أخبارترجمات

مقال رأي:

اللغم الخطير الذي ينتظر “الجيش الإسرائيلي”.. والرجل الذي يستطيع تحييده

ترجمة الهدهد

من أجل فهم برميل المتفجرات الأخطر على الإطلاق “قانون التجنيد” بالنسبة لـ “الجيش الإسرائيلي”، يجب أولاً أن النظر إلى الصورة الأوسع، في الأشهر الستة الماضية مر “المجتمع الإسرائيلي” في تغيير عميق، كجزء من هذا التغيير الاجتماعي، تم إعادة فحص جميع افتراضاته الأساسية بشكل نقدي، في الواقع لقد فتحنا العقد الاجتماعي لـ “إسرائيل” للمناقشة، ولم نقرر بعد الشكل الذي سيبدو عليه العقد الجديد الذي سنوقع عليه، الخدمة في “الجيش الإسرائيلي” والتي هي جزء أساسي منه مفتوحة أيضاً للنقاش.

كما تم تفعيل سلاح يوم القيامة للاحتجاج في “إسرائيل”، وهو الخدمة العسكرية، هناك متطوعين قلقين بشأن الانتهاك أحادي الجانب للعقد الاجتماعي السابق استخدموا هذا السلاح، وبمجرد استخدام هذا السلاح لا يمكن إعادته إلى غمده، فـ “الجيش الإسرائيلي” هو أداة لعبة في الساحة المدنية والسياسية.

هذه التحولات الهائلة ذات الأبعاد الكبيرة، والتغيير الاجتماعي وإدخال “الجيش الإسرائيلي” إلى الساحة السياسية، تقف في خلفية التشريع المتوقع لـ “قانون التجنيد”، وهذا السياق يخلق خلفية جديدة تماماً لهذا القانون، وكما نعلم أن “السياق أهم من الإجراء”.

إن الخلفية هي التي تحدد العواقب الحقيقية لذلك، وفي الوضع الذي نشأ حديثاً، سيؤدي سن “قانون التجنيد ” إلى التسبب في عاصفة تدميرية لا حدود لها، وخطيرة جداً على “إسرائيل”.

إذا تمت الموافقة على القانون في صيغته الحالية في دورة الكنيست القادمة، فسيتم وضع لغم على الطريق الذي يسير عليه جيش الشعب

لمدة 75 عاماً تمكنا بفطنة وذكاء من الهروب من مثل هذه الألغام في الماضي، حيث تحمل من يخدمون في الجيش الكثير، وغضوا الطرف عن الواقع غير المتساوي للتجنيد في الشعب اليهودي، وهذا بسبب وجود شيء آخر أكبر ربطنا جميعاً.

بالرغم من أن الجمهور الذي يؤدي الخدمة، علم أن هناك نقصاً جوهرياً في الإنصاف والعدل، فقد كان لديه تفسير مطمئن، -“الإسرائيلي” العادي الذي يكره أن يكون مغفلاً-، اختار قبول حتى التفسيرات الضعيفة باعتبارها تفسيرات معقولة لعدم المساواة، مثل “الحريديم ليسوا معفيين من الخدمة، وأنه فقط يتم تأجيل خدمتهم، أو التفسير القائل بأن “الجيش الإسرائيلي” ليس بحاجة إلى الحريديم.

الواقع اليوم مختلف، فتشريع “قانون التجنيد” اليوم لن يسمح باستمرار هذا الخداع الذاتي، لأن القانون هو تعبير عن عادة اجتماعية مناسبة وجديرة، وإذا ادعت الدولة أن التهرب من الخدمة هو عادة اجتماعية مناسبة وجديرة فهي إذاً ترسم الطريق إلى التهرب على نطاق واسع.

ما هو هذا القانون الذي سيفكك التجنيد الإجباري ويضعف الجيش ويسبب أزمة اجتماعية عميقة؟

دعونا أولاً نفهم عما يدور الحديث، بصراحة، هذه أربع خطوات أو تحركات تاريخية في مجال الخدمة في “الجيش الإسرائيلي”، كل منها بحد ذاتها مهمة وسابقة، لكن دمجها جميعاً في عجينة لاصقة واحدة أمر خطير ومربك.

  1. تعديل قانون الخدمة الأمنية – قانون إعفاء الحريديم من التجنيد:

لا نعرف كل التفاصيل، لأن القانون لم يعرض على الجمهور بعد، ولكن من القليل الذي نعرفه الآن يمكن فهم الإطار العام، ينص القانون الجديد على أن أولئك الذين درسوا لمدة عامين أو أكثر في مؤسسة تعليمية معترف بها كمدرسة دينية للحريديم سيؤجلون خدمتهم حتى سن 21 عاماً، من أجل مواصلة دراستهم في المدرسة دينية (يشيفا) (أو 23، لم يحدد بعد)، بعد هذا السن سيتم إعفاؤه تماماً من الخدمة العسكرية، ضمنا هو لم يعد ملزماً أيضاً بالدراسة في مدرسة دينية، على عكس مشاريع القوانين السابقة، لا يوجد التزام بحصص تجنيد (سيتم تحديد الحصص من قبل الحكومة).

  1. قانون قيمة الخدمة:

هو قانون يمنح تعويضات مالية لمن يخدمون في “الجيش الإسرائيلي”، ولم يتم تحديد إجمالي التعويضات ومصادر تمويلها، ولكن حسب ما هو معروف الآن، هذه مبالغ كبيرة وليست تعويضات رمزية.

  1. قانون أساس، دراسة التوراة:

يهدف هذا القانون الأساسي إلى خلق توازن ومساواة أمام القانون بين الخدمة في “الجيش الإسرائيلي” ودراسة التوراة، ويهدف القانون إلى ضمان عدم إلغاء “قانون التجنيد” على أساس التمييز وعدم المساواة.

  1. مخطط الخدمة الجديد:

هي مبادرة من الجيش لتحديث مسار الخدمة النظامية والدائمة، بما يتناسب مع التركيبة السكانية المتغيرة والاحتياجات والتطورات المتوقعة في ساحة المعركة المستقبلية.

من ناحية “الجيش الإسرائيلي”، لا توجد صلة بين كل هذه المجالات، وخلطها معاً يخلق مظهراً صعباً للتعويض المالي للتخلي عن قيمة الخدمة، حيث كان الجيش مهتماً فقط بمخطط الخدمة الجديد، كمخطط حيوي للحفاظ على نموذج جيش الشعب، من ناحيتها فإن الأحزاب الحريدية مهتمة فقط بـ “قانون التجنيد” الجديد، الذي يعفي المتدينين الحريديم من الخدمة العسكرية بموجب القانون، فيما اختلطت بقية المبادرات عمداً بهذه الصعوبة الواسعة، لإخفاء القانون نفسه في الضجيج العام.

هذا ما سيحدث بعد لحظة الموافقة على “قانون التجنيد”: انهيار التجنيد الإجباري

إذا كان الأمر كذلك، فلماذا يؤدي “قانون التجنيد” إلى انهيار التجنيد الإجباري؟ في السياق الحالي، سيؤدي القانون إلى ثلاثة ردود فعل معاكسة متوقعة، تراكم الثلاثة يعني شيئاً واحداً، انهيار التجنيد الإجباري.

  1. احتجاج الاحتياط على نطاق أوسع بكثير:

إذا كان العديد من ضباط الاحتياط حتى الآن قد عارضوا استخدام الجيش كأداة للمواجهة السياسية، فمن المرجح أن القانون سيدفعهم للانضمام إلى الاحتجاج، هذه المرة عندما يُطلب منهم الاستمرار في الخدمة بالرغم من إعفاء الدولة لجزء كبير نسبياً من الخدمة، بالرغم من أنهم يرون أنفسهم كمجموعة تتحمل معظم عبء “الاقتصاد الإسرائيلي” والحصانة الاجتماعية للدولة، وبالنظر إلى حقيقة أن التشريع يتعلق مباشرة بـ “الجيش الإسرائيلي”، فإن الكثير سينضمون إلى الاحتجاج على الفور، هذه المرة لن يقتصر الأمر على إلغاء التطوع، هذه المرة سيكون رفضاً تاماً للخدمة.

  1. احتجاج الأمهات:

ستتقدم جهات احتجاجية مثل “أمهات على الجبهة” (12 ألف عضو)، عملية احتجاج عامة أمام بوابات قاعدة التجنيد، سوف يحتججن على عدم المساواة في العبء في بلد يتغير -حسب تصورهن- أمام أعينهن، من دولة ليبرالية إلى دولة محافظة دينياً تضطهد النساء، فالتمييز بين دم ودم سيثير الإحباط، ومطالبتهم بتعريض بناتهن وأبنائهن للخطر، في الوقت الذي تعفي فيه الدولة الآخرين من الخدمة لدواعي تعلم التوراة، سيؤدي إلى غضب كبير.

  1. التماس للمحكمة بإلغاء قانون إعفاء الحريديم من التجنيد:

في ضوء سابقة الإعفاء الكاسح لقطاع من السكان (إعفاء بالجملة)، ستطلب قطاعات أخرى، “قبائل إضافية”، إعفاء لأسباب مختلفة وغريبة، إن إعفاء طبقة سكانية بأكملها بموجب قانون لأن قيمة تعلم التوراة أكثر أهمية من الخدمة العسكرية سيكون سابقة لمطلب مماثلة من قبل الجماعات التي تعارض الخدمة العسكرية، مثل الجماعات التي ترى في عسكرة الجيش كعامل سلبي، والجماعات التي لا يؤيد من ناحية الضمير نشاطات “الجيش الإسرائيلي” في الضفة الغربية، والجماعات التي تعتبر نفسها مهمشة وضعيفة من قبل الدولة، والجماعات التي ترى قيمة أكبر في الدراسة الأكاديمية.

سيكون من الصعب للغاية على المحكمة أن تعيد التجنيد الإجباري الى الصيغة المستخدمة اليوم، وفي نهاية هذا المنحدر ينتهي التجنيد الإجباري في “الجيش الإسرائيلي”، وهذا يشكل مخاطرة أمنية كبيرة.

في الأيام التي تعود فيها جميع الدول الأوروبية إلى التجنيد الإجباري، سيكون من غير المسؤولية لـ “إسرائيل” المتجذرة في قلب التحديات الأمنية في الشرق الأوسط التخلي عنه.

الحجج المضادة والأجوبة

  1. هناك من سيقول إن “الجيش الإسرائيلي” أقوى بكثير وأكثر استقراراً مما يُنسب إليه، وإنه جيش شاب سيتعافى بسرعة من الأزمة، وإن المتدينين الحريديم لا يتجندون بأي حال من الأحوال، وإذا جمعنا معاً جميع القوانين الأخرى المتعلقة بالخدمة في “الجيش الإسرائيلي”، إذاً نحن أيضاً نشرعن الوضع الحالي، ونعطي مكافآت واسعة النطاق للجنود، ربما كان هذا الادعاء ذا صلة منذ حوالي عام، ومع ذلك، يتم اليوم تفسير كل عمل تقوم به “الحكومة الإسرائيلية” من خلال منظور “التعديلات القضائية ” أو “الانقلاب على النظام”.

سيفهم الكثيرون في “المجتمع الإسرائيلي” هذا على أنه خطوة أخرى في تغيير طبيعة الدولة من دولة ديمقراطية ليبرالية إلى دولة محافظة دينياً، وهذا السياق لا يسمح لنا بتصديق تلك القصص والأعذار التي وردت في الماضي والتي ساعدت في إسكات تحدي انتهاك المساواة، فالجمهور الذي يخدم الناس سيرفض الاستمرار في كونه “مغفلا سعيداً”، ولا حاجة لكل قصص “الجيش، والقول إنه مجرد تأجيل للخدمة” لن ينجح هنا.

  1. هناك ادعاء آخر، أسمعته الأوساط الاقتصادية الليبرالية، وهو أن الإعفاء من الخدمة الأمنية سيجعل طلاب المدارس الدينية مغادرة مقاعد المدرسة الدينية والدخول إلى سوق العمل، وبالتالي سوف يساهمون في “اقتصاد إسرائيل”، إن دخول سوق العمل مهم أيضاً للاندماج الاجتماعي للوسط الحريدي في “المجتمع الإسرائيلي”، وبالتالي فهذه خطوة مرحب بها.
    المشكلة في هذا الادعاء أنه لا يفحص أو يدرس كل سياسات “الحكومة الإسرائيلية” الحالية، وعلى وجه الدقة، كل “الحكومات الإسرائيلية” المستقبلية، قوة الحريديم السياسية تلزم الحكومة في إطار اتفاقيات الائتلاف بتحويل مبالغ كبيرة من المال لتشجيع دراسة التوراة، الامتيازات المالية، التي تُترجم إلى ميزانيات مساعدة ودعم للمؤسسات التعليمية الحريدية تكبح الدافع لدى الشباب المتدينين لدخول سوق العمل (مضاعفة رواتب طلاب المعاهد الدينية حتى 1،314 شيكل، ومضاعفة ميزانية المدارس الدينية، تكريس الزيادة السنوية بقانون) وبالتالي فإن الحجة القائلة بأن “قانون الإعفاء من التجنيد” سيشجع الشباب الحريديم على الذهاب إلى سوق العمل ليس له أي أساس اقتصادي.

التوصيات: الدفاع عن التجنيد الإجباري وتقديم قانون آخر والوقف الفوري للهجمات على “الجيش الإسرائيلي”

  1. الاعتراف بأن “قانون الإعفاء من التجنيد للحريديم” سيؤدي إلى إلغاء التجنيد الإجباري، بدون التجنيد الإجباري سيصبح “الجيش الإسرائيلي” جيشاً متوسط المستوى، ويفتقد عنصر الجودة الفريد الذي يجلب للخدمة في صفوفه الشبان والشابات الموهوبون والشجعان الذين يريدون فقط المساهمة بشكل أكبر وتحقيق قدراتهم، ما يجعل “الجيش الإسرائيلي” جيشا شاباً ومبادراً وحيوياً لدرجة كبيرة.

لا يستطيع “المجتمع الإسرائيلي” الاحتفاظ بجيش مهني عالي الجودة (جيش مرتزقة)، فهو ببساطة سيكون جيشاً صغيراً جداً، هذا فقط امتياز للقوى العظمى، وهذا ما تفهمه اليوم الدول الأوروبية، التي تخلت عن هذا النموذج، لذلك فإن التوصية الأولى هي فعل كل شيء لتجنب ذلك.

  1. يجب على “وزير الجيش”، المسؤول عن “قانون التجنيد” وهو الذي سيرفعه إلى الكنيست، تقديم قانون آخر مختلف، أي قانون لا يمنح إعفاءات كاسحة للحريديم من التجنيد سيكون أفضل من الوضع الذي نسير نحوه، وهكذا، أوصى معهد دراسات الأمن القومي بمخطط يتضمن خدمة أمنية مدنية، يمكن للكثيرين من الجمهور الحريدي دعمه، بما أن “وزير الجيش” هو المسؤول عن “الجيش الإسرائيلي”، ومن خلال معرفتي به فهو على دراية كاملة بالخطر الكامن للجيش، فإنه مطالب بالتصرف بشجاعة، من التجربة السابقة، وبعد أن اتخذ خطوة شجاعة بالفعل فهو الشخص المناسب للقيام بذلك، يجب تنحية الاعتبارات السياسية جانباً وإنقاذ “الجيش الإسرائيلي”.
  2. يجب وقف الاعتداء على قادة المنظومة الأمنية، تم تصميم هذا الهجوم للمس والتشكيك بصلاحياتهم ومسؤوليتهم عن المنظومة العسكرية وهذا أمر خطير، وهذا يضعف الشعور بالأمن لدى “الإسرائيليين” وثقة الجنود بقادتهم، وهذا يصرف انتباه رجال الجيش عن التعامل مع المشاكل الأمنية الخطيرة التي تقف أمام “إسرائيل”.

المصدر: N12/ “تامير هايمن”

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى