أخبارتقدير موقف

الضفة الغربية جبهة مُختلفة

✍️ جبريل جبريل
قام جيش العدو في الآونة الاخيرة بعدة مناورات عسكرية في الضفة الغربية بسبب قرب الاعلان عن مشروع السرقة (الضم) تحاكي هذه المناورات عدة سيناريوهات منها قيام الفلسطينيين بتنفيذ عمليات فردية واندلاع انتفاضة شاملة تُنَفذ خلالها عمليات اطلاق نار وتفجيرات وتصعيد على جبهة غزة.
ان الواقع الامني والعسكري في الضفة الغربية يختلف عن كل الجبهات الاخرى لذلك يحتم على المؤسسة العسكرية والامنية بذل جهد مضاعف، مع انه في جزء كيبر منه جهد غير منظور؛ لمواجهة أي مقاومة في مناطق الضفة، فواقع الضفة ليس كواقع غزة أو لبنان…إلخ، ومما لابد ذكره هنا هو أن موازنة جيش العدو السنوية والتي تبلغت حوالي 68 مليار شيكل سنوياً يذهب نحو 41% منها للإجراءات الأمنية والعملياتية في الضفة الغربية وحدها، وتشكل إجراءات الحماية للمستوطنات الجزء الأكبر من هذا المخصص، ويختلف الواقع الامني والعسكري في الضفة الغربية عن الجبهات الاخرى بعدة أمور:
-التداخل الجغرافي بين الفلسطينيين والعدو الصهيوني من مستوطنين ومنشآت عسكرية وصناعية وسكنية وشوارع…إلخ، هذا التداخل جعل في كل بضعة أمتار على أطراف المدن والقرى الفلسطينية أهدافاً جاهزة للضرب في حال توفرت الارادة والامكانيات.

-طول امتداد الحد الفاصل (الخط الاخضر) بين الضفة الغربية وأراضينا المحتلة عام 48، مما يصعب السيطرة عليه ومنع التسلل لتنفيذ العمليات، على الرغم من وجود الجدار الفاصل، ولابد ان ننوه هنا أن حوالي 93% من الجدار عبارة عن سياج إلكتروني وبه عدد من الثغرات وليس كما يتبادر لأذهان الكثيرين ان الجدار في معظمه مكون من جدران الباطون المسلح.
وتجدر الاشارة هنا أن طول الجدار في مراحله النهائية يبلغ 770 كم، حيث يدخل الى عمق الضفة الغربية بمسارات متعرجة وكبر طول الجدار وكثرة التعرجات فيه يصعب من اجراءات السيطرة عليه.
-تشكل جبال الضفة والتي تأتي على شكل عامود فقري من الشمال الى الجنوب أرضاً حاكمة تُسيطر بالمراقبة والنيران على منطقة الساحل، والتي تضم مركز كيان العدو الحيوي؛ من حيث الكثافة السكانية والمنشآت الاقتصادية والعسكرية بالاضافة الى قربها من شارع 6 الحيوي وخطوط الضغط العالي للكهرباء.
-نمو بعض المستوطنات في الضفة بشكل اصبح العديد منها مدناً مما جعلها أكثر تكلفة في جهد الحماية والدفاع.
-الضفة تمثل النموذج المثالي لنظرية الحرب المحدودة والتي يَصعب على أي “دولة” مهما بلغت قوتها؛ استخدام هذه القوة بكامل طاقتها ففي هذه الساحة الحرب ليست بين جيوش بل شعب ضد “شعب” اخر غاصب وتكون هنا حرب الارادات لا حرب الزّخم الناري أو الحسم العسكري.
-الضفة الغربية تضم أكبر عدد للسكان الفلسطينيين يسيطر عليه كيان العدو حيث يبلغ عدد السكان فيها حوالي 3 مليون نسمة، بالاضافة الى مساحتها الجغرافية الكبيرة نسبيا والتي تبلغ 5,860 كم² وهذا يتطلب نشر قوات وجهد استخباري كبيرين.

لهذه الاسباب يتطلب من كيان العدو بذل الجهد العسكري والاستخباري المركز في ساحة الضفة لأن اي تحرك مقاوم في الضفة الغربية سيكون له تأثير على قلب كيان العدو.
ولابد هنا ان ننوه ان الضفة الغربية تقع ضمن منطقة اختصاص فرقة الضفة (877) التابعة لقيادة المنطقة الوسطى في جيش العدو حيث تضم فرقة الضفة 6 ألوية مناطقية يختص كل لواء منها بمنطقة صلاحيات محددة، بالاضافة الى لواء الاغوار والذي يتبع بشكل مباشر الى قيادة المنطقة الوسطى. هذه الالوية ليست ألوية قتالية بالمعنى المحترف كما هو الحال مثلا في الالوية المقاتلة مثل لواء جولاني وجفعاتي…إلخ. ولا يقتصر العمل في منطقة الضفة على هذه الالوية فقط بل يزج جيش العدو بألوية مقاتلة أخرى تعزز فرقة الضفة هذا عدا عن التنسيق المباشر مع الوحدات الخاصة مثل وحدة يمام ودوفدوفان وغيرها لتنفيذ مهام خاصة في الضفة.

كل هذه المعطيات تحتم على جيش العدو بذل جهد مضني ومتواصل من أجل منع تدهور الوضع الامني في الضفة خاصة نتيجة اعلان مشروع السرقة وتبعاته، والمناورات هي أحد أهم هذه الجهود لتنسيق العمل بين قيادة المنطقة الوسطى وقيادة فرقة الضفة من جهة والعمل الاستخباري الذي يقوم به جهاز الشاباك والوحدات الخاصة وكتيبة جمع المعلومات القتالية (نيتسان) الخاصة بالعمل في الضفة من جهة اخرى.
لهذا أعد الجيش خطة “فجر الجبال” والتي تشمل استعراضاً لكافة السيناريوهات المحتملة التي يتعين على المؤسسة الأمنية والعسكرية الاستعداد لمواجهتها، بدءا من الحفاظ على الهدوء والوضع الراهن، ومرورا بعمليات مسلحة فلسطينية وعمليات ينفذها أفراد وانتهاء بانتفاضة شاملة.

على الرغم من عدم اطلاع جيش العدو على خطط السرقة (الضم) التي يعتزم رئيس الحكومة نتنياهو، المباشرة بإجراءاتها على أراضٍ في الضفة، بدءاً من الأول من شهر يوليو القادم، إلا أن هيئة أركان الجيش ستجري، هذا الاسبوع مناورات لمحاكاة سيناريوهات اندلاع الغضب الفلسطيني رداً على تنفيذ الخطة.
وقد أشار موقع يديعوت احرونوت إلى أنه سيشارك إلى جانب هيئة أركان الجيش في “لعبة محاكاة الحرب” ممثلو جهاز المخابرات العامة (الشاباك)، والشرطة ، علماً بأنه تم، بحسب الموقع، في مناورات سابقة أجراها الجيش، وضع جملة سيناريوهات تم في ختامها قصر التوقعات على سيناريوهين أو ثلاثة كأقصى حد.
هذا وتتوقع الاجهزة الامنية للعدو أن التوتر في الضفة الغربية قد يفتح أكثر من جبهة تصعيد،
لذلك سنجد ان العدو سيحاول امتصاص الغضب الفلسطيني قدر الامكان حتى يستطيع ان يمرر سرقته للأرض.
في النهاية الضفة هي مركز الصراع فالجبل ليس كالسهل ومن لم يَعد العُدة لصعود الجبل أعد لهلاك نفسه.

Facebook Comments

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي