
أمين أحمد
ظهر تحذير قائد أركان جيش العدو “هرتسي هليفي” الموجه لرئيس حكومة العدو “بنيامين نتنياهو” مشبعاً بخطورة الموقف الذي يمر به كيان العدو، ودرعه الواقي وذراع بطشه “الجيش” لينضم مع رسالة وزير جيش العدو “يوآف غالانت” الرافضة للعصيان في صفوف الاحتياط، ورفض الالتحاق بالخدمة العسكرية في صفوف تشكيلات واسعة من جيش العدو، وعلى رأسها العمود الفقري للجيش سلاح الجو، احتجاجاً على موجة مجنونة من قوانين ترسخ انقلاب “نتنياهو” وشركائه قضائياً واجتماعياً ودينياً وسياسياً.
تمويه لمعركة إيران
قد يقول البعض إن التركيز الإعلامي الشديد على عصيان ضباط الاحتياط في سلاح جو العدو والذين يمثلون أكثر من نصف القوة القتإلىة للقوات الجوية للعدو، وانضمام السرب النظامي 69 (الأحد) إليهم، ما هو إلا تمويه وخداع لضربة جوية تخطط لها “إسرائيل” وبالتوافق مع الولايات المتحدة ضد القدرات النووية الإيرانية.
إيران تقترب بسرعة أكثر من المتوقعة للقنبلة النووية الأولى يعزز هذا التوجه
هناك مناورات واسعة ومركزة وعلى أكثر من جبهة بين العدو والأمريكان، جزء أساسي منها معتمد على طلعات جوية بعيدة المدى، وتزويد بالوقود وزيارة قائد أركان الجيش الأمريكي نهاية الأسبوع الماضي للكيان، وزيارة وزير الدفاع الأمريكي للمنطقة، بما فيها كيان العدو خلال الأسبوع الجاري
هذه الزيارة بالتوازي مع زيارة رئيس مجلس الأمن القومي للعدو “تساحي هنغبي” لواشنطن، ولقاءات سرية -أخرى- مكوكية بين “نتنياهو” وقيادة منظومته الأمنية والعسكرية، كلها تحت عنوان الهجوم على إيران، في وقت قدره محللون خلال شهر مضان القريب والذي يتقاطع مع عيد “النيروز”، مع ظروف دولية وإقليمية مشجعة ومحفزة لـ “نتنياهو” على الهروب للأمام من الاحتجاجات ضد حكومته، والأزمة الداخلية التي يعاني منها العدو عبر إشعال حرب تُعيد تماسك جبهته الداخلية، مثل أغلب الحروب التي شنها العدو وانعكست على تلاحم جبهته الداخلية حول فزاعة الأمن وحماية الوجود.
حرب أهلية
التبريرات السابقة وما يحيط بها من الهجوم على المنشآت النووية على إيران، لها مستويات من المصداقية والاعتبار، ولكن يجب أن ننظر بجانب آخر تجاه حالة الاستقطاب الداخلي في كيان العدو، والدفع السريع لاندلاع المواجهة الجسدية التي عكستها تصرفات المحتجين وشرطة العدو، الأربعاء الماضي، التي ارتفع على أثرها عدد المحتجين إلى ربع مليون في أكثر من 96 مركز احتجاج على مستوى جغرافية الكيان.
مقارنة ببداية الاحتجاجات قبل تسعة أسابيع تشير زيادة الفجوة والانشقاق الداخلي وحالة التشظي الذي يعكس التموضع العملي للعنف الجسدي، الذي يعتقد بعض المحللين أنه مستبعد جداً داخل مجتمع العدو.
رغم أن اغتيال “رابين” وإلقاء قنبلة على متظاهري اليسار، ومفهوم الاغتيال السياسي والبلطجة الأحزاب جسدياً، موجودة وراسخة ولم يكن آخرها استخدام “نتنياهو” شخصياً -زعرانه- من “لافميليا” “في الاعتداء” الجسدي والمعنوي على نشطاء للمعارضة وحتى الضغط على مفاصل في اليمين، قد يكون أبرزها “عيديت سليمان” من حزب “يمينا” والتي كانت أحد الأدوات لانهيار حكومة “بينت لابيد” واختفاء حزب يمينا من الخارطة السياسية.
ورغم أن مؤشرات تكرار هذا السيناريو من قبل “نتنياهو” ضد حلفائه الحاليين، ورأس حربته في انقلابه القضائي من الصهيونية الدينية تحديداً ليس مستبعداً، فالمتتبع لعلاقة “نتنياهو” بشركائه الذين أسكرهم خمر السلطة والحكم، ضمن كلاشيهات أيديلوجية ودعائية- تنعكس فوراً على جنون ميداني أقربها حرق حوارة، والمطالبة بمحوها عن الوجود من “سموتريتش” وغيره، وقمع المتظاهرين بأمر من “بن غفير”- فتاريخ الرجل في التحالفات وشق صفوف منافسيه وتدمير أحزابهم خلال العقدين الماضيين كثيرة، فمن “كاديما” وقائمة الاستقلال وصولاً إلى “بينت” و”تكفا حدشا” وغيرها.
العصيان الصامت
العصيان الذي ارتفعت الأصوات المنادية به بين تشكيلات جيش العدو المختلفة ليست جديدة، ف ـ”كسر الصمت” و”الأربع أمهات” وغيره،ا ورافضي الخدمة في الانتفاضة الأولى وحرب لبنان الأولى، كانت أحد روافع الضغط لهروب “باراك” من لبنان في عام 2000.
قد يشير البعض إنه في حالة اندلاع حرب أو جولة تصعيد فإن كل أصوات العصيان ورفض الخدمة ستختفي
إلا أن التحذيرات الأهم التي تحملها كلمات قادة العدو في منظوماته العسكرية والأمنية كلها تحمل التحذير أكثر من العصيان الصامت، والذي أطلق عليه “العصيان الرمادي” ورفض الخدمة أو التهرب من تنفيذ الأوامر، عبر التراخي في تنفيذها، أو استخدام الخدع والحبائل لعدم الالتزام بـ” نداء التجنيد رقم 8″، للتحشيد والالتحاق بخدمة الاحتياط والذي يحمل في طياته بعض المنافذ، لعدم امتثال فرد الاحتياط بالالتحاق بوحدته إضافة لانتقال حالة الجدل والاستقطاب السياسي الحالية إلى صفوف الجيش الداخلية في ضوء أن اللون الأيديولوجي والسياسي، يغلب على تشكيلات جيش العدو المختلفة.
فالقوات البرية ووحداتها الخاصة تصنف بالميل لليمين والصهيونية الدينية كمثال في حين أن القوات الجوية يغلب عليها اللون العلماني واليساري.
لذا فالخطر الأعظم هو انتقال الحالة من درجة المناقشات السياسية والاختلافات الأيدلوجية إلى درجة من المناكفات والاستقطاب، والصراع الصامت، ليصبح عصب كيان العدو معلقاً بأنشوطة الإعدام البطيء، ضمن تمرد غير معلن وتهرب من الخدمة بصمت لا تكشفه إلا حالة تصعيد أو معركة قريبة أو حتى بعيدة على مستوى جبهة إيران.
Facebook Comments