محكمة العدو تقيّد وصول فلسطينيي قرية عانين إلى أراضيهم

#ترجمة_الهدهد:
المزارعون في قرية عانين يطالبون بفلاحة أراضيهم كل يوم، لذلك فقد طلبوا فتح بوابة في الجدار الذي يفصل بين المنطقة المأهولة في القرية وبين حقولهم كل يوم وليس فقط مرتين في الأسبوع. وقد قدموا هذا الطلب للمرة الاولى في 2007- بعد خمس سنوات على بناء جدار الفصل العنصري في منطقتهم- لكن هذا الطلب رُفض.
في آب من السنة الماضية طلبوا ذلك مرة أخرى، وعندما لم يتم الرد بايجابية على طلبهم المباشر من قبل “الإدارة المدنية” وجيش العدو، قدموا التماسًا للمحكمة العليا في آذار الماضي، في حينه أبلغ الجيش مقدمي الالتماس والمحكمة بأنه ينوي تحويل البوابة إلى “موسمية”، أي بدلا من فتحها مرتين في الأسبوع يكفي أن تفتح مرتين في السنة من أجل الحراثة وقطف الزيتون. وإذا كان المزارعون يرغبون كثيرا في الوصول إلى أراضيهم كل يوم فيجب عليهم السفر 25 كم ذهابا و25 كم إيابا من بوابة أخرى، لذلك فإن توصية النيابة العامة للمحكمة كانت شطب الالتماس لأنه اصبح ليس ذي صلة.
القضاة لم يشطبوا الالتماس ولكنهم لم يقوموا أبدًا باجراء أي نقاش حوله مع مقدمي الالتماس ولم يستمعوا إليهم أو لموكلتهم المحامية “تهيلا مئير” من مركز الدفاع عن الفرد، في الأسبوع الأول في شهر آب أصدروا ببساطة قرار الحكم وهو أن يومان في الأسبوع كافية بالتأكيد، هكذا قررت القاضية “روت رونين” أيضًا باسم القاضية “ياعيل فلنر” والقاضي “اليكس شتاين”، إذا تحولت البوابة إلى موسمية فإنه يحق لمقدمي الالتماس معارضة ذلك.
من بين الـ 17 ألف دونم التي تمتلكها القرية التي تقع في شمال غرب الضفة الغربية، هناك 11 ألف دونم محصورة في المنطقة التي تقع بين جدار الفصل العنصري و”الخط الأخضر”، في جيب كبير أوجده الجدار مساحته الإجمالية 31 ألف دونم.
هذا جيب هو جيب برطعة الذي يعيش فيه 7 آلاف فلسطيني في سبع قرى أكبرها برطعة، وتقريبا 3 آلاف مستوطن في أربع مستوطنات بالإضافة إلى منطقة صناعية “إسرائيلية”.
الزوار يصعب عليهم معرفة أن الأمر يتعلق بأراضي الضفة الغربية وليس بالكيان، وقد فرضت على القرى الفلسطينية في المنطقة قيود بناء وتطوير مشددة، فالفلسطينيون الذين لا يعيشون في هذا الجيب محظور عليهم بشكل مطلق الدخول إليه، باستثناء تصاريح خاصة لعدد قليل جدا، من بين هؤلاء سكان القرى التي تقع شرق الجدار والذين أراضيهم توجد في غربه مثل سكان عانين.
رحلة متعبة وانتظار طويل …
بوابة عانين يفتحها جنود العدو فقط في يومي الإثنين والأربعاء، مرتين في اليوم ولفترة قصيرة، من الساعة 6:50 إلى 7:10 صباحا، ومن 15:50 إلى 16:10 مساء، البوابة توجد على بعد خمس دقائق من بيوت مقدمي الالتماس وأراضيهم توجد على بعد مسافة 5 – 20 دقيقة مشيا على الأقدام من البوابة.
يقول محمد عيسى، رئيس مجلس القرية في مكالمة هاتفية “قبل 1948 كان لعانين تقريبا 45 ألف دونم، تقريبا 27 ألف دونم تم ضمها للمناطق “الإسرائيلية”، بعد العام 2002 أصبحت معظم الأراضي الزراعية التي بقيت لنا توجد خلف الجدار، كل عائلة توجد لها أرض هناك.
الحصول على تصريح لدخول الأراضي الزراعية هو أمر معقد جدا، وفقط يتم اعطاءه للسكان الذين وثائق ملكيتهم تكفي الادارة المدنية ومن يثبتون صلة مباشرة بأصحاب الأراضي (الأزواج والأبناء والأحفاد لا تعطى لهم تصاريح)، وكل ذلك خاضع لفحص أمني وبيروقراطي مشدد، التصريح يجب تجديده كل بضعة أشهر، سنة أو سنتين (هذا يتعلق بنوع التصريح).
سكان عانين الذين اجتازوا عملية الغربلة في “الإدارة المدنية” والشباك مسموح لهم دخول أراضيهم والجيب أيضًا من حاجز برطعة الذي يوجد على بعد 25 كم جنوب القرية. هذا الحاجز مفتوح في كل أيام الأسبوع ولكن الزمن الذي يقتضيه السفر اليه من عانين هو ساعة ونصف تقريبا لأن الطريق في جزء منها مكونة من طرق ترابية ، فقط الجرارات الزراعية أو سيارة 4 على 4 يمكنها السفر فيها.
في هذا الحاجز البعيد يمر مئات الفلسطينيين من قرى أخرى يعيشون في جيب برطعة أو لديهم تصاريح دخول إلى الجيب، لذلك، المرور فيه يقتضي فترة انتظار طويلة، لا سيما في ساعات الصباح الباكر، إلى جانب حقيقة أن العبور في على متن الجرار يحتاج إلى تصريح (بعد رحلة بيروقراطية للحصول عليه) فإن نقل أدوات العمل في حاجز برطعة ينطوي على فحص معمق، وبعد ساعتين في الطريق، يجب على المزارعين أن يسافروا شمالا نحو أراضيهم التي يشاهدونها من بيوتهم. تكلفة السفر مرتفعة ومخيفة، 80 شيكل في اليوم في سيارة خاصة و60 شيكل في المواصلات العامة، التي هي غير متاحة في كل ساعات اليوم.
كل هذه الشروحات التي فصلت في التماس المحامية تهيلا مئير لم تقنع القضاة، القاضية “رونين” التي كتبت قرار الحكم وافقت بدون احتجاج على موقف الجيش و”الإدارة المدنية” الذي يقول بأن “المزروعات الوحيدة المذكورة حتى الآن في هذه الأراضي هي حقول زيتون، التي تحتاج إلى فلاحة موسمية فقط، في فترة الحراثة والقطف.
تدهور حاد
عند زيارة البوابة في شهر أيار الماضي التي بادر إليها الجيش والنيابة العامة بعد تقديم الالتماس أوضح المزارعون ذلك في حينه لكبار الضباط، كما كتبت مئير التي شاركت في الزيارة هي وممثلين من مركز موكيد للدفاع عن الفرد. “مئير” أرفقت مع ردها رأي مهني لـ “بمكوم”، وهي جمعية من أجل المساواة في التخطيط والتي تعمل منذ سنوات كثيرة مع مجالس محلية فلسطينية في جيب برطعة، هذا الرأي الاستشاري يظهر بالأرقام والصور الجوية العملية التي فيها أراضي زراعية كثيرة في عانين التي كانت فيها زراعة كثيفة قبل العام 2000، أصبحت أراضي قفر بسبب القيود على أصحابها، حقول الزيتون في عانين والأشجار نفسها التي لا تعتمد على الري تم الاعتناء بها بشكل جيد.
عندما سئل عيسى هل سكان القرية يأملون العودة وزراعة الخضراوات والقمح والشعير كما في السابق قال للصحيفة: نحن الآن نتحدث عن الحفاظ على الموجود، الأشجار التي توجد لنا، قال وهو غاضب من نيتهم فتح البوابة مرتين في السنة فقط، “هناك قطيع أبقار (تابع لقرية في وادي عارة) يصل إلى أشجارنا ويضر بها، لذلك، فإن تواجدنا اليومي هناك ضروري”. الخوف هو من أن يحدث هنا ما يحدث في مناطق أخرى، التي يسمح فيها الجيش و”الإدارة المدنية” بدخول المزارعين مرتين أو ثلاث مرات في السنة، حقول الزيتون ستمتلئ بالأعشاب الضارة وستنمو فيها الأشواك والمحاصيل ستقل بشكل كبير.
حسب صور الحوامات التي قال الجيش و”الإدارة المدنية” بأنها تثبت أن من يعبرون البوابة يذهبون للعمل في “إسرائيل” بدون تصاريح، كتبت “مئير” بأنها صورت في مناطق الضفة الغربية ولم توثق عبورا إلى الداخل المحتل، وحسب أقوال الملتمسين الذين انتبهوا للحوامة فإن الصور هي صور انتقائية، وقد أظهرت فقط أشخاص ركبوا في سيارات (التي حسب أقوال الجيش تنقلهم إلى اسرائيل)، ولم تظهر الذين ساروا مشيا على الأقدام نحو أراضيهم.
قرار الحكم أقلق مركز “موكيد” لسبب آخر وهو أن القضاة قرروا في قرار الحكم بأن الحديث يدور عن مناطق هي بشكل رسمي تعود لمنطقة الضفة الغربية التي احتلت في 1967. هذه الاقوال تظهر أنه بشكل جوهري، خلافا للصورة الرسمية حسب المحكمة العليا، أن هذه المنطقة الفلسطينية التي تسمى باللغة العسكرية خط التماس، لا تعود لـ “منطقة الضفة الغربية. مسافة قصيرة تفصل بين هذه الأقوال وبين موافقة المحكمة على ضم المنطقة.
قضاة المحكمة العليا يعرفون جيدا أنه فقط “للإسرائيليين” والمتنزهين مسموح الوصول إلى هذه المنطقة، مع أنه محظور على الفلسطينيين الوصول إليها. وفقط المستوطنات والإدارة المدنية يمكنها أن تنفذ فيها خطط بناء على أنواعها، وليس المجالس المحلية الفلسطينية التي تعتبر هذه الأراضي احتياطي أراضي لها.
المحكمة العليا نفسها صدّقت على هذا الوضع في 2011، الحديث يدور عن 500 كم مربع تقريبا (9.4 في المئة من أراضي الضفة الغربية)، الموجودة بين جدار الفصل والداخل. لذلك، الواقع الفعلي هو أن منطقة كبيرة تم ضمها لـ”إسرائيل” بدون إعلان رسمي.
من أجل تنفيذ “وعد الدولة” بالسماح للمزارعين بفلاحة أراضيهم تم تحديد في جدار الفصل 79 بوابة، 5 منها فقط مفتوحة طوال اليوم، 11 يتم فتحها لفترة قصيرة مرتين أو ثلاث مرات في اليوم، 10 يتم فتحها لفترة قصيرة بضع مرات في اليوم، يومين أو ثلاثة ايام في الأسبوع، إذا تم إغلاق بوابة عانين فسيكون عددها 9 بوابات وهي ستضاف إلى الـ 53 بوابة موسمية التي يتم فتحها فقط بضعة أيام في السنة من أجل الحراثة وقطف الزيتون والعنب، وأحيانا تعشيب الأراضي، وقد سمح لسكان عانين بالاعتراض على قرار إغلاق البوابة حتى 21 آب الحالي.
هآرتس/ عميره هاس
Facebook Comments