أخبارأخبار رئيسيةأصداء الشارع "الإسرائيلي"شؤون فلسطينية

وضع ينذر بتصعيد لم نره منذ سنوات عدة

ترجمة الهدهد
“إسرائيل اليوم”/ يوآف ليمور

ينغمس الجمهور عميقا في لجة الأعياد، لكن واقع الإجازات­ والترفيهات متعلق في هذه اللحظة بشعرة، أو بشكل أدق، بجودة المعلومات الاستخبارية لدى الشاباك، وبمهنية الإحباط لدى قوات الجيش والشرطة، يصل هذا النشاط إلى علم الجمهور فقط عندما تقع أحداث استثنائية، مثل النشاط الذي نفذ أمس في مخيم اللاجئين جنين وقتل فيه أربعة مسلحين فلسطينيين، اثنان منهم مطلوبان.

في هذه الحالة أيضا معلومات دقيقة من الشاباك أوصلت مقاتلي وحدة المستعربين من حرس الحدود إلى شقة اختباء المطلوبين؛ في الاجتياح فُجرت تجاه القوات عبوة ناسفة كبيرة، لو كان تم تسريبها إلى “إسرائيل” لكان من شأنها أن توقع إصابات عديدة.

تم اجتياح جنين في وضح النهار لسببين:

الأول: استخباري – عملياتي، فقد أشارت المعلومة إلى أن المطلوبين يوشكان على محاولة تنفيذ عملية إطلاق نار أخرى نحو سيارات أو معسكرات “للجيش الإسرائيلي” في الليلة الأخيرة – مثل العمليات التي سبق أن نفذاها مؤخرا. وعليه فقد كانت حاجة للعمل على اعتقالهما أو اغتيالهما فورا.

الثاني: كان ردعيا فالمسلحون في المخيم مقتنعون تماما بأن الجيش يعمل أساسا في الظلام بسبب تفوقه بالوسائل وبالتكنولوجيا، أما النشاط في النهار فحين يكون المخيم يقظا ونشطا، وعلى مايبدو أيضا خطيرا، وقد كان يهدف ذلك أيضا الإظهار بأن “إسرائيل” لا تخشى الاحتكاك بل العكس: تبحث عنه كي لا تسمح للمطلوبين بالحصانة.

مثلما حصل في حالات سابقة في الأسابيع الأخيرة، هذه المرة أيضا كان بعض القتلى نشطاء في أجهزة الأمن الفلسطينية، هذا يدل على ظاهرتين تقلقان “إسرائيل” منذ زمن بعيد، لكنهما تتصاعدان بوتيرة خطيرة.

الأولى: فقدان السيطرة المتزايد للسلطة الفلسطينية في شمال الضفة، جنين ومخيمها كانا أول من أعلن عن الاستقلال، و”الفوضى” تنتشر بسرعة جنوبا، باتجاه نابلس وما بعدها – إلى رام الله ومع وراءها، العنف أمس وجه تجاه “القوات الإسرائيلية”، لكن في حالات عديدة يوجه إلى الداخل – نحو أهداف السلطة الفلسطينية التي تجد صعوبة (أو غير قادرة) على أن تسترد لنفسها السيطرة في الميدان.

تقلق “إسرائيل” من مشاركة أفراد من أجهزة السلطة الفلسطينية الأمنية في المواجهات ليس بسبب كثرة الأسلحة التي في أيديهم بل من تحول الشريك أو الزميل إلى عدو محتمل.

بديل للتدهور …

الظاهرة الثانية هي ازدياد عدد النشطاء في أجهزة الأمن الفلسطينية الذين يشاركون في أعمال المقاومة  أو يطلقون النار نحو قوات “الجيش الإسرائيلي” أثناء الاعتقالات. هذا برز أمس في جنين، حين حاول عنصر من الأجهزة إطلاق النار نحو القوات وتم تصفيته، هذه الظاهرة مقلقة ليس فقط بسبب كثرة الأسلحة في أيدي الأجهزة ونوعيتها بل لأنها تصبح مشاركة فتستوجب من الجيش والشاباك أن يتعاطى مع من كان من المفترض أن يكون شريكا  كعدو محتمل.

وبما أن “التعاون الإسرائيلي الفلسطيني” ثبت كحيوي لتهدئة الوضع، مطلوب استخدام كل وسيلة ممكنة – سياسية، اقتصادية أو أمنية – لإعادة تأهيله في أقرب وقت ممكن، فالبديل لذلك هو استمرار التدهور والارتفاع في عدد محاولات العمليات وفي حجم أعمال الإحباط الإسرائيلية، والتي كما هو مألوفا، ستجلب معها المزيد من الضحايا ومزيد من محاولات تنفيذ الهجمات. والدليل على ذلك يمكن العثور عليه في نطاق الإنذارات  من الهجمات المسلحة، والتي تتطلب زيادة الجهد الدفاعي والهجومي في الضفة الغربية وفي مناطق الخط الأخضر.

الأسابيع القريبة القادمة خطيرة على نحو خاص على خلفية الأعياد، واقتحامات المستوطنين القدس وتجمعات المستجمين والمتنزهين، وعليه فقد عزز الجيش قواته في المناطق – كما عززت الشرطة قواتها في وسط المدن، هذا الجهد الذي كان في أساس تقييم الوضع لدى رئيس الأركان كوخافي وقيادة المنطقة الوسطى أمس سيتعاظم في الأيام القادمة لكن من المشكوك فيه ما إذا كان سيكبح اتجاه التصعيد الحالي.

لهذا الغرض سيكون مطلوبا قوات كبيرة من داخل السلطة الفلسطينية وخارجها والتي يبدو أنها غير موجودة الآن. العكس هو الصحيح: الجهات الفاعلة في الميدان سلبية في معظمها، بقيادة حماس. من هنا أيضا يمكن أن نفهم تقويم الوضع الغامض جدا الذي تصدره “الاستخبارات الإسرائيلية” بأذرعها المختلفة والتي بموجبها “منطقة يهودا والسامرة” تقف الآن أمام احتمال متفجر لم نشهد له مثيل منذ سنوات عديدة.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي