زيارة “أوستن” للكيان تؤكد الخلافات بين الولايات المتحدة و”إسرائيل”

ترجمة الهدهد

لا يمكن اعتبار الزيارة السريعة لوزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” للكيان، نجاحاً كبيراً في “إسرائيل”، يبدو أن المسؤول الأمريكي جاء لإيضاح موقف إدارة بايدن من الأزمة السياسية التي تعصف بـ “إسرائيل” وأيضاً ما يتعلق بالتطورات الإقليمية.

عقد وزير الدفاع الأمريكي اجتماعين في مطار “بن غوريون”، أحدهما مع رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو”، قبل أن يقلع مع زوجته إلى روما، وبعد ذلك مباشرة مع وزير جيش العدو “يوآف غالانت”، الذي وصل -للمطار المحاصر من قبل المحتجين- للقاء نظيره الأمريكي، هذا في حد ذاته موقف محرج!

ما قاله “غالانت” في المؤتمر الصحفي المشترك نهاية الاجتماعات، يمكن فهم حجم الخلافات بين حكومة الكيان والإدارة الأمريكية فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية التي تعمقت.

كرر “غالانت” في خطابه أن كل الخيارات يجب أن تكون جاهزة للعمل ضد إيران وذلك ذلك مرتين.

ولم يقل إن هناك تفاهماً بين “إسرائيل” والولايات المتحدة في هذا الشأن، بل قال إن هناك حاجة لاتخاذ قرارات مهمة.

في الواقع لم يخفِ “غالانت” نيته في أن المطلوب هو التحضير لعمل هجومي ضد إيران، أما وزير الدفاع الأمريكي فقد أكد في حديثه أنهم في الولايات المتحدة ما زالوا يفضلون حل الأزمة مع إيران بالطرق الدبلوماسية، كلا المسؤولين اختارا كلامه بعناية، ولذلك من الواضح أن هناك خلافاً في هذا الشأن.

هناك خلاف آخر على ما يبدو حول القضية الفلسطينية

حيث حث وزير الدفاع الأمريكي “مضيفيه الإسرائيليين” على تهدئة الوضع، وقال “غالانت”: “إن إسرائيل ستواصل أنشطتها كما هي اليوم في الأراضي الفلسطينية لمنع الإرهاب”.

مجرد الإشارة من قبل “غالانت” لذلك يشير إلى عدم وجود اتفاق حول هذه القضية بين واشنطن وتل أبيب.

اختار وزير الدفاع الأمريكي “لويد أوستن” أن يفتتح حديثه في المؤتمر الصحفي بفقرة طويلة، موضوعها القيم الديمقراطية المشتركة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة، وشدد على الحاجة إلى نظام قضائي مستقل وقوي، والحاجة إلى إجراء تغييرات بالإجماع العريض حتى تكون مستقرة.

هذه ليست مسألة أمنية، لذلك من الواضح أن “أوستن” أرسله الرئيس “بايدن” لإيصال رسالة حازمة لـ “نتنياهو” و”غالانت” فيما يتعلق بالحاجة التي تراها الولايات المتحدة في أن تتجنب “الحكومة الإسرائيلية” تقويض استقلالية ومتانة النظام القضائي، والحاجة إلى إجراء تغييرات دستورية فقط عندما يكون هناك إجماع واسع بين الناس.

وقال “أوستن” في بداية تصريحاته إن المحادثات مع “نتنياهو” و”غالانت” وطواقمهما كانت “مفيدة”.

في القانون الدبلوماسي الأمريكي، تعني الكلمة: “لقد أخبرتك بما أعتقده وأخبرتني بما تعتقده وتعتزم القيام به، ولم نتوصل بالضرورة إلى اتفاق”.

ببساطة، فإن المختلف عليه بين “إسرائيل” والولايات المتحدة أكثر من المتفق عليه، سواء في مسألة التغييرات القانونية التي تحاول الحكومة إدخالها وكذلك حول القضية الفلسطينية.

هناك قضية أخرى لم ترض عنها الإدارة الأمريكية، وهي تجنب “الحكومة الإسرائيلية” -السابقة والحالية- تقديم مساعدة عسكرية وأنظمة دفاعية لأوكرانيا.

ذكر “لويد أوستن” المساعدة الإنسانية التي تقدمها “إسرائيل”، ولكن كان من الواضح من كلماته أنه يتوقع من “إسرائيل” أيضاً تزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية وليس فقط إنسانية، يمكن أن تساعد الأوكرانيين في الدفاع عن أنفسهم ضد الجيش الروسي.

القضية الوحيدة التي يبدو أن هناك اتفاقاً جزئياً حولها بين “أوستن” و”غالانت” و”نتنياهو” هي التعامل مع البرنامج النووي الإيراني والإرهاب الإقليمي.

من خلال تصريحات “غالانت” وأيضاً من تصريحات “أوستن”، يبدو أن الولايات المتحدة تواصل بلا انقطاع، وستستمر في تقديم المساعدة التكنولوجية والمالية لجهود “إسرائيل” للتحضير لصراع عسكري مع إيران.

وفي هذا الصدد، هناك العديد من الجهود المشتركة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة الأمريكية، والتي يمكن اعتبارها رائدة ومن المحتمل أن تستمر، كما سيستمر التعاون العسكري الإقليمي والتنسيق بين الولايات المتحدة والدول العربية الأعضاء في التحالف الإبراهيمي و”إسرائيل”.

لكن الأمريكيين، وفقاً لكلمات “أوستن”، لم يفكروا بعد بجدية في خيار هجومي ضد إيران، بل إنهم ينصحون “إسرائيل” بعدم التسرع في هذا الاتجاه، وقال “أوستن” تحديداً إن إدارة بايدن تفضل التعامل مع إيران من خلال الوسائل الدبلوماسية.

خلاصة القول أن وزير الدفاع الأمريكي جاء إلى “إسرائيل” للتحدث أكثر من الاستماع، ونقل رسائله دون تهديد كبار مسؤولي “الحكومة الإسرائيلية”، لكن يمكن الفهم من الزيارة أنه من المهم جداً لدى إدارة بايدن أن تأخذ “الحكومة الإسرائيلية” في الاعتبار النصيحة التي تتلقاها من واشنطن، وأنه إذا لم تفعل ذلك، فقد يتضرر التعاون في السياق الإيراني.

المصدر: يديعوت أحرونوت/ رون بن يشاي

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى