
ترجمة الهدهد
أكدت موجة العمليات الأخيرة، المعضلة الأمنية التي تعيشها “إسرائيل”، من جهة الحاجة للعمل والرد لأجل تثبيت الردع على كل الجبهات، ومن جهة أخرى الرغبة في عدم التدهور إلى تصعيد غير مرغوب فيه من شأنه أن يؤدي حتى إلى حرب متعددة الجبهات.
في الجبهتين الأساسيتين في لبنان وفي غزة، نجحت “إسرائيل” في استقرار الوضع (صحيح حتى أول أمس) بعد صليتي صواريخ عشية البيسح وفي أثناء العيد، وفي أعقاب” الرد الإسرائيلي” الذي هوجمت في أثنائه أهداف لحماس في لبنان وفي قطاع غزة، ساد هدوء في كلتيهما، لكن هذا هدوء مُخادع؛ كل حدث شاذ، وبالتأكيد إذا كان مصدره المسجد الأقصى من شأنه أن يعيد إشغال المنطقة، خاصة عندما تعمل إيران في الخلفية دون كلل، وهذا يحفز كل الجهات التي تدعمها وتشغلها للقتال ضد “إسرائيل”، مثلما تم التعبير عن ذلك أول أمس بنيران الصواريخ التي أطلقت من الأراضي السورية إلى هضبة الجولان.
من الأسهل إيصال رسالة في غزة
في المنظومة الأمنية ادعوا أول أمس بأن حزب الله والحكومة اللبنانية لم يعرفا بأمر إطلاق عشرات الصواريخ إلى الجليل
هذا واقع ممكن، لكنه مقلق جداً، لأن معناه هو أن الفرع اللبناني للتنظيم الغزي، قادر إن أراد أن يشعل ليس فقط الجنوب، بل والشمال أيضاً، ويجر “إسرائيل” وحزب الله إلى معركة بخلاف رغبتهما.
هذا يستوجب من الجهتين محاولة تثبيت آلية غير رسمية تمنعهما من التدهور إلى مناطق خطيرة، لكن في الوقت نفسه السماح لـ “إسرائيل” أن تضرب حماس في لبنان لأجل ردعها.
ليس واضحاً كم هذا ممكن، كون حزب الله “درع لبنان” المعلن، لكن هذا ضروري لأجل منع إطلاق النار -لمرة واحدة-، والذي حدث في العيد، أن يصبح عادة.
في غزة أسهل على “إسرائيل” إيصال الرسائل، هنا أيضاً يزعم أنه ليست حماس هي التي أطلقت الصواريخ، بل منظمات أخرى، لكن هذا أقل أهمية، حماس هي الحاكم في قطاع غزة وعليها أن تفرض الهدوء، يخيل أن “الرد الإسرائيلي” الحاد نسبياً كان فاعلاً، لكن محظور أن يكون لمرة واحدة: على “إسرائيل” أن تعود إلى سياسة الحكومة السابقة والذي بموجبه يكون رد على كل إطلاق صاروخ، هذا سيزيد الردع، وينقل معضلة إطلاق الصواريخ من “إسرائيل” إلى غزة.
في هذين الردين – في لبنان وفي غزة – لم يبلغ عن إصابات، وليس صدفة، فقد امتنعت “إسرائيل” عن ذلك عن قصد، مع العلم أن وقوع “قتلى” سيثير الغضب في الطرف الآخر ويؤدي إلى رد، سيستوجب هجوماً آخر، وهلم جرا – حتى الوصول إلى التصعيد.
كان من بين أعضاء الائتلاف من انتقد ذلك، لكنهم مخطئون: فإمكانية التفجر الآن عالية جداً – وبشكل غير مسبوق فالتخوف من أن يحدث هذا الانفجار في عدة جبهات بالتوازي – ما يستوجب من “إسرائيل” العمل بشكل دقيق دوماً كي لا تفقد السيطرة.
الفصل بين الجبهات
سيبقى مصدر وجع الرأس في الأيام القادمة أيضاً المسجد الأقصى والضفة الغربية، الأول سيعود من اليوم ليكون بؤرة مواجهات، والشرطة ستكون مطالبة مثلما كانت دوماً بأن تتصرف بعقل مع علمها أن فقدان السيطرة (أو الإصابات) قد يؤثر إلى أبعد من نطاق المسجد الأقصى.
كما أن مناطق الضفة ستشكل تحدياً مهماً – سواء حيال النشاط الهجومي للشباك والجيش، أو في حماية الجبهة الداخلية – فيما أن التحدي هو منع مزيد من العمليات الفتاكة، هذا هو السبب في قرار أمس تعزيز الشرطة بجنود نظاميين يقومون بأعمال الدورية في المدن الرئيسية في محاولة للردع وكي يكونوا قوة رد فورية.
من المتوقع لهذا الوضع المعقد أن يرافقنا على الأقل حتى ما بعد يوم ذكرى “النكبة الفلسطينية” بعد نحو أسبوعين ونصف.
هذه فترة طويلة ستبذل فيها المنظومة الأمنية جهداً خاصاً لإحباط العمليات، لمنع التصعيد وللفصل بين الجبهات، هذا الجهد يستوجب أيضاً ساقاً سياسية وإعلامية تعاني في هذه اللحظة من نقص شديد على خلفية العلاقات السيئة مع الإدارة في واشنطن (والانقطاع في العلاقات مع بعض دول أوروبا) والأداء الجزئي للغاية من جانب منظومات الإعلام الوطني.
المصدر: “إسرائيل اليوم”/ يوآف ليمور
Facebook Comments