الإضرار بميزانيات المجتمع العربي سيؤدي لتقويض “الأمن” في الكيان

ترجمة الهدهد
إن نية حكومة العدو الواضحة في التقليص من ميزانياتها التي تمت الموافقة عليها كجزء من الخطط الخمسية للمجتمع العربي، له جوانب قانونية إشكالية، وتداعيات اقتصادية خطيرة وعواقب اجتماعية وخيمة.
تمت الموافقة على الخطة الخمسية للمجتمع العربي للأعوام (2022-2026) في فبراير 2023، كجزء من ميزانية الكيان، وهي تستند إلى المفهوم الذي شكل الخطة الخمسية الأولى للوسط العربي (922، ديسمبر 2015) التي قبلتها حكومة العدو بقيادة “بنيامين نتنياهو”.
إن نية وزير مالية العدو “بتسئليل سموتريتش” تجميد ميزانيات السلطات المحلية العربية (ومحاولته وقف موازنة طلاب شرقي القدس)، وكذلك مطالبة حزب “عوتسما يهوديت” بوقف الخطة الخمسية 550 وإيقافها واجراء مناقشة جديدة لمكوناتها، تتناقض مع ما سبق، وتفسر بأعذار خالية من أي دعم مهني.
فيما يتعلق بتمويل السلطات المحلية، ادعى “سموتريتش” أن هذه الميزانيات تتدفق إلى المنظمات الإجرامية، متجاهلًا عمل هيئة المقر الشامل الذي تم تنفيذه كجزء من برنامج “المسار الآمن” في حكومة العدو السابقة، والذي تم تقديمه في مايو 2022، والذي أهم ما جاء فيه هو إنشاء مسارات تمويل آمنة للسلطات المحلية، وكان كل ما يجب القيام به هو تنفيذ التغييرات التنظيمية او الهيكلية المقترحة وآليات الرقابة عليها.
وفيما يتعلق بنية إيقاف الخطة الخمسية بالكامل من أجل إجراء نقاش جديد، فإن الادعاء هو بأن هذه أموال خصصت في حكومة العدو السابقة ضمن الاتفاقات الائتلافية وأن هذا فيه استمرار إشكالي لسياسة التمييز ضد اليهود، مع إعطاء سيطرة غير مسبوقة للعناصر المناهضة للصهيونية في إدارة الوزارات الحكومية، وذلك بعد أن تمت الموافقة على الخطة بالفعل من قبل حكومة “نتنياهو” الحالية كجزء من ميزانية الكيان.
وفي القرار الخاص بالخطة الخمسية للأعوام 2023-2028 لـ”شرقي القدس”، والذي أقرته الحكومة بتاريخ 23.5.2023، تقرر أن تقليص الفجوات هو هدف لحكومة العدو، توليه أهمية عالية.
ومن حيث المبدأ، فإن اقتطاع الموازنات المخصصة في خطط تنمية المجتمع العربي، حتى لو لم يتحقق بشكل كامل، إلا أنه يشير إلى اتجاه أيديولوجي، يقوم على أساس الإقصاء القومي المناهض للعرب.
الجوانب القانونية
وفي نوايا “سموتريتش” المعلنة مخالفة قانونية صارخة واستهتار بقرارات حكومة العدو السابقة، إن استمرارية الحكم هي جزء من المبادئ الأساسية للقانون العام في الكيان، ومبدأ مهم في أي نظام “ديمقراطي” يلتزم بضمان استقرار النظام، ومبدأ الاعتماد على الوعود الحكومية يكتسب صلاحية أكبر على وجه التحديد في النظام الديمقراطي البرلماني الذي يفتقر إلى أطر دستورية واضحة، كما هو الحال في الكيان، حيث تجرى انتخابات الكنيست في فترات زمنية قصيرة تتراوح من سنة إلى أربع سنوات، جانب آخر يتعلق بالواجب الدستوري الواضح المفروض على حكومة العدو المتمثل في التصرف بشكل عادل تجاه جميع السكان، إن الإخلال بالوعود الحكومية على أساس الهوية السياسية أو الوطنية أو الدينية وغيرها، يعد انتهاكاً خطيراً لمبدأ المساواة.
العواقب الاقتصادية والاجتماعية
الثمن الفوري للقرارات المذكورة، إذا تم تنفيذها، هو ضرر حقيقي في توفير الخدمات الأساسية المستمرة للسكان العرب ووقف عمليات التنمية الضرورية، التي بدأت في السنوات الأخيرة، وهذا سيضر بالسلطات المحلية العربية الضعيفة وبتطور محركات النمو للسكان العرب، المصممة لخلق فرصة للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من خلال التكامل بين السكان، إن الافتراض بأنه يمكن السيطرة على الأقلية من خلال الإقصاء الاقتصادي هو افتراض خاطئ، وقد يؤدي إلى اتجاه معاكس، تعميق مشاعر الإحباط والكراهية الممزوجة بالقومية وقد تؤدي إلى العنف، هذا، خاصة والمجتمع العربي ينزف دماً بسبب كثرة حالات العنف التي يعيشها.
إن النية المحددة لتجميد تحويل الميزانيات إلى السلطات المحلية العربية، التي تعاني من الأصل من نقص مصادر التمويل، هو أمر مصيري وحاسم بالنسبة لها، إن تحصيل ضرائب الأملاك في البلدات العربية أقل بأربع مرات في المتوسط منه في المستوطنات اليهودية، وذلك بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني وعدم وجود دخل كبير من ضريبة الأملاك التجارية.
على مر السنين، أثر انخفاض الدخل على درجة توفير التعليم والرعاية الاجتماعية للسكان من قبل السلطات العربية، ما أدى إلى إدامة الفوارق، علاوة على ذلك، قامت السلطات العربية بالفعل بتخطيط ميزانياتها على أساس الموازنة الحكومية المحددة في الخطة الخمسية، وبدون تحويل الأموال، قد تواجه السلطات عجزاً كبيراً، مما سيضطر إلى خفض ميزانيتها.
إن التآكل المتوقع في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين العرب سيضر بمستوى معيشتهم على المدى القصير والمتوسط.
سيؤدي تآكل الموارد المخصصة للإسكان إلى تقليل توفر الأراضي للسكن وإنشاء المؤسسات العامة، وسيضيف عوائق في مجالات التخطيط الحضري وسيضعف اللجان المحلية والوحدات الهندسية في السلطات المحلية.
ومن المتوقع أيضًا أن يؤدي تنفيذ النية التي تمت مناقشتها إلى الإضرار بالمعالجة الصعبة لظاهرة الشباب العاطلين، الأمر الذي قد يؤدي إلى مزيد من توسع انتشار العنف والجريمة في المجتمع العربي، فمنذ بداية العام، تزايدت هذه الظاهرة إلى درجة غير مسبوقة، حيث وصل عدد القتلى من الرجال والنساء في المجتمع العربي ضعفي الأرقام القاسية في السنوات السابقة، إن العلاقة بين الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدني والعنف والجريمة واضحة ومثبتة بشكل عام، وفي المجتمع العربي في الكيان، بشكل خاص، كما يجب الافتراض أن الإضرار بخطط المجتمع العربي سيسبب الإحباط والغضب الذي سيتوجه نحو الجمهور اليهودي وحكومة الكيان، ويتجسد في تفاقم ظواهر الجريمة والعنف والتنمر، والتي ستؤدي أيضاً إلى تفاقم هذه الظاهرة، والتي ستمتد إلى المناطق اليهودية.
ملخص وتوصيات
منذ تشكيل حكومة “نتنياهو” الحالية، تزايدت مخاوف الجمهور العربي من تدهور ممنهج من قبل جهة رسمية في وضعه، والتقارير عن التقليصات المتوقعة في الخطط الخمسية تحول هذا القلق العام والمبدئي إلى قلق ملموس ومباشر وصارخ، صحيح أن الحديث في هذه المرحلة يدور عن نوايا، محددة إذا جاز التعبير، إلا أن الاتجاه بعيد المدى واضح: زيادة إقصاء العرب في الكيان على أساس اعتبارات قومية، كما يشهد تبرير النوايا التي تمت مناقشتها على ذلك، لا يزال أمام حكومة “نتنياهو” الكثير لتفعله من أجل تعظيم الاستفادة من استثمارات الميزانية في المجتمع العربي، ومع ذلك، إذا تحقق هذا الاتجاه وتزايد، فإنه سيكون تغييراً استراتيجياً نحو الأسوأ.
في “إسرائيل”، حيث تعيش أقلية قومية كبيرة، وهي جزء من الشعب الفلسطيني الذي ينظر إليه الكثيرون على أنهم “عدو”، فإن مثل هذا التغيير في ميزان العلاقات بين الأغلبية والأقلية سيكون له عواقب سلبية بعيدة المدى.
قد تؤدي انتهاكات المبادئ الأساسية للمساواة واحترام الأقلية إلى فوضى حكم وأعمال عنف واسعة النطاق، ومن الضروري وقف التحركات الضارة أيضاً لما لها من تأثير سلبي على صورة الكيان في المجتمع الدولي، خاصة في الولايات المتحدة ولدى غالبية الجمهور اليهودي هناك.
المصدر: معهد أبحاث الأمن القومي/ أفرايم لابي.. مئير الران.. محمد وتد.. إستبان كلور.. تومر فدلون.. ديرك ليف
Facebook Comments