انقلاب عسكري في “إسرائيل”

رأي الهدهد -هيئة التحرير
يحدث هذه الأيام في كيان العدو “إسرائيل” انقلاب عسكري غريب في نوعه وطريقته، وربما هو الأول من نوعه، حيث أعلن 6 آلاف جندي وضابط احتياط من كل القطاعات والتخصصات، منها الحساسة جداً والنخبوية -منها من سلاح الطيران- ومن قوات العمليات الخاصة، وحتى القطاع الطبي، أعلنوا عن رفضهم الخدمة في ظل إصرار رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو” على السير حتى النهاية بمسألة -الإصلاحات القانونية-.
هذا الانقلاب لم يحدث عن طريق نزول الدبابات إلى شوارع المدن الرئيسية، ولم يحتج الأمر لاستخدام الطائرات لقصف مبنى البرلمان “الكنيست” والجسور الرئيسية، ولم يحتاج الانقلاب لإغلاق “أيلون” و”التشيكبوست” وتقاطع مطار “بن غوريون” وساحة المحكمة العليا بالدبابات والجنود المدرعين بكامل عتادهم.
كل ما حدث هو انتشار وتفشي ظاهرة آخذة بالازدياد أطلق عليها (الرفض)، والقائمة على إعلان قطاعات تعتبر عصب وجود الكيان، هي ظاهرة رفض الخدمة العسكرية، أو الذهاب للتدريب الحيوي، أو تسلم الرتب لقائد الأركان أو وزير الجيش.
هذا الأمر لم يقتصر تأثيره على الطبقة الحاكمة، التي فقدت السيطرة على أهم قطاع حيوي في الكيان- الجيش-، وبالتالي عجزت عن تجنيد من يطيّر رئيس الوزراء إلى روما، بل استدعى المعارضة لرفض واستنكار هذا الأمر المقلق لكيان لا يحتمل ما تحتمله -دولة فاشلة- من دول المنطقة التي فقدت عناصر الدولة، لذلك استدعى الأمر التدخل من المعارضة وتحذير من نتنياهو بأن التهديد أصبح وجودي وخطير.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد رفض طاقم شركة الطيران “الـ عال” حمل رئيس الوزراء إلى روما في إطار زيارة رسمية، واستطاع “نتنياهو” بصعوبة العثور عن متطوع حريدي لنقله في طائرة “ع قد الحال” إلى روما، لا تحتوي على الفرشة المشهورة لراحة “نتنياهو” و”سارة”.
المعارضة في الشارع هي الأخرى، معتمدة على العسكر، والاحتياط منهم، وعلى السلك السياسي الرسمي المتقاعد، وعلى رأس المال، وقطاع الأعمال، وعلى الاستثمار، وشركات التقنيات عالية الجودة، والشركات الناشئة، واعتماداً على ضغط أمريكي وتدخل حتى النخاع، دفع بعض أقطاب الحكومة لنهر الولايات المتحدة عن التدخل بالديمقراطية اليهودية، نزلت بقوة إلى الشارع، وعطلت الحياة، وأدخلت المنظومة الأمنية في حالة إرباك وعدم يقين وصراع داخلي على حجم دخول السياسة في الأمن وتدخل الأمن في السياسة.
الانقلاب العسكري كان واضحاً أكثر في الضفة الغربية، وتحديداً في حوارة، التي عكست أحداث “عيد البوريم اليهودي” فيها حجم الانقسام داخل الجيش، الذي أصبح مكوناً من جيش يساري بقيادة يسارية تعارض لأسباب أمنية ما يحدث من تدخل للجيش بشكل يخدم المستوطنين، وجيش وقيادة جيش من المستوطنين يحصلون على معلوماتهم من “سموترتش” وزير جيشهم، و”بن غفير” مسؤول أمنهم للتحرك على الأرض ضد الفلسطينيين، ما أدخل الجيش في حالة إرباك من ناحية تعليقه على الأحداث، فهل بيانه الاستنكاري يعكس اليسار المعارض صاحب الانقلاب العسكري البارد جداً، أم يلطف ويغطي على حالة الفوضى وفقدان السيطرة التي يتعمد اليمين الديني القومي الاستفادة منها؟
ولأننا كفلسطينيين، الشعب المُحتل من قبل هذا الكيان، والذي يؤثر علينا الوضع المتطور به بشكل سلبي كما نراه في حوارة، لماذا لا يوجد لدينا، وتحديداً في الأجهزة الأمنية الفلسطينية التي أصبحت عاجزة في لحظة الحقيقة عن حماية حوارة؟
لماذا لا تتخذ خطوة متقدمة تُغير نظرة الشعب إليهم، تقوم على رفض الخدمة الأمنية التي يقول “غانتس” و”نفتالي بينت” و”تساحي هنيجبي” وكبيرهم “نتنياهو” أنها لخدمة المصالح الأمنية لـ “إسرائيل”، ولا يستفيد منها الشعب الفلسطيني؟!
Facebook Comments