أخبارالشرق الأوسطشؤون فلسطينية

عملية حوارة.. هل تفتح الباب للمزيد من العمليات؟

ترجمة الهدهد

العملية التي وقعت أمس في بلدة حوارة وقتل فيه مستوطنان “إسرائيليان”، هي مماثلة للهجمات التي وقعت في الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية “بما في ذلك في حوارة”، وللأسف، يبدو أنه سيتم تنفيذ عمليات مماثلة وربما أكثر خطورة، في المستقبل.

ويأتي الهجوم ليذكر بالتحديات الاستراتيجية المتصاعدة التي يواجهها النظام الفلسطيني، وعلى رأسها زيادة قوة المقاومة الفلسطينية من قبل أفراد أو مجموعات خاصة من جيل الشباب، وليس في إطار المنظمات المؤسسية، وهؤلاء يستمدون الإلهام من التحريض الذي تروج له حماس، وخاصة من خلال الشبكات الاجتماعية، مع وجود “تحريك ” متزايد من قبل إيران، التي تسعى إلى الاستفادة من الأزمة الداخلية في الكيان لتعميق قبضتها على النظام الفلسطيني، وتكثيف تهديدات ضد “إسرائيل”.

حادثة حوارة، تأتي في سياق الهجوم الذي وقع في “تل أبيب” قبل أسبوعين، والذي قتل فيه رجل أمن بلدية “تل أبيب” حين أمير، والذي عكس أيضًا الاستمرارية فيما يتعلق بالتهديدات من قبل النظام الفلسطيني، و في قلب ذلك، “تصدير” المقاومة من شمال الضفة الغربية، وذلك بالرغم من عملية “المنزل والحديقة” في جنين، وعلى الرغم من جهود السلطة الفلسطينية لاستعادة سيادتها في المنطقة، ليس من قبيل الصدفة أن حماس والجهاد الإسلامي، تؤكدان أن سلسلة الهجمات توضح فشل العدو في ردع أو القضاء على المروجين للمقاومة في الضفة الغربية، وقدرتهم على “المضايقة” باستمرار.

يتطلب الهجوم في حوارة نظرة على السياق الاستراتيجي الأوسع، على مدى عقد ونصف تقريبًا، افتقرت “إسرائيل” إلى سياسة منظمة بشأن القضية الفلسطينية، هناك ملاحقة مستمرة للتهديدات الأمنية “الحالية” والتزام مهووس بـ”المبادرات الاقتصادية” التي يُنظر إليها على ما يبدو على أنها استراتيجية، بينما هناك في الخلفية لا يوجد نقاش مؤثر بين القيادة أو الجمهور فيما يتعلق بالواقع، الذي سيعيش فيه الشعبان في غضون سنوات قليلة.

لكن عمليا، يجري الترويج لسياسة سرا “تحت الرادار”، تهدف إلى الاندماج بين “إسرائيل” والضفة الغربية، يعكس عمل الوزير “سموتريتش” جهدًا متعدد الأبعاد، هدفه كما أعلن الأخير مرات عديدة، محو الخط الأخضر والتطبيق التدريجي لـ”السيادة” في الضفة الغربية، وقد تجلى هذا منذ بداية العام في نطاق غير مسبوق من تراخيص البناء الاستيطاني في المنطقة، وفي تخصيص جزء كبير من ميزانية وزارة النقل لتطوير الضفة الغربية، وفي شرعنة 10 مواقع استيطانية، وفي السعي إلى توحيد إداري بين المستوطنات اليهودية على جانبي الخط الأخضر.

كل هذه الخطوات تهدف إلى أن يقود ذلك، حتى بدون إعلانات أو نقاش سياسي عام نشط، إلى واقع دولة واحدة ذات طبقتين مدنيتين منفصلتين، في واقع انهارت فيه معظم الحواجز المادية بين اليهود والعرب، فإن الهجمات الشديدة مثل تلك التي حدثت الليلة الماضية في حوارة ستكون روتينًا يوميًا، وفي أعقابها من المحتمل أن تتطور الاحتكاكات العنيفة بين المجتمعات التي ستعيش معًا في نموذج البلقان الدموي.

يجب ألا يقتصر الرد على الهجوم على الصيغة المعتادة للقبض على المسؤولين عنه أو القضاء عليهم، أو زيادة الجهد الاستخباراتي والتشغيلي، أو حتى الإعلان عن توسيع البناء في الضفة الغربية، في الوقت نفسه، يجب ألا ترقى السياسة العامة لـ”إسرائيل” في السياق الفلسطيني، إلى حد “المبادرات الاقتصادية” تجاه الجمهور الفلسطيني أو السلطة الفلسطينية، والتي لا ترقى إلى مستوى حل المشكلة الأساسية المتمثلة في الانصهار المتزايد بين المجتمعات، ومن المرجح أنها لن تكون أيضًا الحد الأدنى من الشروط لتعزيز التطبيع المستقبلي مع المملكة العربية السعودية.

من أجل مصالحها الوجودية، يجب على “إسرائيل” أن تبدأ في صياغة استراتيجية طويلة الأمد بشأن القضية الفلسطينية، وفي الوقت نفسه تحاول بقدر الإمكان، تعزيز الحوار مع القيادة في رام الله فيما يتعلق بالترتيب المستقبلي، من المحتمل ألا يثمر هذا الحوار إلى اتفاقات واسعة بين الجانبين، أو يؤدي إلى إنهاء العداء والتهديدات تجاه “إسرائيل”، لكنه يكفي إذا تم في اطاره باتفاق او بدون تحديد حدود حقيقية، تخضع للاعتبارات الأمنية لـ”إسرائيل”، تؤدي إلى تضييق خط التماس بين الشعبين.

في غضون أقل من شهر “بدون طبول وأبواق”، سيتم إحياء الذكرى الثلاثين لاتفاقيات أوسلو إلى جانب الجدل الداخلي المؤثر والمهم للغاية حول القضية القانونية، من الضروري أن تبدأ القيادة والجمهور في “إسرائيل”، نقاشًا حول المستقبل في السياق الفلسطيني، والذي لا تقل أهميته عن أهمية القضية القانونية، وقد يتجاوزها، يجب أن يكون هذا الخطاب خاليًا من الأوهام الطوباوية، يستند إلى البيانات (خاصة فيما يتعلق بالمسألة الديموغرافية)، وأن يكون مصحوبًا برؤية أن الوقت لا يلعب لصالح أي من الأطراف.

يجب أن يفهم الجمهور “الإسرائيلي” في هذا السياق أن الوصول إلى نقطة اللاعودة لدولة واحدة سيتطلب أن تكون “إسرائيل” إما يهودية أو ديمقراطية، ولكن لن يكون من الممكن الحفاظ على كلا العنصرين الأساسيين في الوقت نفسه.

القناة 12/ ميخائيل ميلشتاين

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى