
سعيد بشارات
تصاعدت التوترات على الحدود اللبنانية “الإسرائيلية” في الأشهر الماضية، وزادت حدت التوترات في الأسابيع الأخيرة، بعد سلسلة الجولات التي قام بها عدد من قادة جيش العدو وعلى رأسهم “هرتسي هاليفي” الذي رصدته قوات حزب الله بفوهات كمراتها التي ألقت المادة في فضاء إعلامي أصبح ساحة لتبادل العمليات النفسية التي تساعد على امتصاصها الحالة السياسية المعقدة جداً في الكيان، وهناك العديد من “الإسرائيليين” والسياسيين ممن يأخذون هذه المادة ويتقاذفونها فيما بينهم من باب المناكفات السياسية، حتى لو كانت قذائف من مخلفات عدوهم، وزادت هذه التوترات أيضاً بعد سلسلة التصريحات التي يطلقها الطرفين كلٌ منهما ضد الآخر.
آخرها، كانت التهديدات التي أطلقها “نتنياهو” أولاً، ومن ثم “غالانت” قبل يومين، والتي قالا فيها إنهم سيعيدون لبنان إلى العصر الحجري، إذا ما هاجم حزب الله “إسرائيل”.
رد الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على التهديد، قائلاً إن حزب الله سيعيد “إسرائيل” هي الأخرى إلى العصر الحجري، في حال هاجمت لبنان.
يزيد هذا التهديد من “غالانت” والأمين العام لحزب الله نصر الله، والذي أسس له في السابق “نتنياهو” ومن قبله “أفيف كوخافي” صاحب خطة “تنوفا”، من مخاطر اندلاع مواجهة واسعة بين “إسرائيل” ولبنان، والتي سرعان ما ستتحول إلى حرب شاملة، مع عواقب وخيمة على الكيان ولبنان وربما المنطقة في حال تحولت لحرب جبهات متعددة كما ترسم أسوأ السيناريوهات “الأمنية الإسرائيلية”.
يوجد العديد من الأسباب التي أدت إلى تصاعد التوترات على الحدود اللبنانية “الفلسطينية المحتلة”، أحد الأسباب هو أن حزب الله أصبح أقوى في السنوات الأخيرة، ويظهر ذلك من الثقة بالنفس التي بدت في خطابه الليلة (الإثنين 14/8/2023)، فهو متيقن بأنه يملك من القوة الدقيقة ما يستطيع من خلاله أن يعيد “إسرائيل” الى العصر الحجري الأول، وفي هذه الكلمات إشارات أخرى مفادها أن كل الهجمات في سوريا كانت عبارة عن ضربات في أكوام من الرمل الذي تناثر وأخفى فشل كيان العدو “إسرائيل” والذي ظهرت حقيقته الليلة من خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، حيث قال للعدو بإشارات مبطنة، أنه زاد من ترسانته من الصواريخ الدقيقة جداً ومن قدراته العسكرية المادية والبشرية القادرة على تغيير معادلة القوة في الشرق الأوسط، وهذا يجعل من حزب الله تهديدًا أكبر لـ”إسرائيل”، ما جعل الأخيرة تتراجع أمامه في السنوات الأخيرة في قصة حقل “كاريش” نحو اتفاق لم تكن “إسرائيل” لتذهب اليه لو كانت بحالة قوة، وفي قصة الخيمة التي ماتزال متفاعلة حتى اللحظة والتي دفعت “غالانت” الذي يهدد بالعصر الحجري إلى القول إن الخيمة حالياً لا تشكل خطر على “أمن إسرائيل”، وقصة الغجر التي اعترف العدو أنه أعاد تسييج محيطها لصالحه، وما بين هذه القضايا من إطلاق صواريخ فضلت “إسرائيل” برد بسيط عليها تارة، وتارة بعدم الاشتباك حتى البسيط مع قوات الحزب على الحدود، فقط من أجل عدم الانجرار إلى مواجهة على أرضية سياسية وأمنية “إسرائيلية” غير ثابته لوجود طبقات سياسية تكتونية قابلة للانزلاق إذا ما دخل عنصر يهز الحالة غير المستقرة سياسياً وأمنياً واقتصادياً في الكيان، ما يرفع من احتمالية اندلاع صراع غير مجمع عليه “إسرائيلياً”.
سبب آخر لتصاعد التوترات، هو أن “إسرائيل” تسعى إلى الاستحواذ على الموارد الطبيعية في البحر الأبيض المتوسط وخاصة في ظل الأوضاع الأمنية العالمية.
تهديد “غالانت” ونصر الله بإعادة كل منهما الآخر إلى العصر الحجري، هو تهديد بالغ الأهمية في هذا التوقيت، ويدل على عدم تنسيق و تعاون داخل الكيان، ويشبه تهديد “أفيف كوخافي” الذي حذر في محاضرة “أمنية” له قبل نهاية فترته في منصب قائد أركان جيش العدو، بأن لبنان عليه أن يخلي الجنوب مع أول استفزاز من حزب الله، ومنذ ذلك التصريح إلى تصريح العصر الحجري الحديث، أطلقت دفعات من الصواريخ، واستهدف الكيان بمضادات الدروع، وادخلت خيمة ما زالت منصوبة في أرض العدو، مع مقبلات من الاستفزازات الأعلى مما توقع “كوخافي” في حينه، وإلى الآن لم تتحرك قوات “هاليفي” لدحر الخيمة أو حتى التفكير بإزالتها رغم التصريحات التي ترسم سيناريوهات الإخلاء إعلامياً.
وفيما يلي بعض من تبعات تهديدات “غالانت” ونصر الله:
– يمكن أن يؤدي تزايد الحشد التحريضي التهديدي الإعلامي العملياتي المحدود إلى اندلاع مواجهة بين الكيان “إسرائيل” ولبنان.
– يمكن أن تنزلق الأمور فوراً إلى حرب شاملة، مع عواقب وخيمة على كلا الجانبين والمنطقة.
– يمكن أن يتسبب في خسائر بشرية كبيرة في الكيان ولبنان في حال أطلق كم هائل من النار من كلا الطرفين.
– يمكن أن يؤدي إلى تدمير البنية التحتية للكيان واستهداف منشئاتها الحيوية، وهو حدث لم يجربه الكيان منذ إنشائه.
– يمكن أن يؤدي إلى هرب سكان الكيان وخاصة أن هناك استطلاع أظهر نية مبيته لدى ثلث سكان الكيان بالمغادرة فقط بسبب التعديلات القضائية، فما بالكم اذا اندلعت حرب طاحنة.
– يمكن أن يتسبب في أزمة اقتصادية داخل الكيان تزيد من الأزمة الحالية وإذا تزامنت مع ما ذكر سابقاً، فإن وضع الكيان سيكون وضع شبه فترة العصر الحجري لكن بصيغته الجديدة.
في مثل هذه الحالة، يبقى حزب الله حريص على رسم خطواته الأمنية المبنية على قراءة دقيقة للعدو، بما يفي بالهدف الذي يسعى اليه، وهو الإصرار على إعادة الأراضي اللبنانية المحتلة من قبل كيان العدو إلى أهلها، ويدرك الحزب في ظل الأوضاع الداخلية في لبنان، والأوضاع الداخلية في الكيان، أن هذا هو التوقيت المناسب لمشاغلة العدو بقسوة حتى يطلب الحل كما فعل في قضية حقل “كاريش”، لأن الحزب يعي تماماً أن حرب جديدة بين الكيان وحزب الله ستكون حربًا مدمرة لكل من الطرفين.
Facebook Comments