أخبارأصداء الشارع "الإسرائيلي"شؤون فلسطينية

هدف “الانقلاب القضائي”: الضم ونكبة ثانية

#ترجمة_الهدهد:

في كانون الثاني 2023 أعلنت حكومة “نتنياهو” عن خطة لإقامة نظام داخلي جديد في “إسرائيل”، “الإصلاح لتعديل باراك”، سمى ذلك من يؤيدون العملية.

في الأشهر التي سبقت يبدو أن قناع “التعديل” قد تمزق، هدف “ياريف لفين” و”بتسلئيل سموتريتش” و”ايتمار بن غفير” و”سمحا روتمان” وشركاؤهم ليس تعديل جهاز القضاء، بل خطوة من أجل تأسيس نظام ديكتاتوري في “إسرائيل”، والواضح للجمهور هو الهدف السياسي من محاولة تحقيق سيطرة كاملة على قوة “الدولة في إسرائيل”.

ما هي الاستراتيجية التي تقف من وراء عملية إبعاد التوازنات و الكوابح في نظام الحكم هنا؟، يبدو أن القصد هو مراكمة قوة من أجل القوة، لكن في هذا المقال سأحاول التوضيح بأن هناك تفكيرا وخطة بعيدة المدى من وراء محاولة “الانقلاب القضائي”.

المبادرون إليها يقومون بعمل محسوب من أجل خلق واقع سياسي يستطيعون فيه استخدام قوة “الدولة” بدون أي قيود، وتطبيق أفكارهم وسياستهم في كل الأراضي المحتلة، من البحر إلى النهر، هم يريدون إقصاء المحكمة العليا عن الطريق من أجل تحقيق حلمهم: “أرض إسرائيل” الكاملة التي ستكون السيادة فيها لليهود فقط.

معظمهم لا يخفون أن هذا هو “حلمهم” الذي يتعارض بشكل كامل مع القانون الدولي والأخلاق الإنسانية، “أرض إسرائيل” بالنسبة لهم هي وطن الشعب اليهودي، وحسب رأيهم فقط هو من له الحق في السيادة فيها، الآخرون لا توجد لهم حقوق، وبالتأكيد ليس حقوق جماعية، إذا كانوا يقولون عكس ذلك يجب محاربتهم، وإذا عارضوا يجب إبعادهم من البلاد، هذه كانت بالتأكيد رؤية “مئير كهانا”، والكهانيون في الحكومة تبنوا نظرية الترحيل التي كان يحملها ولكن هذه أيضًا نظرية “التيار الصهيوني الديني” الذي يترأسه “سموتريتش”، ومقاله بعنوان “خطة الحسم” توصي “الإسرائيليين” بالتعرف عليها، جمهور واسع من المستوطنين، الذين تماهوا قبل خمسين سنة تقريبا مع “غوش ايمونيم”، اقتربوا كثيرا من رؤية “سموتريتش”.

حلم الكهانيون لا يمكن تحقيقه في فترة قصيرة، هم يعرفون ذلك أيضا، لذلك، هم يريدون ضمان حكم اليمين لسنوات كثيرة، حتى لو كانت خطتهم في هذا المجال غير بارزة الآن، إلا أن هناك ما يكفي من الدلائل على أنها تستند إلى تقييد تمثيل الفلسطينيين من “مواطني الدولة” في الكنيست، ماذا سيكون الأسلوب القانوني لفعل ذلك؟ حتى الآن غير معروف، ولكن من الواضح أن محكمة عليا مستقلة ستكون عائق حقيقي أمام تطبيق هذه الخطة.

ما الذي يفكر فيه الشركاء الآخرون في حكومة “نتنياهو” حول تطبيق حلم “أرض إسرائيل” الكاملة، الحريديون نسوا منذ زمن أفكار ورؤى رؤساء المعسكر الحريدي السابقين، الحاخام “اليعيزر شاخ” والحاخام “عوفاديا يوسيف” لم يؤيدا طلبات المستوطنين بسيادة يهودية كاملة على كل “أرض إسرائيل”، الحذر هو من وجه رؤساء الحريديين في حينه بأن لا يتحدوا العالم غير اليهودي، والاعتراف بتوازن القوة وربما حتى بحقوق الآخرين في البلاد، ولكن الكثير من الحريديين ومن أحزابهم تنازلوا مع مرور الوقت عن المقاربة المعتدلة هذه واقتربوا جدا من وجهة نظر الكهانية ومن جمهور المستوطنين.

من أجل فهم سياسة الليكود الذي يترأسه رئيس الحكومة مطلوب تحليل منفصل، الحزب الذي فاز في انتخابات 2022 لا يتصرف منذ فترة طويلة مثل حزب عادي، ظل “نتنياهو”، المتهم بمخالفات جنائية، يحوم فوق الحزب وسيطرته عليه حتى الآن على الأقل مطلقة، اعتباراته شخصية جدا، ونظرته موجهة بالأساس إلى المحكمة التي تناقش منذ ثلاث سنوات قضيته. حتى نهاية 2022 تجنب “نتنياهو” دائما اعتبار نفسه (والليكود) مع الكهانيين (هل تذكرون؟ إنه رفض التقاط أي صورة مع بن غفير” في “كفار حباد”. لقد حاول إدخال إلى حكومته ممثلين عن أحزاب الوسط، ولكن منذ تشرين الثاني 2022 تغيرت سياسته. فقد أزال كل تحفظ عن الشراكة مع الكهانيين ومع الذين يدفعون الى تطبيق سياسة اسرائيل من البحر وحتى النهر.

“نتنياهو” والجناح المتطرف في حكومته يعرفون جيدا أنه في كل البلاد يعيش تقريبا 50٪؜ من اليهود و50 ٪؜ من العرب الفلسطينيين، في المنطقة المحيطة بـ”اسرائيل” يعيش مئات ملايين العرب، من بينهم ملايين اللاجئين الفلسطينيين، ومن أجل تطبيق سيادة “إسرائيل” على المناطق ستكون بحاجة إلى استخدام وسائل وقوة وحشية، ومن أجل فعل ذلك يجب على الحكومة إزالة كل القيود التي من شأن المحكمة العليا أن تضعها، وكذلك كل انتقاد داخلي.

أي أن “نتنياهو” وشركاءه يمهدون الطريق منذ كانون الثاني لنظام ديكتاتوري، لكن في الوقت نفسه أيضًا لحرب ولنكبة ثانية، هم يتحدثون عن ذلك بالقطارة، لكن المعسكر الديمقراطي يجب عليه الفهم بأن هذه هي خطتهم، جزء لا بأس به من اليمين المؤيد لحكومة “نتنياهو” على ثقة بأن هذه هي طريق الخلاص.

لذلك، هذه الخطة مهمة لهم وتبرر في نظرهم المواجهة الداخلية الخطيرة في “إسرائيل”، “نتنياهو” بأفعاله منذ الانتخابات انضم اليهم، أنا اقترح على الجمهور الديمقراطي أن يعرف بأن أعمال الحكومة تعكس أساس رؤية اليمين المتطرف حول النزاع.

الأغلبية الديمقراطية في “إسرائيل” لم يعد باستطاعتها تجاهل النزاع كما فعلت منذ فشل المفاوضات في 2002، وقف المفاوضات من أجل اتفاق مع الجيران تحت ظل الادعاء بأنه “لا يوجد شريك” هو عامل مهم في الوقود الذي يغذي اليمين المتطرف هنا، ومن أجل وقف مؤامراته، في “إسرائيل” وفي الأراضي الفلسطينية، نحن مضطرون إلى العودة والبحث عن اتفاق بيننا وبين الفلسطينيين، اتفاق يعترف بحقوق الفلسطينيين في تقرير المصير وحق فلسطينيي الداخل المحتل في المساواة.

هآرتس / آريه ارنون

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى