السلطة الفلسطينية لم تدافع عن شعبها في حوارة لكنها تلتزم بأمن إسرائيل

ترجمة الهدهد

إن الساعات الخمس التي قام خلالها مئات المستوطنين بالاعتداء على بلدة حوارة، تثبت من جديد مدى تمسك وولاء قيادة السلطة الفلسطينية لللتقسيم المصطنع للضفة الغربية إلى فئات B و A و C، وهو فقط تقسيم مؤقت أنشأته اتفاقية أوسلو والذي كان من المفترض أن تنتهي صلاحيته في 1999م.

وبحسب صحيفة “هآرتس”، فإن “أعضاء الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية – الذين خضعوا للتدريبات في الدول العربية والغربية – لم يجدوا وسيلة لحماية شعبهم من هجمات المستوطنين، بل إنهم موجودون دائمًا لقمعهم!، وهذا سبب آخر لاحتقار ومقت الجمهور الفلسطيني لقيادة السلطة الفلسطينية”.

صباح الأربعاء كان من المفترض أن يكون هناك مؤتمر صحفي مباشر لمؤيدي مبادرة “14 مليون” (محاولة لإحياء منظمة التحرير الفلسطينية والدعوة إلى انتخابات فلسطينية)، لكن عناصر أجهزة أمن السلطة حاصروا المبنى الذي يقع فيه مبنى المؤتمر واقتحموه، وكأن كلمة “انتخابات” هي تهديد نووي!.

أجهزة أمن السلطة الفلسطينية أقامت الأسبوع الماضي حواجز على مخارج عدة مدن في الضفة الغربية، لمنع المعلمين من الوصول إلى مظاهرة مركزية في رام الله لزيادة رواتبهم، وتم التوقيع على اتفاق بشأن زيادة متواضعة في الرواتب بنسبة (15٪)، لكن في بداية شباط اتضح أن راتب شهر كانون الثاني لم يشمل الزيادة (خلافا للاتفاق)، ومن جديد عاد المعلمون للإضراب بعدها.

الرسالة الواضحة للسلطة الفلسطينية تبين أنها تواصل التمسك بالاتفاقات مع العدو (بما في ذلك التنسيق الأمني، الذي يستمر على الرغم من إعلانها رسميًا تعليقها مؤقتًا)، لكنها غير وفية لاتفاقاتها مع المعلمين، أحد أهم القطاعات في شعبها.

حوارة (والطريق المزدحم الذي يمر عبرها) تم تصنيفها منذ أكثر من 25 عامًا على أنها منطقة “ب”، حيث يُحظر على الشرطة الفلسطينية العمل ويحظر على أفراد الشرطة الفلسطينية التجول فيها بالأسلحة والزي الرسمي.

ونفت الصحيفة أن يكون “قطع الأشجار وإحراقها، وسرقة محاصيل الزيتون، وإطلاق النار على المزارعين، والاعتداء على الفلسطينيين في منازلهم، كله “انتقامًا” لهذا الهجوم أو ذاك، بل هي عملية محسوبة تخطط للاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية من خلال العنف والترهيب”.

وترى الصحيفة بأن “حكومة نتنياهو – سموتريش – بن غفير بدلا من أن تشكر السلطة الفلسطينية على طاعتها وولائها، فإنها تلقي عليها المسؤولية واللوم عند مقتل كل “إسرائيلي” في الأراضي الخاضعة للسيطرة الأمنية “الإسرائيلية” الكاملة أي “الضفة الغربية بأكملها وإسرائيل” وفي الوقت نفسه تطالبها بالسيطرة على الشباب الفلسطينيين غير المدربين الذين سلحوا أنفسهم داخل المدن، ولا عجب أن يكون الجمهور الفلسطيني مليئًا بمشاعر الحب والإعجاب بهؤلاء الشباب”.

في ليلة اعتداءات المستوطنين عرض جهاز الأمن الفلسطيني على سكان حوارة المحاصرين خارج البلدة أن يتم إيواؤهم في مقره، لكن ردود الفعل كانت ساخرة، وقال أحد سكان نابلس عن هذا الأمر: وكأنكم أصبحتم جمعية خيرية، قالها باستهزاء وغضب.

إن كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية لم يقلبوا الطاولة أو يضعوا شروطاً واضحة ومحددة لاستمرار التنسيق الأمني، ولم يشترطوا استمراره بوقف اعتداءات المستوطنين، وكل ما فعلوه هو التصريحات والإدانات والمطالبات من الأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية.

يمكن للسلطة الفلسطينية أن تنشر عناصر أجهزتها بشكل دائم غير مسلحين ولا يرتدون الزي العسكري، ولكن مدربون على تفريق أعمال الشغب واعتداءات المستوطنين على القرى التي يهاجمونها بشكل منظم، وكان بإمكان السلطة الفلسطينية إبلاغ العدو بفعلها ذلك، لأن جيش العدو وشرطته لا يؤدون واجبهم وفق القانون الدولي وحتى وفقا لاتفاقيات أوسلو.

السلطة الفلسطينية كان من الممكن أن ترسل كبار قادتها، رفيعي المستوى في أجهزة الأمن والاستخبارات والمخابرات العسكرية، للقيام بدوريات منتظمة في هذه القرى، والمشاركة في الحرث والحصاد ورعي الأغنام معهم، والتوضيح للجانب “الإسرائيلي” أن القادة غير متاحين لاجتماعات التنسيق الأمني ​​مع جيش العدو والشاباك والإدارة المدنية لأنه يجب عليهم حماية شعبهم.

إن التنسيق الأمني في نظر الأجهزة الأمنية الفلسطينية وقائدها العام – محمود عباس – ليس فقط هو المقدس؛ ​​ولكن أيضًا حدود البانتوستانات التي أنشأها التقسيم المؤقت إلى ABC – هي أيضا مقدسة، لأن هذه هي الطريقة التي يتم بها الحفاظ على المصالح الاقتصادية والشخصية الضيقة للغاية للطبقة الحاكمة المنقطعة عن شعبها.

المصدر: صحيفة “هآرتس

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى