“أشكنازي”: “المتطرفون يختطفون الدولة”

#ترجمة_الهدهد

في ديسمبر 2020، أعلن “غابي أشكنازي” أنه أخذ استراحة من السياسة.  في آخر منصب سياسي له شغل منصب وزير خارجية العدو في حكومة “بنيامين نتنياهو” الخامسة.

مر عام ونصف منذ ذلك الحين، ودخلت “إسرائيل” في أزمة داخلية عميقة، اجتماعية وسياسية، وباستثناء خطاب واحد في مؤتمر معهد دراسات الأمن القومي، اختار “أشكنازي” الصمت، كل ليلة سبت يذهب إلى المظاهرات  الاحتجاجية، لا يتكلم من على المسرح ويكتفي بالوقوف في الشارع.

هذه الفترة ساعدته في تخفيف وزنه بضعة كيلو غرامات، ملامح وجهه جيدة، بالأمس جلسنا سويا للحديث في شرفة شقته الجديدة هو وزوجته “رونيت” في “كفار سابا”. كان هناك في الخلف يرفرف علم “إسرائيل” بحجم كبير، قلت: “على ما يبدو، أن هناك المزيد من الأعلام على المزيد من الشرفات في “إسرائيل” هذا العام.  أتساءل ما إذا كانت الأعلام مجرد رمز للاحتجاج، أم أنها دليل على الحب المتجدد الذي يظهره “الإسرائيليون” لبلدهم  قبل أن تنتزعه أو تسلبه السياسة منهم.

الشعور هو أن المتطرفين يستولون على البلاد، هكذا  تحدث مبتسما وقال،  ربما حان الوقت لاستخدام إجراء “هانيبعل” بمعنى، أني اعتقد أنه يجب إعادة البلاد مرة أخرى من أيدي من خطفوها.

لدى “أشكنازي” بعض الاقتراحات العملية في هذا الشأن،  اقتراحات يرى فيها جزء كبير ممن يقومون بالاحتجاجات صعبة الاستيعاب، وهو سيفصلها لاحقا.

سألته ما رأيك في معارضة “عائلات ثكلى” لمشاركة السياسيين في فعاليات يوم الذكرى؟..

قال النقاش هو نتيجة للوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه. لا أتذكر مثل هذا الصدع طوال سنوات “الدولة”، ليس من المستغرب أنه وصل إلى  يوم “إحياء ذكرى القتلى” أيضًا.

يجب الاستماع إلى العائلات، لو كنت وزيراً وتم استدعائي للتحدث في مقبرة عسكرية وواجهت معارضة من العائلات  لكنت سأضع إكليلاً من الزهور ولم أكن لأخطب.

كنت سأحتوي الاعتراضات وأقول دعونا لا ندنس “يوم الذكرى” و “يوم الاستقلال” ونرى فيهما بداية للتصحيح.

سألته هل كنت ستشارك في مراسم “إضاءة الشعلة”؟

أجاب نعم، و قال كنت سأتناول حبة (ضد الغثيان) وأشارك فيها وأجلس على المنصة وأحيي “أفيغدور كهلاني”. قلت إن هناك آباء ثكلى يردون بطريقة مختلفة، إنهم يشعرون بالإهانة عندما لا يأتي الوزراء إلى قبر الابن، إنهم لا يحبون طرد السياسيين من المقابر.

قال هذا صحيح، لكن في ضوء الخلاف، كان من الجيد لو اتخذت حكومة العدو خطوة غير عادية، لدينا 53 مقبرة عسكرية عشرة منها كبيرة، ومن الأفضل أن يتحدث فيها قادة جيش العدو فقط. وليكتفِ الوزراء وأعضاء الكنيست بوضع الأكاليل.

“نتنياهو” أخر المصادقة في الكنيست على التغييرات في تشكيل لجنة تعيين القضاة، ومع ذلك، يواصل المتظاهرون ملء الشوارع، حسب رأيك من أجل ماذا هم أو أنتم تقاتلون الآن؟

سبب  الاحتجاجات هو العملية التشريعية التدميرية التي بادر إليها الوزيرين “ليفين وروتمان”، وقد أدرك الجمهور أن هناك تغييرًا جوهريًا في الميثاق الموقَّع  بين المواطن والدولة، لكن هذه التشريعات لم تكن الشيء الوحيد، فقد رافقها ببيانات ومقترحات تشريعية أخرى. قضية المشاركة في حمل العبء مثلا، فأولئك الذين تحملوا العبء حتى اليوم ليسوا مستعدين للاستمرار.
وقد وقعت الاحتجاجات على تصدعات كانت موجودة من قبل، لكن المجتمع احتواها، الصدع اليوم أعمق بكثير مما يعتقده الناس، وقد يؤدي إلى سحق أو تحطيم مجتمع العدو.

ما هو علاجك للمشكلة ؟

قال، “القيادة السياسية، وأولهم رئيس الوزراء، يجب أن يخرجوا من المحادثات في منزل الرئيس باتفاق واسع، إذا كنا نرغب في الحياة والبقاء، فليس لدينا خيار آخر، الإصلاح القانوني هو الموضوع الخامس أو السادس على جدول أعمالنا.  إيران ترسل أسلحة إلى دول المنطقة وأمريكا تغادرها. الأزمة الداخلية تضر بقوتنا وحصانتنا الوطنية وقد تغري دولاً أخرى للقيام بمهاجمة “إسرائيل”.

“خلال حرب “يوم الغفران”، كنت طالبًا في مدرسة الضباط، وقاتلت في الجنوب  لكن العديد من أصدقائي قاتلوا ضد السوريين في مرتفعات الجولان، ما ساعدنا هو الشعور بالتضامن والتماسك الاجتماعي، وكان هذا الشيء الأكثر أهمية، إنه أهم من الطائرات المقاتلة. ونحن نسحق ذلك اليوم.

سألت، المحيط الاجتماعي والجغرافي ينظر إلى الاحتجاج من بعيد. هم ليسوا في ضمن حركة الاحتجاجات ولا في المظاهرات المضادة.

فقال “أيضا في “سديروت وأوفكيم” قلقون بشأن الوضع، نريد أن نرى الوحدة هناك أيضًا”.

“الأحزاب الحريدية” تلقت في الاتفاقات الائتلافية التزاما بتمرير قانون يعفي “الحريديم” من التجنيد الإلزامي. من المفترض أن يتم تمرير القانون من قبل الكنيست قبل المصادقة على الميزانية وقبل استئناف الجلسة في المحكمة العليا. وإذا أصر “الحريديم” على الإبقاء على الاتفاقية فستكون هذه هي الأزمة التالية.

قال “أشكنازي”: “إن الاقتراح المطروح على طاولة “الحكومة” اليوم سيئ، إنه سيضر بشدة بقيمة “الجيش والشعب”، بالإضافة إلى ذلك، سنخسر الجودة في “الجيش” وسندفع ثمناً اقتصادياً. عندما كنت “رئيسًا للأركان” استثمرنا الكثير من العمل في صياغة نموذج التجنيد الصحيح، واقترحنا حلاً أطلقنا عليه “من الخدمة الإلزامية إلى لزوم الخدمة” .

ودعت الفكرة إلى تشكيل قاعدة فرز وتجنيد وطنية، سيحصل كل ابن وابنة على أمر تجنيد كما سيحصل أيضا “الحريديم” والنساء العرب. سيكون لـ “الجيش الإسرائيلي” الحق الأول في التجنيد، وأي شخص لا يجنده “الجيش الإسرائيلي” سوف يلتحق بالخدمة الوطنية والمدنية.  قد يلتحق بـ “نجمة داود الحمراء” أو جمعية “زاكا” أو الإطفاء أو خدمات اجتماعية. “نتنياهو” عندما كان رئيسا للوزراء و”باراك” عندما كان وزيرا للجيش وافقا على المفهوم، و أحضرت الفكرة إلى جمعية “فنيما”، التي تبنته، وإلى حزب “أزرق أبيض”.

“واكي” لا تخطئ: أنا أؤيد تعلم التوراة. في خطتنا، افترضنا أنه سيتم تحديد حصة بحيث يكرس آلاف الشباب المتدينين “الحريديم” وفقها كل وقتهم للدراسة في مدرسة دينية. المؤسسات “الحريدية” سوف نختارهم. قدمنا الفكرة إلى قيادة “الحريديم”. أقول لك – إن هذا  ممكن. هناك رغبة في الاندماج؛ هناك من يمكن العمل معه. هذا بالتأكيد أفضل من قانون يساوي مكانة طالب المعهد  الديني بالجندي.

“أعتقد أنه إذا كان هناك حوار محترم سيكون من الممكن التوصل إلى حل. من الممكن التجنيد في “الجيش الإسرائيلي” والبقاء متدين “حريدي”. يمكنك العمل في مجال التكنولوجيا العالية والبقاء متدين “حريدي”.

سألته ما رأيك في رفض الخدمة؟

وقال “أريد أن أكون واضحا، أنا ضد رفض الخدمة، لا يجب ذكر ذلك في الخطاب  على الإطلاق، إنه أمر سيء للجيش. أتفهم ألم جنود الاحتياط،  إنهم متطوعون،  سيحتاج الجيش إلى كل واحد منهم،  إنهم يستحقون تقديرًا أكثر بكثير مما  يحصلون عليه، رئيس الأركان وقائد سلاح الجو  فعلوا الشيء الصحيح عندما فتحوا حوارًا معهم، في يوم صدور التعليمات لهم أنا متأكد من أن الجميع سيحضرون.

“ومع ذلك، يجب على جنود الاحتياط احترام التسلسل القيادي. أعرف رئيس الأركان “هيرتسي هاليفي”، لن يصدر منه أمرًا مخالفا للقانون، أمرًا من نوع  محو حوارة. لقد مررنا بهذه التجارب في الماضي وعرفنا كيفية التعامل معها،  لن يتلقى ضابط أو طيار أمرًا غير قانوني، وإذا تلقى فسيعرف ما يجب فعله.

أتذكر موجات رفض الخدمة السابقة بعد حرب “يوم الغفران” وحرب لبنان الأولى،  لا أريد تكرار ذلك. جنود الاحتياط يتحدثون من قلوبهم – يجب الاستماع إليهم، لكن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة”.

ينسب الفضل لـ”غانتس” في رغبته في سلوك الطرق الرسمية والتوصل إلى حل وسط، وهذا ما يريده الجمهور، “أشكنازي” مع “يعلون” و”غانتس” و”لابيد” شركاؤه السابقون في حزب “أزرق أبيض”. لقد قلت إن الاحتجاج مثير للإعجاب للغاية سواء في نطاقها أو في استمرارها  أو في الروح التي تجلبها معها . لكن في النهاية  هناك حاجة إلى حل سياسي ،ما هو الحل في رأيك؟

“قبل الانتخابات الأخيرة، اعتقدت أننا يجب أن نذهب لتشكيل حكومة وحدة، و البديل هو حكومة يمينية متطرفة، هي أقل جودة،  يمكن لحزب “الأزرق الموحد”  والليكود تشكيل حكومة وترك المتطرفين خارجا، ولكن لسوء الحظ اعتقد “لبيد” خلاف ذلك، لقد أراد انتخابات سادسة.

لو كانوا شكلوا  حكومة طوارئ وطنية اليوم لمدة عام واحد، بدون “سموتريش وبن جفير” كنت سأدعمها. يجب أن نتوصل إلى حل وسط، وإلا فإننا جميعًا نخسر، لا يوجد فائزين في هذه القصة. عندما غزا الجيش المصري سيناء عام 1967 استطاع اليسار واليمين تشكيل حكومة مشتركة. في رأيي الوضع اليوم أكثر خطورة.

نتنياهو  يدرك هذا. أرى لديه مؤشرات محاسبة النفس. أولا هو أوقف التشريع القانوني. ثانيًا أعاد “غالانت” دون قيد أو شرط؛ ثالثا الالتزام بعدم قيام الحرس الوطني تحت مسؤولية “بن غفير”، رابعًا أوقف اقتحام اليهود للمسجد الأقصى. “آمل أن يستمر هذا الخط،  انظر إلى صعود غانتس في استطلاعات الرأي،  ينسب إليه الفضل في رغبته في سلوك الطرق السياسية والتوصل إلى تسوية، هذا ما يريده الجمهور، بما في ذلك الجمهور في الضواحي.

قلت له إنك تضررت من “نتنياهو”، ورأيك في مصداقيته وأمانته ونواياه هو نفس رأي مئات الآلاف من المتظاهرين. ومع ذلك فأنت على استعداد لدعم حكومة يترأسها.

أجاب: “أنا براغماتي”. المسألة هي  إما أن نتركه وحده أو أن نكون بجانبه   والأفضل أن نكون بجانبه، لقد تعلمنا أنه عندما يكون هناك خطر على “البلاد” وعلينا، فمن الأفضل أن يكون نحن من يجازف وليست “البلاد”.

“بعد أن وقع “نتنياهو” الاتفاقية مع الإمارات، ظننت أن “بن سلمان” أهم بالنسبة له من “بن غفير”. أدركت أنني كنت مخطئا، والنتيجة التي توصلت إليها هي أنه لا ينبغي تركه بمفرده.

في مفاوضات الائتلاف التي أجراها “ليفين” معنا، أراد تغيير تشكيل لجنة تعيين القضاة، منعنا ذلك، نتنياهو أراد ضما في  الضفة الغربية ولو رمزيًا، بنسبة قليلة فقط. ربحنا سنة ونصف دون ضم. والسنة ونصف في “إسرائيل” فترة طويلة.

يديعوت أحرونوت / ناحوم برنيع

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى