على حساب الفلسطينيين.. مستوطنو العدو يسعون لتحويل غور الأردن إلى “أرض الينابيع”

#ترجمة_الهدهد
اضطر سكان قرية عين البيضا الفلسطينية الواقعة شمال غور الأردن إلى التخلي عن جزء كبير من أراضيهم الزراعية على مر السنين، وخاصة في العقد الأول بعد حرب الأيام الستة، وتم نقل هذه المناطق إلى مستوطنات في المنطقة أو تحويلها إلى مناطق عسكرية، كما يخشون في الأشهر الأخيرة على مستقبل النشاط الزراعي في المناطق التي بقيت بأيديهم بعد أن قرر المستوطنون تحويل الينابيع التي تستخدمها القرية إلى مواقع سياحية. المستوطنون تصرفوا دون أي تنسيق مع أهالي القرية الذين يملكون المناطق المحيطة بالينابيع والمجاورة لها وبالطبع لم يحصلوا على موافقتهم.
في الأشهر الثلاثة الماضية، بدأ المستوطنون القيام بأعمال لتحويل الينابيع الى مواقع ملائمة للزيارة والاستحمام، في اثنين من الينابيع، تم وضع ممرات خشبية وتركيب أدراج توصل المستحمين إلى حوض إلى النبع، في هذه المواقع وغيرها من الينابيع تم وضع الطاولات والكراسي والأراجيح.
وبالقرب منهم، وكذلك على شارع 90، شريان المواصلات الرئيسي في غور الأردن، تم وضع لافتة توضح أن هذا هو مشروع “أرض الينابيع” يعبر هذا اللقب عن محاولة وصف شمال الغور في الجزء الواقع خلف الخط الأخضر كمنطقة للرحلات المائية في الطبيعة، على غرار وادي الينابيع الواقعة داخل الخط الأخضر، غرب بيت شان.
تنسب اللافتات التي وضعها المستوطنون النشاط في الينابيع، من بين أمور أخرى إلى المجلس الاستيطاني غور الأردن الذي تقع المستوطنات في المنطقة التي تحت سلطته.
وجاء في الكلمات التفسيرية التي تظهر على اللافتات: “أرض الينابيع مشروع تربوي يربط الأطر التربوية بحب الأرض ومثل الصهيونية والاستيطان وازدهار البرية. ومكتوب كذلك: إننا نرى أهمية كبيرة في الكشف عن الينابيع وتطويرها وجعلها في متناول عامة الناس لفائدة ارتباط “شعب إسرائيل” بأرضهم من خلال التنزه والغطس في المياه الطبيعية لـ”أرض إسرائيل”.
يعمل المستوطنون منذ عدة سنوات على نطاق واسع لتحويل الينابيع في المناطق الزراعية الفلسطينية في الضفة الغربية إلى مواقع سياحية، فتم توثيق النشاط من قبل “درور اتيكس” من منظمة “كيرم نابوت” Kerem” Navot”، التي تراقب سياسة الأراضي “الإسرائيلية” خارج الخط الأخضر، يقول “اتكس”: “يوجد في جميع مناطق الضفة الغربية غير شمال الأغوار حوالي 75 ينبوعًا، 30 منها مغلق تمامًا أمام الفلسطينيين وفي 40 آخرى يتعرضون لمستويات مختلفة من التهديد، ووفقًا له فهو لا يعلم عن أي موقع توقف فيه نشاط المستوطنين”.
شمالي غور الأردن الشمالي، هي المنطقة الأولى التي جرت فيها محاولة تطوير مشروع سياحي إقليمي من خلال فرض حقائق على الأرض في مواقع النبع، ودون الوصول إلى مصادر المياه هذه يجد السكان الفلسطينيون في المنطقة صعوبة في مواصلة أنشطتهم الزراعية.
الينابيع التي يدعي المستوطنون أنهم يكشفونها للجمهور، استخدمها مزارعوا عين البيضا منذ سنوات طويلة، معظم القرويين يكسبون عيشهم من الزراعة ويسوقون منتجاتهم – مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات – إلى مدن نابلس وطوباس وداخل “إسرائيل”.
وبحسب أسامة فقها، أمين سر مجلس عين البيضا فإن إمدادات المياه التي حصلت عليها القرية من مكوروت قد انخفضت في السنوات الأخيرة، لذلك ازداد اعتماد السكان على مياه الينابيع لاستخدامات مثل الري الزراعي.
حتى اليوم، كان المتنزهون يأتون إلى الينابيع من وقت لآخر ولم يزعجنا ذلك”، كما يقول فقها، لكن هذا تغير، ففي الأشهر الأخيرة حيث يأتي ناس أكثر ضمن مجموعات كبيرة من المستوطنين ولا يسمح الجيش الذي يرافقهم من الاقتراب من الينابيع.
لدى الفلسطينيين أسباب وجيهة للخوف من زيادة القيود المفروضة على وصولهم إلى الينابيع وقدرتهم على استخدام المياه في المستقبل، كما حدث بالفعل في ينابيع أخرى في الضفة الغربية.
أخشى أن يحدث هنا ما حدث في عين سوكوت، التي سيطر عليها المستوطنون أيضًا ووضعوا هناك حولها سياج، كما يقول فقها. عين سوكوت هي نبع يقع جنوب القرية، وهذا الأسبوع كانت العين محاطة بسياج وبوابة مغلقة، يقول فقها إن الفلسطينيين يواجهون صعوبة في استخدام النبع ويقول “لا أشعر بالأمان هناك، بالنسبة له، حاول المستوطنون بالفعل إخلاء أحد الينابيع القريبة من القرية، لكن السكان نجحوا في منع ذلك في الوقت الحالي.
هذا الأسبوع وصل فقها إلى أحد الينابيع المسماه عين الدار أو عين “أرنون” كما يسميها المستوطنين، ساعتها جاءت ثلاث شابات يهوديات الجليل للغطس في العين وقد سُئلت إحداهن ألا ترى أن هناك مشكلة في تواجدها داخل مناطق زراعية في قرية فلسطينية، أجابت بثقة أن هذه المنطقة هي أيضًا “وطنها”. وأضافت “هذه أرضنا هذه أرض إسرائيل”.
يشهد القرويون أن تواجد المستوطنين المتزايد في الينابيع في الأشهر الأخيرة يسبب مشاكل، ويتحدث فقها عن الأضرار التي لحقت بمرافق ضخ المياه من الينابيع، ويشير إلى منشأة طاقة شمسية تمد المضخة بالكهرباء حيث قام أحد المستوطنين بتحطيم الألواح الشمسية.
أحد المزارعين يتحدث عن الأضرار التي لحقت بالأنابيب المستخدمة في الرش ويقول “حتى الآن، تعاونت مع مزارعين من المستوطنات في المنطقة ولكن في الأشهر الأخيرة نرى نوع جديد من المستوطنين هنا.
ولم يرد مجلس غور الأردن الاستيطاني والإدارة المدنية على محاولات معرفة الأساس القانوني لنشاط المستوطنين في الينابيع. ولم بتطرقا إلى الأضرار الني قد تلحق بالمزارعين في عين البيضا جراء نشاط المستوطنين.
لم يرد المجلس على محاولات معرفة الأساس القانوني لنشاط المستوطنين في الينابيع، وردَّت “الإدارة المدنية” أنها لا تعلم عن الحقائق الموصوفة في الطلب، وإذا تم الكشف عن ضرر بيئي في الطبيعية والمحمية، فستتصرف “الإدارة المدنية” وفقًا للقانون والإجراءات القائمة.
إن محاولة “إسرائيل” الخرقاء لتقديم نفسها على أنها حارسة الطبيعة في الضفة الغربية تتعارض مع مصالح المشروع الاستيطاني، الذي يقوم على مبدأ “اسرق قدر ما تستطيع”، كما يقول أتكس.”الاعتبارات البيئية، إن وجدت، هي دائما تكون خاضعة للقومية التي هي أساس المشروع الاستيطاني”.
هارتس / تسفرير رينات
Facebook Comments