ترجمة الهدهد
لقد حانت لحظة الحقيقة، لقد أزيلت القفازات، وتتحرك “إدارة بايدن” بسرعة نحو مواجهة مباشرة مع “إسرائيل”، الأمر الذي قد يعيد العلاقات إلى نفق الفترات المتوترة، مثل “إعادة التقييم” من أواخر عام 1974 إلى صيف عام 1975، أو أزمة البناء في “رمات شلومو”، التي ألقت بظلالها على زيارة نائب الرئيس آنذاك “بايدن” إلى “إسرائيل” مارس 2010.
ولكن في حين أن هذه الأزمات الحادة كانت تركز على قضية محددة، ولم تمتد إلى جميع أبعاد التحالف بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”، إلا أنها كانت هذه المرة عبارة عن تراكم كامل من العوامل والتصريحات المثيرة للجدل، التي ظهرت في وقت واحد، حيث شككت ليس فقط في وجود العلاقات بين الحليفين، ولكن في أهمية “إسرائيل” كأصل استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة في ساحة الشرق الأوسط.
إن التصريحات الخطيرة بشكل استثنائي التي أدلى بها مسؤولون كبار في الإدارة، سواء حول إلغاء قانون “فك الارتباط” (الذي يتناقض ظاهرياً مع موافقة إسرائيل في قمة شرم الشيخ الأخيرة على تجميد تصاريح البناء الجديدة في المستوطنات لمدة أربعة أشهر)، وتصريحات وزير المالية “بتسلئيل سموتريتش” بشأن الأحداث في حوارة وعدم جدوى قيام دولة فلسطينية، وبالطبع الإصلاح الموسع للنظام القضائي، تشمل كلاً من العقد السياسية والمعيارية.
لذلك، فإنها تشكل تهديداً مباشراً وفورياً للشراكة طويلة الأمد بين واشنطن وتل أبيب، كما أنها تقلل إلى حد كبير من فرص عودة “إدارة بايدن” إلى المنطقة، كوسيط بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية، التي ترغب في مكافأة ودعم الرياض من خلال توفير أسلحة متطورة كحافز لانضمامها الكامل والعلني إلى “اتفاقيات إبراهام”.
وإذا لم يكن ذلك كافياً، فإن اقتراح “قانون منع النشاط التبشيري المسيحي”، الذي قدمه حزب “يهودت هتوراة” (لدى رئيس الوزراء تحفظات عليه في الوقت الحالي)، نصّ على أن أي التماس للتحول الديني سيكون جريمة جنائية، ارتكب فعلاً مزعجاً أو ضاراً يتجاوز الحد المسموح به.
في حين أن الجمهور الليبرالي (بما في ذلك التجمعات الإصلاحية والمحافظة لليهود الأمريكيين) يعارض بشدة الإصلاح القانوني، والذي في تقديره، يعرض أسس الديمقراطية والبنية التحتية المعيارية للتحالف بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” للخطر، فإن الترويج لقانون “المهمة” (منع التبشير) يمكن أن يقوض بشدة مرساة دعم “المجتمع الإنجيلي” والجماهير الواسعة في “إسرائيل”.
لقد زودت هذه الجماهير الكيان بشبكة أمان قوية في السنوات الأخيرة، ناهيك عن طبقات أخرى من المجتمع الأمريكي، والتي ستخرج ضد هذه المبادرة الجديدة.
في ضوء كل ذلك، يواجه رئيس وزراء العدو “نتنياهو” لحظة قرار مصيري: إما الاستمرار في إعطاء الأولوية للاعتبارات الداخلية، والتطلع إلى الحفاظ على الائتلاف القائم بأي ثمن على هدف استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، أو اتخاذ منعطف ووضع البعد السياسي على رأس جدول أعماله، مقابل قطع العلاقات مع واشنطن، مع الاستعداد لدفع الثمن السياسي المطلوب لذلك؟ القرار بين يديه!
المصدر: “إسرائيل اليوم”/ البروفيسور أبراهام بن تسفي
حصل الكاتب على “جائزة إسرائيل” في مجال العلوم السياسية والعلوم الإدارية والعلاقات الدولية لعام 2019-2020، أستاذ فخري في قسم العلوم السياسية في جامعة حيفا
Facebook Comments