تهديد من الشمال .. تجاهل من الداخل

#ترجمة_الهدهد

في صيف 2007 انشغلت وسائل الإعلام فيإسرائيلبشكل كبير بخطر حرب قريبة مع سوريا، لمن لم يكن مطلعا على الأمور لم يكن واضحا على الإطلاق لماذا يتعين على السوريين أن يشرعوا في حرب ضدنا، من الجانب الإسرائيلي أيضًا، بعد سنة من حرب لبنان الثانية  لم تكن هناك أي حماسة للمواجهة.

من سأل مصادر عسكرية لماذا قد تنشب حرب كهذه؟، تلقى أجوبة غامضة جدا عن ردعنا الذي تضرر وإمكانية أن يصل الرئيس الأسد إلىسوء تقدير، وتبين لاحقا أن هذه الأنباء كانت جزءا من سحابة الدخان التي استخدمت للتغطية على الاستعدادات لإمكانية نشوب حرب بسبب آخر تماما، وهو الهجوم الذي استهدف المفاعل النووي في دير الزور، والذي حدث بالفعل في أيلول من تلك السنة، إدارة سياسية عاقلة وعمل عسكري دقيق أديا إلى أن يدمر المفاعل بالفعل، لكن الحرب لم تنشب.

فهل أصوات التصعيد التي تنطلق من على جانبي الحدود مع لبنان، بما في ذلك تحذير رئيس شعبة الاستخباراتأمانفي مؤتمرهرتسيليابأننصرالله قريب من خطأ يمكنه أن يدهورنا إلى معركةٍ كبرى؟. يلمح إلى شيء ما مشابه، أي حدث مخطط له من أحدالأطراف؟ يبدو لي أنه لا، لكن واضح أنه يوجد لدى القيادة الأمنية إحساس بأنه من شأننا أن نصل في غضون وقت قصير إلى مواجهة في لبنان تتطور (أو تكون جزءا من) مواجهة متعددة الساحات، حذر منها أول أمس أيضًا وزير الجيش،  يوآف غالانت“.

إذا كان زعيم حزب الله بالفعل يعاني من ثقة مبالغ فيها في النفس بالنسبة لقدرات التنظيم حيالإسرائيليحتمل أن تكون نفسها هيالتي وفرت له بعضا من المبررات لذلك. فمن يؤمن بالفكرة البسيطة للردع سينسب ذلك إلى الرد الهزيل على العملية قرب مجدو، تلك العملية التي أرسل منفذها حزب الله، وللموافقة الصامتة من جانب التنظيم على إطلاق 34 صاروخا من أراضي لبنان نحوإسرائيلقبل نحو شهر ونصف لكن الأمور معقدة أكثر.

المنظومة الأمنية تتباهى جدا بإنجازات المعركة بين الحروب ضد تعاظم قوة حزب الله وتموضع وكلاء إيران في سوريا، لكن مثلما في جبهات أخرى، بينما نتباهى نحن بالقصف المسنود بمعلومات استخبارية فائقة، قد يستخلص العدو من ذلك استنتاجات مختلفة تماما.

قد يستنتج مثلا  أنإسرائيلتخاف من الحرب لدرجة أنها تقبل بشكل مطلقبالخطوط الحمراءالتي قررها نصرالله وبموجبها كل عمل على أراضي لبنان أو اغتيال  لعناصره سيؤدي إلى رد فعل.

لقد أدت المعركة ما بين الحروب إلى رغبة إيران وحزب الله في خلق نوع ما منمعركة بين الحروب مضادة، ويبدو أنه في الأسابيع الأخيرة وجدت الصيغة، وليس بالذات بشكل مخطط مباشر في طهران بل من تراكم تفاهمات لدى مختلف الأعداء، القلق متواصل في كل الجبهات،من الإرهاب في الضفة والجولات المتكررة في غزة (واضح أنه ليس لـإسرائيلفيها أي هدف باستثناء إنهائها السريع)، عبر فتح جبهات جديدة مثل إطلاق النار من لبنانوكل هذا تماما مثلما هو عندنا تحت حافة الحرب.

غير أن الحروب منذ عشرات السنين لا تنشب لأن أحدًا ما قرر أو حتى بان أحدٌ ما أخطأ، لكن الحروب الأخيرة بما فيها لبنان الثانية وصلنا من خلال الرد والرد المضاد.

تدهور للحرب دون نية مسبقة، وفي هذا السياق لا يبدو أنإسرائيلاستخلصت دروسا مناسبة، تحدد لنفسها فيها أهدافًا وتعملبموجبها، عملنا يواصل النشوء من قصور ذاتي فكري ومن سياسة داخلية.

أن تجمع كل هذه الظروف من شأنه أن يجلبنا، دون أي نية مسبقة، ليس فقط إلى اشتعال مع حزب الله بل إلى تحقيق سيناريو حرب متعددة الجبهاتفي الضفة، وعلى الحدود، بالنار من بعيد بل وربما من داخلإسرائيلنفسها، مثلما حصل في أيار 2021، غير أنه بينما تتحدث الجهات الأمنية عن ذلك لا يبدو أن الاستنتاجات الواجبة في مجال السياسة، و بناء القوة وإعدادها تُبحث على الإطلاق.

مداولات الميزانية التي ستقر هذا الأسبوع تضمنت جدالات (صحيحة بحد ذاتها) حول أموال حزبية، لم يكن هناك أي نقاش حقيقي حول طريقة تنفيذ البند الأكبر في ميزانية الدولة إلا وهو ميزانية الأمن، الجيشالإسرائيليمطالب بتغييرات ذات مغزى كي يفي بالضغوط في مجال القوة البشرية وليكون جاهزا حقا لمواجهة متعددة الجبهات؛ لا يوجد أي مؤشر على أن النقاش حول ذلك يجري بجدية لدى رئيس الوزراء في الكابينت أو حتى في المنظومة الأمنية نفسها.

يديعوت أحرونوت / عوفر شيلح

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى