبة والشك، ويتمسك بارنيع بذات الموقف حالياً.

قبل بضعة أشهر كان هناك لقاء بين بارنيع وعدد من رؤساء الموساد السابقين ورؤساء الأقسام في الموساد السابق، وقال مصدر شارك في الاجتماع إن عدداً من رؤساء الموساد السابقين واجهوا بارنيع بشأن موقفه من الملف الإيراني وألقوا بظلال من الشك على منطقها ولم يقتنع بارنيع.

لم يكن من الصعب على بارنيع إقناع بينت بموقفه، لكنه أقنع خلال العام الماضي لبيد بتبني موقفه الذي بموجبه تشكل العودة إلى الاتفاق النووي والذي يمثل ضرراً “للمصالح الإسرائيلية”.

أولئك الذين يدعمون موقف بارنيع، حتى لو لم يكن بنفس القوة، هم مستشار الأمن القومي إيال حولتا والمدير العام لوزارة الخارجية ألون أوشفيز الذين يؤثرون بشكل كبير على لبيد.

يدعي بارنيع أن المؤسسة الأمنية بأكملها تدعم موقفه ضد الاتفاق النووي، لتعزيز ادعائه يستخدم حقيقة أن رئيس الأركان أفيف كوخافي، الذي اعتقد في السابق أن للاتفاق النووي مزايا، تحالف معه في هذه المسألة قبل بضعة أشهر، على عكس موقف شعبة الاستخبارات في “الجيش الإسرائيلي” إضافة لكبار المسؤولين الآخرين في هيئة الأركان العامة.

لكن داخل المؤسسة الأمنية هناك عدد غير قليل من الأصوات المعارضة، مثل أهارون حليفا رئيس جهاز أمان ورئيس قسم الأبحاث في وزارة الجيش عميت ساعر، ورئيس شعبة الأمني- السياسي في وزارة الجيش درور شالوم، اللذين يعتقدان عكس ذلك ويريان مزايا استراتيجية “لإسرائيل” في الاتفاقية، وزير الجيش غانتس أيضاً مع هذا الموقف ولكن لا يصرح بذلك علناً، لكنه يقبل منطق كبار مسؤولي وزارة الجيش.

إن حجج المعسكر التي لا تعارض العودة إلى الاتفاق النووي هي أن الاتفاق النووي من شأنه أن يوقف تقدم إيران نحو صنع قنبلة، ويقضي على البرنامج النووي الإيراني، وإطالة الفترة الزمنية اللازمة لحصول الإيرانيين على ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة ذرية واحدة.

هناك حجة أخرى وهي أن البديل – بلا صفقة والتقدم الإيراني المستمر نحو القنبلة بلا حدود – أسوأ.

والحجة الثالثة هي أن الاتفاق سيكسب “إسرائيل” الوقت للاستعداد لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وهو أمر لم يتم إعداده على النحو الأمثل في الوقت الحالي.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي