أخبارترجماتشؤون عسكرية

انتهاء عملية بلا حسم.. لمحة عن نظرية “نتنياهو” الأمنية

#ترجمة_الهدهد

عمليات “الحزام الأسود وحارس الأسوار والدرع والسهم” ليست سوى عدد قليل من العمليات العسكرية في قطاع غزة، التي انتهت في السنوات الأخيرة دون حسم واضح، وخلافاً للخطاب العدائي من قبل أعضاء الحكومة ورئيسها، أصبح من الواضح الآن أن هذا السعي لإنهاء القتال ليس من قبيل الصدفة، والحقيقة أن مسودة “وثيقة العقيدة الأمنية لرئيس الوزراء” التي يُكشف عنها الآن للمرة الأولى قد تفسر استعداد “نتنياهو” للتوقف حتى من دون حسم المعركة بشكل لا لبس فيه.

“نتنياهو” أنهى كتابة الوثيقة قبل خمس سنوات، وتعد الوثيقة التي تعرض “المفهوم الأمني 2030″، من أكثر المشاريع طموحا في عهده، وقد صاغها على مدى عامين، وتهدف إلى عرض التهديدات المتوقعة لـ”إسرائيل” اعتبارًا من عام 2020 لمدة عقد من الزمن، والاستثمار في الميزانية المطلوبة لبناء القوة والطريقة التي ستتعامل بها “إسرائيل” مع أعدائها في قيادة المنظومة الأمنية ولكن لم يتم الكشف عنها لعامة الناس.

والوثيقة التي تم الكشف عنها بمساعدة جمعية “النجاح” هي إحدى مسودات “العقيدة الأمنية” لـ”نتنياهو”، تم تصنيف الوثيقة في الأصل على أنها “سرية للغاية”، ولكن تم تحديثها لاحقًا لتصبح غير سرية، الوثيقة المطبوعة، التي تخضع للرقابة جزئيا، تتضمن تدقيقا لغويا وتصحيحات لكلمات مكتوبة بخط اليد، ما قد يشهد على شكوك وترددات رئيس الوزراء المختلفة، في ذلك الوقت، وربما حتى اليوم، فيما يتعلق بمفهوم الأمن الذي يروج له.

وبالتالي، تحتوي الوثيقة على نسختين من استعداد “نتنياهو” الواضح لوقف العمليات العسكرية حتى قبل الحسم العملياتي الواضح، وجاء في النسخة الأولى: “عندما لا يكلفنا عدم حسم المعركة ثمنًا باهظًا فمن الممكن إنهاؤها دون حسم لا لبس فيه، وبجانبها ظهرت إمكانية صياغة نسخة أخرى تنص على أنه “في المواجهات التي لا يتطلب فيها الإنجاز السياسي المطلوب هزيمة العدو، في مثل هذه الحالة سيكون الرد المحدود مناسبا”.

الوثيقة، التي اكتملت في العام السبعين لدولة “إسرائيل”، توضح بالتفصيل كيفية التعامل مع التهديدات التي تواجه “إسرائيل” “لضمان وجود دولة إسرائيل في السبعين سنة القادمة”، إن عبارة “السبعين سنة القادمة” مشطوبة بالقلم، وكُتب مكانها “في المستقبل المنظور”.

ووفقاً لمبدأ “نتنياهو”، يجب على “إسرائيل” انذار أو هزيمة أي عدو يهدد بإلحاق إصابة قاتلة بنا أو بتدميرنا”، ووفقا للوثيقة، يجب على “إسرائيل” أن تفعل ذلك من خلال تعزيز أربع نقاط قوة باستمرار: الأمنية، والاقتصادية، والسياسية، “وقبل كل شيء القوة الروحية”.

وكجزء من المفهوم الأمني للدولة، تصف الوثيقة أيضًا أهمية الطابع الديمقراطي لـ”إسرائيل” وحصانتها الوطنية، وهما مصطلحان يتحدا هما “نتنياهو” نفسه هذه الأيام مع التقدم في الانقلاب على النظام القضائي.

وهكذا، في الفقرة التي تتناول “عدالة الصهيونية” – والتي كان المقصود منها في الأصل التأكيد على أهمية القيم الديمقراطية في البلاد – تم حذف العبارة التي تنسب لإسرائيل “نظام ديمقراطي مستنير”، وتظهر الإشارة إلى الديمقراطية الإسرائيلية في نفس السطر في النص المعتاد الذي بموجبه “إسرائيل دولة يهودية وديمقراطية تحافظ على الحق القومي للشعب اليهودي في دولته والحقوق الفردية لمواطنينا”.

في القسم الذي يتناول القوة العسكرية لـ”إسرائيل”، جاء أنه “سيكون لدينا أفضلية نسبية على أعدائنا في الحصانة الوطنية للشعب، في محاربينا الذين تنبض فيهم روح الصهيونية وعلى أكتافهم يتوقف مصير المعركة. سوف ننتصر بمزيج من القدرات التكنولوجية والعملياتية، والتفوق الجوي والاستخباراتي، ومعرفة بأن أولئك الغير مستعدين للقتال من أجل وجودهم لن يبقوا على قيد الحياة”.

يشير “نتنياهو” أيضًا في الوثيقة إلى تحالفات “إسرائيل” الدولية، “في المقام الأول التحالف الاستراتيجي والقيمي مع الولايات المتحدة”، ويذكر أنها ستساعد البلاد بالفعل في أوقات الحرب، لكنه يوضح: “يجب أن نكون مستعدين دائمًا للدفاع عن أنفسنا لوحدنا وبقوتنا، وتنص المسودة أيضًا على أنه “بين الحروب سنعمل على إلحاق الضرر بعمليات بناء قوة العدو تحت عتبة الحرب، لا يمكننا أن نسمح لعدونا بمراكمة وتعزيز قوته بما تجاوز العتبة التي لا رجعة فيها أو إعطاء تحذير بمفاجأة استراتيجية (محذوف: سننفذ ضربة استباقية)”.

وتنص المسودة أيضًا على أن “الجيش الإسرائيلي” سوف يتغلب بشكل لا لبس فيه وبسرعة على القوة العسكرية للعدو، من أجل إبعاد الجبهة الداخلية عن مدى الضرر ومنع العدو من تحقيق إنجازات كبيرة (مثل احتلال المستوطنات القريبة من الحدود). إن هزيمة العدو ستتحقق عندما يتم حرمانه من رغبته في مواصلة القتال وعندما تتضرر قدرته على المقاومة بشكل كبير. بهذه الطريقة سنتجنب الحرب المقبلة”.

وينص أحد البنود على أن “إسرائيل” ستبقى القوة المسؤولة عن الأمن في كامل المنطقة غرب نهر الأردن وستحافظ على حرية العمل في هذه المنطقة بما يتوافق مع الاحتياجات الأمنية”.

في أغسطس 2018، بعد تقديم الوثيقة النهائية لمجلس الوزراء، أدلى “نتنياهو” بتصريح جاء فيه: “نظرًا لمساحة أراضينا الصغيرة، وتركز السكان وتعدد التهديدات من حولنا، فإن احتياجات “إسرائيل” الأمنية ستكون دائمًا أكبر بكثير من تلك التي لدى كل دولة بحجم “إسرائيل”، إن الاقتصاد “الإسرائيلي” اليوم قوي بما يكفي للسماح بهذه الإضافة، وعلى أي حال، سيتم تحقيق الزيادة مع الحفاظ على إطار ميزانية مسؤول”.

المصدر| هآرتس/يهونتان ليس

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي