أخبار رئيسيةترجماتمقالات إستراتيجية

تحليل: بينما ينشغل بينت بالأزمة السياسية.. أحداث دراماتيكية تحدث في الشرق الأوسط

ترجمة الهدهد
هآرتس/ عاموس هرئيل

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه

إن الجدول اليومي للائتلاف يتكون في معظمه من جهود البقاء التي لا تتوقف: يضطر نفتالي بينيت إلى المناورة يأساً بين الأخطار الجديدة الكامنة أمامه كل صباح: من أورباخ إلى سيلمان ومن بيتون إلى ريناوي الزعبي؛ لكن التركيز على النضال السياسي الذي يتم تغطية أدق تفاصيله يتسبب في إضاعة التطورات الإستراتيجية.

من الناحية الأمنية، الأرض حول “إسرائيل” تهتز، ومن بين المخاطر الناشئة أيضًا هناك الظواهر ذات الإمكانات الإيجابية. السؤال هو كم من الوقت والاهتمام تستطيع القيادة تكريسها لهذا، عندما يكون وجودها بحد ذاته موضع شك؟.

بالكاد توجد ساحة لاتقع فيها أحداث دراماتيكية في الأسابيع الأخيرة: إيران تحاول شن حملة انتقام من “المواطنين الإسرائيليين” في تركيا وتُفاقم من الأزمة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. في سوريا خرج مطار دمشق الدولي عن الخدمة بعد هجومين نُسبا إلى “إسرائيل”؛ في لبنان أطلق حسن نصر الله “تهديدات فارغة” على خلفية بدء التنقيب “الإسرائيلي” عن الغاز في البحر المتوسط بالقرب من الحدود. وانتشرت شائعات بين الفلسطينيين حول صحة محمود عباس واحتدمت معركة الميراث.

تصدرت التحذيرات المنتظمة لمقر مكافحة “الإرهاب” عناوين الصحف هذا الأسبوع. طُلب من “المواطنين الإسرائيليين” إلغاء الرحلات إلى تركيا ثم مغادرة البلاد على وجه السرعة. وبحسب ما ورد تلقى البعض مكالمات هاتفية من ممثلي الموساد، بما في ذلك تعليمات فورية بالفرار؛ خوفا من التعرض للاختطاف؛ لكن قلة من “الإسرائيليين” فقط تخلوا عن السفر لتركيا.

من المحتمل أن تكون سنوات من عدم تحقق التحذيرات من السفر إلى سيناء قد قللت من مستوى الثقة في السلطات. في النهاية، كما يعلم كل من يتابع فإن الجهود الإيرانية – مهما كانت خرقاء – محكوم عليها بالنجاح؛ فمن المستحيل الاستمرار في الدفاع إلى الأبد عن أفراد عائلة ليفي من رعنانا أو السيدة كوهين من حولون أثناء تجوالهم في أسواق إسطنبول. تركيا رخيصة للغاية، وخطوط الطيران الوطنية فيها مجدية أكثر من أن يتخلى معظم “الإسرائيليين” عن الزيارة أو الرحلات المتصلة.

بدأت حملة “الإرهاب” الإيرانية الحالية حتى قبل اغتيال ضابط الحرس الثوري العقيد حسن حودياري، في 22 مايو في طهران، لكنها تسارعت في أعقابها. كما أسهمت وسائل الإعلام “الإسرائيلية” في إثارة الضجة بإصرارها على تقديم أي حادث مشكوك فيه وقع لاحقًا على الأراضي الإيرانية كجزء من حملة اغتيال مخطط لها.

إن هذا يذكرنا إلى حد ما بالميل “الإسرائيلي” للإيحاء بأن أي حادث عمل يقع في مصنع إيراني هو من عمل شبابنا المتميزين. في الصيف الإيراني، تكون درجات الحرارة في أجزاء من البلاد عالية جدًا وفي بعض المصانع لا يزالون يحتفظون بمعايير صيانة وبنية تحتية قديمة ومتهالكة، كما هو الحال في دول العالم الثالث؛ لذلك فليس كل حريق وكل انفجار مرتبط بالضرورة بإفشال البرنامج النووي.

لطالما استُقبلت الهجمات في سوريا في “إسرائيل” بتثاؤب جماعي، لكن الهدف لاثنين من بين الهجمات الأخيرة كان غير معتاد (مطار دمشق)، وليس فقط مجرد حاويات أو مستودع إيراني قريب، ولكن مدرجي إقلاع وطريق العبور بينهما وبرج المراقبة. وهذا يعني أنه تم وقف بنية تحتية مدنية هامة، أبرز المواقع في البلاد، باستثناء القصر الرئاسي، يبدو أن قرار القيام بذلك نابع من قيود عملياتية.

 لقد تحول الإيرانيون لتهريب “معدات دقيقة” لتحسين قدرة توجيه صواريخ حزب الله بواسطة مسافرين على متن طائرات من دول أوروبية إلى دمشق. والسبيل الوحيد المتبقي “لإسرائيل” للإشارة إلى أنها لن توافق على ذلك هو قصف مدرجات الطيران وتعطيلها لنحو أسبوعين.

من الواضح أن الشرعية الدولية المحدودة للنظام في سوريا تقلل من حدة الانتقادات التي تتلقاها “إسرائيل” بسبب الهجمات؛ وتم إبداء تحفظ صاخب فقط عندما تم استدعاء “السفير الإسرائيلي” في موسكو لتوبيخه في وزارة الخارجية الروسية، ومع ذلك يتعين أن نسأل مرة أخرى ما إذا كانت المعركة بين الحروب، لم تفقد الصلة بأهدافها الأصلية، فعندما تمت صياغة مبادئ المعركة بين الحروب منذ حوالي عقد من الزمن، تم تحديد أن النشاطات التي سيتم القيام بها ستكون لغرض مهم، وأن المخاطر الناتجة عنها ستُقلل من خلال الصمت (سياسة الغموض) والمسافة الزمنية بين الهجمات.

على الجانب الإيجابي تنظر “إسرائيل” بتفاؤل حذر الى زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي سيصل إلى هنا في 13 يوليو. المحطة الرئيسية لزيارته إلى الشرق الأوسط هي المملكة العربية السعودية، ولكن هناك تكمن فائدة محتملة “لإسرائيل”.

الصفقة الشاملة التي سيحضرها الرئيس معه تشمل إلى جانب اتفاق “إسرائيلي” بشأن ترتيب يتم بموجبه نقل جزيرتين في البحر الأحمر من مصر إلى المملكة العربية السعودية، كذلك تصريح لمرور رحلات شركة الطيران “الإسرائيلية” العال في سماء المملكة العربية السعودية. والأهم من ذلك هو نظام الدفاع الجوي المشترك الذي يروج له الأمريكيون في دول المنطقة، كرد مشترك على التهديدات الصاروخية والطائرات المسيرة من إيران و”وكلائها” في المنطقة.

التذكير الأسبوعي

منذ أكثر من أسبوع اندلعت شائعة في الأراضي الفلسطينية حول وفاة أبو مازن، ولدحضها نشر رجال رئيس السلطة الفلسطينية شريط فيديو يعرض خطابا له، لكن بطريقة ما زاد هذا الشريط من الشكوك: معارضو النظام والمتآمرين فقط ادعوا أن الفيديو تم تحريره بشكل غريب وليس فيه دليل موثوق على وقت تصويره. رداً على الأسئلة سارعت المنظومة الامنية “الإسرائيلية” إلى الطمأنة بأن الرئيس على قيد الحياة وبصحة جيدة.

ومع ذلك، فإن صحة أبو مازن – 87 عاما – ربما لم تعد في ذروتها. فقد أصبحت فترات استراحته في الظهيرة أطول وقد قلل من ظهوره أمام الجمهور. على الرغم من أنه كانت هناك إنذارات كاذبة في الماضي، فإن الضفة الغربية تتصرف بشكل مشابه هذه المرة أيضًا. الأجواء بين الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية والنشطاء الميدانيين من المنظمات الأخرى وكذلك من فتح تصاعد، بينما المتنافسون على الميراث يقفون بالفعل على خط البداية للانطلاق.

الشخص الذي اختصر المسافة إلى التعيين على ما يبدو هو حسين الشيخ  وزير الشؤون المدنية في السلطة الفلسطينية، الذي يُعتبر مقربًا من عباس منذ سنوات، الذي عُين رسميًا في نهاية الشهر الماضي أمينًا عامًا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

التفسير المقبول في المناطق هو أن هذا يعزز فرصه في خلافة عباس في يوم من الأيام، حتى لو كان ذلك يبدو في البداية بقيادة ثلاثية من القادة تعكس مراكز القوة المختلفة في فتح والسلطة الفلسطينية.

بالنسبة “لإسرائيل” سيكون هذا ترتيبًا مناسبًا ومريحا: مثل الآخرين في القيادة الفلسطينية، يستخدم الشيخ أحيانًا الخطاب العام العدائي، لكن من وراء الكواليس هو شريك منذ سنوات في التنسيق المدني والأمني.

حماس التي رأت في الشيخ على ما يبدو مرشحا رئيسيا كثفت هجماتها عليها مؤخرًا، وتذكر شبه فساد وقضية قديمة للتحرش الجنسي، وبالطبع اتهامات بالعمالة “لإسرائيل”، وفي الوقت نفسه تصلنا أسبوعيا تذكارات حول ضعف السلطة الفلسطينية، في نابلس اشتبك العديد من المسلحين مع قوات الأمن الشهر الماضي، وفي جنين لا تزال سيطرتها محدودة والخلايا المسلحة تواصل عملها حتى في انتخابات اتحاد طلاب جامعة بير زيت  كان فوز حماس انتصارا واضحا على حركة فتح.

مع نهاية شهر رمضان، وتراجع الانشغال في القدس، انخفضت أيضًا عدد محاولات تنفيذ العمليات في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر. حادثة صباح الجمعة التي قُتل فيها ثلاثة فلسطينيين في تبادل لإطلاق النار مع قوة من الجيش الإسرائيلي تعتبر غير عادية مقارنة بالأسابيع الأخيرة.

يواصل “الجيش الإسرائيلي” تعزيز خط التماس – حيث تم إنشاء مقر قيادة لوائي  هناك هذا الأسبوع للتنسيق بين القوات – لكنه تحول إلى نمط عمليات الاعتقال الروتينية، بدلاً من عملية واسعة النطاق في جنين، والتي درست أهميتها في ذروة موجة العمليات.

 استعدادًا لزيارة بايدن “لإسرائيل” يقوم الجيش بتقليص نشاطه إلى حد ما. بالنسبة للفلسطينيين، هذا ليس إلا عزاءً ضئيلاً. خلال زيارة بايدن التحضيرية للمنطقة هذا الأسبوع لم تتحقق آمال السلطة الفلسطينية بالحصول على وعد أمريكي باستئناف العملية السياسية.

 في الوقت الحالي، هناك لفتات “إسرائيلية” صغيرة فقط مطروحة على الطاولة، مثل إصدار تصاريح عمل لـ 20 ألف عامل آخر من الضفة الغربية، والذين دخلوا حتى يومنا هذا الخط الأخضر كمقيمين غير شرعيين.

جانتس ضد الزمن

سيحاول وزير الجيش بني جانتس استكمال مهمة واحدة أخرى على الأقل قبل الانهيار النهائي للائتلاف – وهي تعيين رئيس الأركان المقبل. ونشر مكتبه – الثلاثاء – ترتيب الاجتماعات مع المرشحين الثلاثة لهذا المنصب، وسيعقد الاجتماع مع الجنرال إيال زامير مساء السبت المقبل، مع الجنرال يوئيل ستريك يوم الثلاثاء ومع الجنرال هارتسي هاليفي يوم الأربعاء؛ والترتيب العشوائي للاجتماعات لا يشير إلى تفضيلات جانتس، التقدير السائد في هيئة الأركان منذ عدة أشهر، هو أن الوزير قد صاغ رأيه: هاليفي سيكون رئيس الأركان القادم.

ولكن في هذه الأمور، لا يوجد هناك أي شيء نهائيا حتى يتم تنفيذه فعليًا، كما أثبتت قضية هارباز وملاحقها، والتي أدت في النهاية بطريقة متعرجة إلى إلغاء تعيين الجنرال يوآف غالانت (وتعيين جانتس مكانه) في عام 2011. في القضية الحالية، تمت الكتابة هنا هذا الأسبوع، التهديد الذي يواجهه تعيين هاليفي ليس من جانب منافسيه للمنصب، ولكن من جانب الوقت. يناقش جانتس موعد البدء بالعملية منذ أكثر من شهر، ويرجع ذلك أساسًا إلى الخوف من المس برئيس الأركان الحالي، أفيف كوخافي.

في الأسبوع الماضي، أبلغ جانتس كوخافي بقراره، وبعد أيام قليلة نشر إعلان بدء العملية. ومع ذلك، فإن الوقت الضائع قد يعطل خطته. قد يضع السقوط المتوقع للائتلاف وإعلان حكومة انتقالية علامة استفهام حول قانونية أو شرعية التعيين، إذا لم يكتمل بحلول ذلك الوقت. يوضح جانتس أن النية ليست التسرع وإثبات الحقائق على الأرض قبل عودة بنيامين نتنياهو المحتملة إلى السلطة، ولكن لمنع الفوضى في الجيش واتخاذ قرار قبل بدء دوامة الانتخابات الجديدة.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي