أخبارشؤون فلسطينية

إقالة عباس للمحافظين.. هل هي بداية إصلاح أم بداية حرب خلافة؟

ترجمة الهدهد

يوم الخميس، اتخذ عباس واحدة من أكثر الخطوات الدراماتيكية والمحيرة، التي اتخذها في السنوات الأخيرة، حيث من دون أي مؤشرات أولية، أعلن عن إقالة 12 محافظًا، 8 من الضفة الغربية و4 من قطاع غزة.

تثير هذه الخطوة غير المفهومة خطابًا سياسيًا وعامًا وشبكيًا حيويًا في النظام الفلسطيني، مصحوبا بشائعات وتكهنات حول أسباب الإقالة، وما إذا كان عباس هو الذي قرر ذلك، أو ما إذا كانت الأطراف المعنية المقربة منه متورطة.

تثار علامات الاستفهام، من بين أمور أخرى، على خلفية حقيقة أن بعض المحافظين، وخاصة في الضفة الغربية (ليس للمحافظين في غزة تأثير فعلي وتعييناتهم رمزية فقط) لديهم خبرة إدارية وأمنية واسعة، بل إن بعضهم يحظى بشعبية في عدة مواقع في الضفة الغربية.

بالإضافة إلى ذلك، تثار تساؤلات حول سبب الحاجة إلى مثل هذه الخطوة الكاسحة في الوقت الذي تظهر فيه السلطة الفلسطينية ضعفًا عميقًا، في حين أنه ليس من الواضح ما إذا كان هناك أفراد يمكنهم لعب دور أولئك الذين أطيح بهم.

علاوة على ذلك، تم توجيه انتقادات شديدة لحقيقة أن المحافظين لم يتم إبلاغهم بهذه الخطوة ولم يتلقوا تفسيرًا لها (وهو نمط شائع في معظم الأنظمة في العالم العربي)، ما جعل أبو مازن يلين قليلا ويعلن أنه سيعقد “حفل تكريم” لكبار المسؤولين “المتقاعدين”.

إن النسخة الواقعية والمتفائلة ظاهريًا التي تحاول حاشية محمود عباس تسويقها خارجيًا ومحليًا هي أن هذه هي الخطوة الأولى في عملية التعافي الداخلي التي تهدف إلى تعزيز السلطة الفلسطينية، وقد تتجسد قريبًا في تغيير تركيبة الحكومة.

رد الفعل الشعبي على هذه الحجة ساخر على أساس أن هذه لعبة “كراسي” بين المقربين من عباس، دون “ضخ دماء جديدة”، وخاصة جيل الشباب غير الممثلين في عملية صنع القرار الوطني.

هذا في الواقع تقليد للنموذج الشائع في الأردن المتمثل في التغييرات المتكررة للحكومات في محاولة لتقديم مظهر تجميلي للانتعاش الداخلي.

الخطاب الاجتماعي عاصف حول الاعتقاد بأن محمود عباس ليس هو الذي يمسك بخيوط الإقالة، بل المقربون منه، وأن الخطوة برمتها تمت كجزء من التسخين لصراع الخلافة قبل “اليوم التالي” لعباس.

وفي هذا السياق، تم التأكيد على أن معظم المحافظين المخلوعين هم من المقربين لجبريل الرجوب، المرشح الرئيسي لخلافة الرئيس، الذي شغل سابقا مناصب عليا في جهاز الأمن الوقائي، وأن الذين أدوا إلى الإقالة هم حسين الشيخ، وزير الشؤون المدنية وأحد المرشحين الرئيسيين للعرش، وماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني.

وفي تغريدة لنجل فرج الليلة الماضية قال فيها إنه يتوقع ظهور رؤساء جدد ليحلوا محل أولئك الذين أطيح بهم عززت الشكوك حول دوافع الإقالة.

أما بالنسبة لـ”إسرائيل”، فيجب على المقربين منها (بما في ذلك في الحكومة) الذين يتوقون إلى تقوية السلطة الفلسطينية أن يتعاملوا مع إقالة المحافظين بحذر شديد.

 ويكمن وراء التفسير الذي يبدو متفائلا للسير نحو التعافي توترات داخلية حادة، قد تزيد وتبشر بإضعاف السلطة الفلسطينية بدلا من تقويتها.

لا يمكن أن تتغير صورة ومكانة إدارة رام الله إلا نتيجة لتدابير غير رمزية مثل القضاء على الفساد والمحسوبية المتفشية والاندماج الواسع للقطاعات الاجتماعية، وخاصة أعضاء الجيل الشاب من القيادة الفلسطينية.

 هذه مشاكل أساسية يمكن أن تندلع في اليوم التالي لمحمود عباس وتؤدي إلى “ربيع فلسطيني” لم يحدث بعد.

إن الافتقار إلى الوضوح الاستراتيجي الذي تجد الإدارة الفلسطينية نفسها فيه، فضلا عن الواقع الأمني الصعب الذي كان قائما خلال العامين الماضيين في الضفة الغربية والضعف المتزايد للسلطة الفلسطينية، يجب أن يحث “إسرائيل” على إجراء مناقشة متعمقة حول السياسة طويلة الأجل غير الموجودة حاليا بشأن القضية الفلسطينية.

 في هذا السياق، من الضروري استيعاب أن الإيماءات الاقتصادية التي تركز عليها “إسرائيل” حاليا ليست أكثر من إسعافات أولية لن توفر حلا جوهريا لخطر الاندماج الزاحف بين “إسرائيل” والضفة الغربية، وأن تحقيق انفراجة بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية مع “تخطي” مناقشة القضية الفلسطينية ليس رصيدًا استراتيجيًا بل ضررًا متعدد الأبعاد.

 القناة 12/ مايكل ميلشتاين

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي