أخبارترجمات

ما إمكانية صناعة الصواريخ بالضفة الغربية وتهديدها على الجبهة الداخلية للعدو؟

ترجمة الهدهد

قدّم الفيديو الذي سجل محاولة إطلاق صاروخ والتقرير الذي كشف عنه رئيس جهاز الأمن العام للعدو “الشاباك”، لمحة عن الساحة الخفية التي تقلق المنظومة الأمنية للعدو، في حين أن التهديد الصاروخي من غزة أصبح منذ فترة طويلة حقيقة مريرة، فإن المقاومة الفلسطينية مصممة على نقله إلى الضفة الغربية أيضاً، وخلق “توازن رعب جديد”، هل يمكن أن تغيب بنية تحتية لإنتاج الصواريخ في الضفة الغربية عن أعين المنظومة الأمنية؟

كشف رئيس جهاز “الشاباك” خلال عملية “درع وسهم” عن قيام “الشاباك” باعتقال 3 من نشطاء الجهاد الإسلامي في 18 أبريل الماضي، خلال عملية نفذت في وضح النهار بمخيم جنين، خططوا لصنع صواريخ محلية الصنع بتعليمات وإشراف من القيادي بالحركة طارق عز الدين الذي اغتيل لاحقاً في قطاع غزة، واعترف عناصر البنية التحتية بأنهم تصرفوا بناءً على توجيهاته.

إن عمليات إطلاق الصواريخ من الضفة الغربية لم تكن وليدة اللحظة، ففي ديسمبر عام 1970، تم إطلاق صاروخي كاتيوشا على القدس من قرية بتير، ما أدى إلى إصابة “4 إسرائيليات” ووقوع أضرار.

وفي يوليو عام 1971، أطلقت 4 صواريخ كاتيوشا من دير بلوط على مستوطنة “بيتاح تكفا”، وقتل في الهجوم “4 إسرائيليات”، وتم بعد أسبوع اغتيال أفراد الخلية التي أطلقت الصواريخ والتي كانت تحاول التسلل إلى الأردن.

مع بداية الانتفاضة الثانية عام 2000، كانت هناك محاولات خاصة من جنين وطولكرم، لإطلاق صواريخ على الكيان، لكنها لم تنجح، خاصة وأنها كانت صواريخ بدائية، لكنها أظهرت عزم التنظيمات الفلسطينية على مواصلة محاولاتها لنقل تكنولوجيا الصواريخ من قطاع غزة إلى الضفة الغربية كما ظهر في الأشهر والسنوات القليلة الماضية.

يقول اللواء متقاعد “عاموس جلعاد”، الرئيس السابق للقسم الأمني ​​والسياسي في وزارة الجيش وقسم الأبحاث الاستخبارات: “الضفة الغربية هي المنطقة الأكثر حساسية بالنسبة لإسرائيل، والصواريخ فيها سلاح مهم جداً، ولا سيما من الناحية النفسية، وكذلك تعتبر تهديداً جسدياً”.

قبل وقت قصير من عملية “السور الواقي” في شباط 2002، تراكمت لدى “الشاباك” معلومات عن تهريب صواريخ قسّام من الورش في نابلس إلى مناطق مختلفة بالضفة الغربية، بما في ذلك طولكرم وبيت لحم لإطلاقها على مدينة القدس، وبعد معلومات استخباراتية دقيقة لـ “الشاباك” تم إحباط نقل بعضها بواسطة كمين محكم عند خروج شاحنة من نابلس باتجاه جنين، وعثر فيها على صندوق يحتوي على 8 صواريخ بطول 1.80 متر.

خلال عام 2005، لاحظت المنظومة الأمنية جهوداً متزايدة من قبل التنظيمات الفلسطينية لتأسيس بنية تحتية بالضفة لتصنيع وإطلاق الصواريخ، وتهديد مناطق داخل الأراضي المحتلة عام 1948 والمستوطنات بالضفة الغربية، وتم في تلك الفترة إحباط 8 خلايا منها 4 لحماس و4 للجهاد وفتح خططت وحاولت أن تقوم بتطوير قدراتها في هذا المجال.

وكشف “الشاباك” في تلك الفترة عن معمل متفجرات لحركة حماس في اليامون قرب جنين كان بداخله صاروخ قسّام جاهز للإطلاق، بالإضافة إلى وسائل قتالية أخرى، واعتقل 14 عنصراً منهم، وكشف التحقيق معهم عن وجود بنية تحتية واسعة النطاق لإنتاج الصواريخ والعبوات بتوجيه وتمويل من قبل مسؤولي حماس في الخارج.

وفي عام 2006، زاد ارتفاع مستوى التهديد بشكل مقلق، وأعلنت خلايا مسلحة فلسطينية عن إطلاق صواريخ من شمال الضفة باتجاه الكيان، لكن جيش العدو نفى حينها سقوط أي صواريخ ويبدو أنها انفجرت داخل مناطق الضفة، لكن في عام 2008 أعلن فصيل يتبع لفتح عن إطلاقه صاروخ من شمال جنين على مستوطنة “شكيد”، ولكن الجيش نفى حينها ذلك، وبعد أيام داهمت قوة عسكرية أحد الأماكن قرب نابلس وعثرت على صاروخين في المراحل الأولى من التطوير.

آخر محاولة كانت قبل نحو أسبوعين بمحاولة إطلاق صاروخ من محيط طولكرم باتجاه مستوطنة “شكيد”، والذي حمل توقيع اسم “كتيبة العياش”، ولكنه تبين أنه صاروخ بدائي مصنوعاً من ورق مقوى وألعاب نارية، ولم يشكل خطراً وانفجر مكانه.

يقول مسؤولين سابقين من “الشاباك” إن المعرفة حول صناعة الصواريخ في الضفة غير موجودة، وأن الأمر ليس بتلك البساطة، ويقولون حتى في ذلك الوقت استغرق بناء القدرة الصاروخية في قطاع غزة سنوات كثيرة، بالرغم من أننا لم نكن في قطاع غزة على الإطلاق.

وقال أحدهم أتذكر نكات السياسيين مثل “شمعون بيريس” الذين ضحكوا من الصواريخ التي أطلقت على “سديروت” في السنوات الأولى، صواريخ القسام القديمة، وقالوا أنها لا تقتل، الطاقة الإنتاجية للصواريخ وصلت إلى نسبة كبيرة، ناهيك بالطبع عن استيراد الصواريخ الجاهزة من إيران، المعرفة ليست شيئاً بسيطاً، وبالتأكيد ليس في الصواريخ، ومع ذلك فالأمر لا تحتاج إلى صواريخ في الضفة الغربية، ويكفي أن يكون هناك مدافع الهاون.

يقدر الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) “كوبي ميخائيل”، “حماس والجهاد يبذلان الكثير من الجهد في تطوير القدرات الصاروخية في الضفة الغربية، أعتقد أن حزب الله، بإيحاء من إيران يحاول جاهداً مساعدتهم”.

وأضاف: “المنطق الذي يوجههم هو قبل كل شيء خلق تأثير على الوعي وربط الساحات، الضفة وغزة وجنوب لبنان والفلسطينيين في الداخل، ويقدرون أنه بمجرد إثبات قدرتهم على القيام بمثل هذا الشيء، فإنهم سيحرجون إسرائيل بشكل كبير، ويضعون الجمهور الإسرائيلي في حالة من القلق والاضطراب، ويخلقون انقسامات بين الجيش والمجتمع والمستوى السياسي، لأن الجهات الأمنية لن تكون قادرة على الإيفاء بما هو مطلوب منها”.

وتابع “ميخائيل” قوله: “هذا الشيء بدوره الخطير يشكل مضاعفة القوة بالنسبة لهم، إن القدرة على احداث الضرر أعلى بكثير، لأن إطلاق صاروخ على تجمع سكاني أو على بنية تحتية يمكن أن ينتج عنه تأثير يوازي تأثير عدد من الهجمات التي يتم العمل عليها لمدة طويلة جداً.

قد يحقق هذا الشيء إنجازات في معركة الوعي ليس فقط أمام “الجمهور الإسرائيلي”، ولكن أيضاً أمام الجمهور الفلسطيني والعالم العربي، لأنه سيكون دليلاً على هشاشة “إسرائيل” والقدرة العالية للفلسطينيين.

ستكون هذه دعوة المعركة لديهم – ها قد حان الوقت تعالوا وانضموا إلينا وسنسقط “إسرائيل”.

إن تفكك السلطة الفلسطينية، وفقدانها للشرعية في أوساط الجمهور الفلسطيني، يثير تساؤلات حول قدرتها ورغبتها في المشاركة في جهود إفشال البنية التحتية لإنتاج الصواريخ في أراضيها، في الماضي، أحبطت الأجهزة الأمنية الفلسطينية بالفعل خلايا خططت لإطلاق صواريخ من الضفة الغربية باتجاه “إسرائيل”.

  • في عام 2007، عثرت قوات الأمن الفلسطينية في منطقة بلدة بيت جالا المجاورة لمستوطنة “جيلو” في القدس، على صاروخين جاهزين للإطلاق بالإضافة إلى كمية من المتفجرات.
  • في عام 2010 كشفت الأجهزة الأمنية الفلسطينية عن خطة من قبل خلية حماس لإطلاق الصواريخ من الضفة الغربية.

من المحرج أن التحقيق الذي أجرته السلطة الفلسطينية كشف أن قائد الخلية هو ناشط سابق كبير في فتح، ورد اسمه حتى في اتفاق العفو عن المطلوبين الذي تم التوصل إليه بين الكيان والسلطة الفلسطينية.

قبل أربع سنوات، أحبطت الأجهزة الأمنية الفلسطينية محاولة من الجهاد الإسلامي لإطلاق صواريخ في الضفة الغربية.

في الصور التي تم الكشف عنها في ذلك الوقت في “النشرة الرئيسية ” شوهدت نماذج أساسية ومرتجلة لصاروخ وقاذفة، تمكن أعضاء الخلية من تجميعها قبل اعتقالهم، وقالت مصادر برام الله في ذلك الوقت إن هذه الصواريخ غير متطورة وأن التعليمات المتعلقة بكيفية صنعها إيرانية.

من المحتمل أن يكون من مصلحة السلطة الفلسطينية منع إطلاق الصواريخ من الكيان، لكن ليس من الواضح إلى أي مدى سيبقى ذلك من مصلحتها.

يقول “كوبي ميخئيل”: “بما أن المعرفة موجودة، والتكنولوجيا موجودة، والمواد الخام موجودة والدافع موجود، لا يوجد سبب يمنعهم في الضفة الغربية من القيام بما يقومون به في غزة”.

وأضاف “ميخئيل”: “هذا الشيء يخلق حركة كماشة ويمثل مشكلة كبيرة بالنسبة لنا، هذا سيغير قواعد اللعبة في كل تعاملنا، وأيضاً داخل الساحة الفلسطينية نفسها، وهذا قد يخلق واقعاً فوضوياً تماماً”.

تابع “ميخئيل” قوله: “فرصة حدوث ذلك في الضفة الغربية منخفضة تماماً، وإذا حدث ذلك فقد يكون صاروخاً هنا وهناك، لأن الاختلاف الأساسي بين قطاع غزة والضفة الغربية، هو أننا نتواجد داخل المنطقة، لدينا سيطرة استخبارية مثالية والقدرة على ترجمتها إلى خيار عملياتي.

هل يمكن أن تغيب عن أعيننا مثل هذه النية التحتية في الضفة الغربية ولا نكتشفها مبكراً؟

ليس هناك شيء مستحيل، لكنني أعتقد أنه سيكون صعباً للغاية ما دمنا متواجدين هناك.

المصدر: N12

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى