أخبارالشرق الأوسطترجماتشؤون دولية

محلل عسكري “إسرائيلي”: “خطة نصر الله” ابتزازٌ سياسي وأهدافٌ عسكرية

#ترجمة_الهدهد

اعتبر المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية “رون بن يشاي” أن الخطوات التي ينفذها حزب الله في الفترة الأخيرة لا تنبع فقط من فقدان الردع بسبب الأزمة السياسية والاجتماعية في كيان العدو، بل تعكس القناعة لدى الحزب وقادته بالضعف الذي يتملك الكيان كل ذلك بالطبع، بتشجيعٍ وتنسيقٍ مع الإيرانيين، وبالتالي يسمحان لنفسيهما بالمزيد من استفزازات التي تصاعدت مؤخرا، بهدف زيادة عدم ثقة “الجمهور الإسرائيلي” في حكومته الحالية.

 أهداف عسكرية

واعتبر “بن يشاي” أيضا أن إنشاء “بؤرة أمامية” لحزب الله على بعد بضع عشرات من الأمتار من الحدود قبل بضعة أشهر، فضلا عن الاستفزازات الأخرى التي بدأها حزب الله على طول الحدود اللبنانية له أهداف عسكرية على ما يبدو.

وحذّر “يشاي” من أن نصر الله، واستنادا إلى اعتبارات لبنانية داخلية – المأزق السياسي والأزمة الاقتصادية المستمرة في البلاد – لديه مصلحة، وفقا للتقديرات “الإسرائيلية”، في بضعة أيام من المعركة مع جيش العدو، وبالتالي فهو يريد تحسين مكانته في الساحة اللبنانية.

 وفي “إسرائيل”-لأسباب مختلفة- ليس لديها مصلحة في إعطاء نصر الله ما يريده في بداية هذا الصيف، لكن مصدرا رفيعا قال لموقع لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية إن “وقته سيأتي، وليس في المستقبل البعيد”.

 بالإضافة إلى ذلك، فإن هدف نصر الله هو تخريب وتعطيل مشروع “الحجر المتشابك”(العائق الحدودي) الذي تبنيه “إسرائيل” على طول الحدود اللبنانية من أجل منع، – أو على الأقل جعله صعبا- وإبطاء تغلغل قوات حزب الله الخاصة في الأراضي المحتلة خلال أي معركة كبيرة في المستقبل.

هذه هي نية حزب الله، التي سبق أن أعلنتها المنظمة ونصر الله علنا عدة مرات، وهي تسلل وحدات “قوة الرضوان” إلى الأراضي المحتلة، من أجل الاستيلاء على المستوطنات المحاذية للسياج على الحدود اللبنانية ومواقع جيش العدو ومفارق الطرق الرئيسية على في المنطقة الشمالية.

 وينوي حزب الله الاستيلاء على بعض المستوطنات من أجل خطف الرهائن والمستوطنين والجنود واحتجازهم من أجل تحقيق نصر على مستوى الوعي.

حتى إن حزب الله قال ذلك صراحة، ووزع أيضا خريطة توضح كيف ينوي التسلل إلى الأراضي المحتلة على طول ستة طرق للهجوم – بين المطلة وراس الناقورة حتى إن “قوة الرضوان” استولت مؤخرا على مواقع أمامية بالقرب من الحدود تحت ستار “حراس الغابات”، دون إخفاء أن بعض هؤلاء “حراس الغابات” مسلحون. وقبل حوالي شهرين، أجرت “قوة الرضوان” تمرينا كبيرا يحاكي خطة الهجوم هذه.

العائق الحدودي

ما لا يقوله نصر الله ولا ينشره حزب الله هو أن العائق الحدودي الذي يبنيه “جيش العدو الإسرائيلي” يقلقه كثيرا.

 هذا المشروع، الذي يجمع بين سياج فولاذي عال، وجدار في أقسام معينة، وأجهزة تحذير ومراقبة متطورة، يمكن أن يحبط تماما هجوم حزب الله، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه يشمل منحدرات اصطناعية عالية جدا سيتعين على عناصر حزب الله تسلقها وإضاعة ساعات طويلة إذا أرادوا الاقتراب من المستوطنات أو البؤر الاستيطانية، وسيستخدمها جيش العدو هذا الوقت للتحضير لإحباط هجوم وشن هجوم مضاد.

هذه العقبة الهندسية تقترب من نهايتها، ومن الواضح تماما أن هذا يشكل مصدر قلق كبير للمنظمة اللبنانية، التي تعرضت خططها للهجوم على الأراضي المحتلة لضربة قاتلة في حملة “درع الشمال”، التي انكشفت فيها الأنفاق التي حفرتها والتي كانت تنوي من خلالها اقتحام الأراضي المحتلة.

ومن شأن مشروع “الحجر المتشابك” الهندسي أن يحبط إلى حد كبير، بمجرد اكتماله، هجوما ميدانيا لـ”قوة الرضوان”، مستفيدا من التضاريس الكثيفة والوديان العميقة لمنطقة الحدود الشمالية، من أجل الوصول إلى أهدافها في الأراضي المحتلة سرا وتحت غطاء كثيف من النيران.

لذلك، يحاول حزب الله إحباط وتعطيل استكمال هذا الجدار، من خلال الاستفزازات، وخاصة تخريب الجدار الحديدي والابتزاز السياسي.

كما تبيّن أن نصب الخيمة والحاوية داخل الأراضي المحتلة كان محاولة لابتزاز “إسرائيل” لحملها على تغيير مسار السياج في منطقة “قرية الغجر”، التي تقع على الحدود مباشرة، ويدّعي حزب الله أن نصف القرية يقع في الأراضي اللبنانية، ويحاول منع بناء السياج على حافة القرية المواجهة للأراضي اللبنانية، بحجة أن العمل يجري في الأراضي اللبنانية.

ما هي نوايا حزب الله الحقيقية؟ نحن نعرفهم لأن حزب الله حاول مرتين على الأقل في الماضي التسلل إلى الأراضي المحتلة عبر قرية الغجر. وقد أحبطت المحاولات قبل بضع سنوات، ولكن لا تزال قرية الغجر والمستوطنات “الإسرائيلية” المحاذية للسياج نقاط ضعف ينوي حزب الله التسلل إليها عبر “قوة الرضوان”.

وكشف حزب الله نواياه عندما اشترط مؤخراً، من خلال الوسيط الأمريكي “عاموس هوشستين”، “خطته التوفيقية”، والتي بموجبها ستحول “إسرائيل” مسار السياج في منطقة الغجر، ثم يقوم حزب الله في المقابل بإزالة “البؤرة الأمامية” التي بناها.

هذا الشرط هو في الواقع ابتزاز، ويشير إلى ما أعلنه نصر الله بان “إسرائيل” تخشى من مواجهته منذ سنوات قليلة، لذلك لم يؤذي جيش العدو رجاله الذين حاولوا اختراق موقع “غلاديولا” في “هار دوف”.

مظاهرات السياج

يجب أن نتذكر في هذا السياق أن ما يسمى بـ “المظاهرات المدنية البريئة” هي طريقة عمل قديمة لحزب الله – هكذا أطاحوا بالدفاعات في المنطقة الأمنية للجيش وجيش لبنان الجنوبي في جنوب لبنان في عام 2000.

بدأ الأمر بـ “مظاهرة بريئة” بأن “جيش العدو الإسرائيلي”، بأمر من رئيس أركانه آنذاك “شاؤول موفاز”، لم يطلق النار على المشاركين.

ثم دخلوا لمواقع جيش لبنان الجنوبي دون عوائق، ما تسبب في هروب جماعي، واضطر جيش العدو، الذي كان يخطط لمغادرة المنطقة الأمنية على أي حال، إلى إخلائها بسرعة.

ويواصل حزب الله استخدام المظاهرات المدنية و”أعمال الشغب” حتى يومنا هذا، والآن تهدف معظم جهوده إلى إبطاء وتعطيل العمل على “الحجر المتشابك” من أجل تمكين “قوة الرضوان” من الهجوم على الأراضي المحتلة.

وحتى وقت قريب، لم يتخذ جيش العدو أي إجراء قوي ضد هذه الاستفزازات، ويرجع ذلك أساسا إلى “الردع” المتبادل بين كيان العدو ولبنان في السنوات الأخيرة.

 ووفقا لمعادلة الردع هذه، التي صاغها نصر الله، فإن كل ضحية لبنانية ستقابل ببضعة أيام من المعركة التي سيقوم فيها حزب الله بإطلاق الصواريخ والقذائف على المستوطنات الشمالية، والصواريخ المضادة للدبابات على “جيش العدو الإسرائيلي” على الحدود الشمالية.

لقد قبلت “إسرائيل” وجيشها ضمنيا وتوافقيا قواعد لعبة نصر الله، والاستفزازات الأخيرة هي أيضا جزء من هذه الظاهرة.

 ولكن هذه المرة، لديها هدف عسكري، ولن يسمح “جيش العدو الإسرائيلي” لـ “حزب الله” بالتمتع بضبط النفس “الإسرائيلي” لفترة أطول.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي