صبر المقاومة وحالة الارتباك الصهيونية

شبكة الهدهد – هيئة التحرير
يعيش كيان العدو حالة من الإرباك بعد عملية الاغتيال التي نفذتها ضد قادة سرايا القدس في قطاع غزة، وجاء الإرباك بعد تأخر رد المقاومة في ظل اتخاذ العدو لإجراءات استثنائية في عدد من المدن منها تعطيل الحياة العامة والمدارس، وإخلاء مستوطنات الغلاف بما فيها مدينة “سديروت” نحو فنادق في البحر الميت وإخلاء جزئي في مدينة عسقلان.
في حين شهدت تل أبيب إجراءات مثل فتح الملاجئ، وإعطاء تعليمات للسكان للبقاء بالقرب من الغرف المحصنة، تغيير حركة الطيران واتجاهاته، على أقل تقدير تمس هذه الإجراءات الاستثنائية حياة أكثر من 3 ملايين شخص بصورة مباشرة بالانتقال من أماكن السكن أو العيش في ظل الخوف من إطلاق الصواريخ.
تعكس تصريحات الكتاب والمحللين “الإسرائيليين” حالة الإرباك التي تعيشها المؤسسة الأمنية والعسكرية للعدو، وقد بدأ تحليل دوافع صمت المقاومة متناقض وفي بعضها يندرج في إطار الحرب النفسية، لكن مع ضعف الرأي الذي يتحدث عن خوف المقاومة أو تأثر قدرتها العملياتية في حادثة الاغتيال التي نفذها العدو، فإن الخيار الثاني هو الأرجح في التحليل والذي يشير أن هناك أهداف لصمت المقاومة وفق ما يرى الاحتلال منها:
- إرهاق الجبهة الداخلية للعدو وبقائها في حالة ترقب ضمن الإجراءات الاستثنائية، وهذا يساهم في إبطال مفعول صورة النصر التي حاول “نتنياهو” مدفوعاً من “الصهيونية الدينية” الحصول عليها أمام جمهور العدو في عملية الاغتيال، بالإضافة لرفع الفاتورة الاقتصادية على حكومة العدو، والتأثير في البعد المعنوي لجمهور العدو.
- الخشية من المبادرة والهجوم والتنسيق مع مكونات المقاومة، وهذا يتطلب اختيار التوقيت والتزامن ورسم سيناريو عملياتي للرد على جريمة العدو، وهو ما يجعل التأخر له معنى.
- المزامنة مع مسيرة الأعلام، بدأ إعلام العدو من التحذير من إمكانية تأخير فصائل المقاومة للرد ليوم مسيرة الأعلام، وهذا يجعل حكومة العدو في مأزق، خاصة أنها سعت بكل قوتها في رمضان لتبريد الأجواء ومنع اندلاع مواجهة من أجل القدس والأقصى، وذلك خوفاً من تحولها لمعركة إقليمية من أجل القدس.
بكل الأحوال فإن حسابات البيدر يبدو أنها ستختلف عن حسابات الحقل، وهو ما تذهب له المؤشرات بقوة، فمعادلة الردع مع العدو تبنى بصورة تراكمية وفق استراتيجية واضحة، والتي دخلت مرحلة حرجة في منع عمليات الاغتيال أو استمرارها.
ساهمت عدد من العوامل الداخلية في دولة الكيان في تعزيز قرار عملية الاغتيال من بينها:
أولاً: الخوف من سقوط الحكومة بعد مقاطعة بن غفير جلسات التصويت في الكنيست وجلسات الحكومة الأسبوعية، وهو ما كان سيقود لانهيار الحكومة في حال عدم مشاركته على تمرير الميزانية في قراءتها النهائية.
ثانياً: تقييم المؤسسة الأمنية والعسكرية بضرورة استعادة الردع الذي تضرر بعد ضربة رمضان متعددة الجبهات، والبدء في مسارات ناعمة وخشنة لفصل الساحات:
- جبهة لبنان، عملت على تثوير الخصوم السياسيين لحزب الله ودفعهم نحو مهاجمته واتهامه بالسماح للفلسطينيين باستخدام الأراضي اللبنانية في إطلاق الصواريخ.
- جبهة الضفة الغربية تعزيز واقع السلطة عبر جملة من الإجراءات الاقتصادية من بينها تخفيض ضريبة “البلو” على الوقود، ودراسة تقديم قروض للسلطة من جهات دولية تكون أموال المقاصة المخصومة ضماناً لها، بالإضافة للمشاورات حول استخراج الغاز من حقل “مارين” المقابل لشواطئ غزة من أجل تعزيز قوة السلطة الاقتصادية لضمان تأثيرها في الجمهور الفلسطيني، حافظ العدو كذلك على استمرارية تنفيذ العمليات العسكرية في الضفة من أجل تعطيل القدرات الهجومية للمقاومة في جنين ونابلس.
- الجبهة الثالثة قطاع غزة، بدأ العدو بناء مسار لشق المقاومة باستهداف تنظيم الجهاد الإسلامي بهدف تثبيت قواعد اشتباك تفصل الضفة عن غزة، ويسعى الاحتلال من المعركة الجزئية في غزة أن تبقى في نطاق العمليات العسكرية وليس الحروب عبر تحييد حركة حماس عن المواجهة.
يسعى “نتنياهو” وهو يدير المعركة الحالية ألا تتحول لنهاية حياته السياسية، من أجل ذلك قام بعدد من الإجراءات لتغطية نفسه قبل تنفيذ العملية العسكرية من بينها:
- الحديث أن العملية العسكرية جاءت بناء على طلب الأجهزة الأمنية للعدو وليس بمبادرة منه، وقد شكر جهاز الشاباك والجيش -“نتنياهو”- على الموافقة على العملية العسكرية. كما غطت المستشارة القانونية للحكومة عملية الاغتيال بإقرارها دون الحاجة للرجوع للمجلس الوزاري المصغر.
- تم تسريب معلومات عن اتصالات مع أطراف أنه سيكون هناك رد على الصواريخ التي أطلقت على سديروت.
- تم تسريب معلومات عن اللقاء الذي جرى مع مستشاري الإدارة الأمريكية، وإخبارهم بأن هناك عملية عسكرية ضد قطاع غزة.
يعتقد “نتنياهو” أنه استطاع عبر العملية العسكرية تحقيق بعض الإنجازات التي ما زالت محل شك في ظل انتظار رد المقاومة:
- اغتيال قيادات عسكرية للجهاد الإسلامي.
- عودة “بن غفير” للحكومة، وضمان التصويت على الميزانية وعدم سقوطها.
- رص الصفوف الداخلية خلف “نتنياهو”، وهو ما حصل في إعلان المعارضة وقوفها خلف العملية العسكرية ضد غزة.
ستظل خيوط ومآلات المشهد الداخلي في فلسطين، والإقليمي مرتبطة بقرار المقاومة في غزة، ويرى المحللون الصهاينة أن هناك نمطا جديدا من إدارة المواجهة، تتم قراءته في كل الاتجاهات، وكل قراءة في مآلاتها أسوأ من الأخرى.
Facebook Comments