لضمان الاستقرار في المنطقة..
الغرض من مؤتمر العقبة أمني وليس سياسيا

ترجمة الهدهد
يعتبر اللقاء الذي جرى قبل يومين في العقبة، والذي شارك فيه بعد سنوات، ممثلون عن كيان العدو ومصر والأردن والولايات المتحدة والسلطة الفلسطينية، هو لقاء أمني وليس سياسيا، بهدف إيجاد طرق للتعاون من أجل وقف التدهور الأمني في الضفة والقطاع، ويدور الحديث عن وجود هدف مشترك، ليس فقط منع اشتعال الأوضاع في المناطق الفلسطينية، بل أيضا وقف انتشارها إلى الدول المجاورة.
وبحسب ما أوردت صحيفة “هآرتس”، فإن الأيام والأشهر السابقة كانت تجري فيها نقاشات بشكل ثنائي، فالعدو تناقش مع مصر في الشؤون المتعلقة بقطاع غزة وإعادة إعماره وعملية تبادل للأسرى الفلسطينيين مقابل أسرى من جيش العدو؛ وتناقش مع الأردن فيما يتعلق بالمسجد الأقصى الذي يوجد فيه للأردن مكانة خاصة، ومع السلطة الفلسطينية في موضوعات التنسيق والتعاون الأمني.
لكن بعد بداية ولاية حكومة “بنيامين نتنياهو” وتوزيع الوزارات الرئيسية على ممثلي اليهودية المتطرفة، والتصريحات المثيرة عن شرعنة توسيع بؤر وبناء آلاف الوحدات السكنية ونقل جزء من صلاحيات الحكم في الأراضي الفلسطينية من جيش العدو إلى وزراء ومسؤولين مدنيين، جعل من الحوار الأمني الثنائي بين الكيان، و”دول الطوق” على حدة ليس كافيا.
إن التهديد السياسي لشبكة العلاقات -الهشة أصلا- بين الكيان والأردن، دفع رئيس حكومة العدو لزيارة عمان مؤخرا بشكل مستعجل والتعهد بأن مكانة الأردن في المسجد الأقصى لن تتغير.
في الحقيقة إن أي تطور في الضفة يمكن أن يؤدي إلى تقلبات وهزات في الأردن، الطريقة أصبحت معروفة، في البداية تحمل المظاهرات شعارات ضد “الاحتلال الإسرائيلي” وتحظى على الفور بالشرعية، في وقت قصير تتحول المظاهرات للتركيز على العجز الاقتصادي للحكومة، وبالطبع ضد الملك نفسه.
في الوقت نفسه تحدثت شخصيات مصرية رفيعة مع وسائل إعلام عربية، قائلة إن النظام في القاهرة لا يثق بنتنياهو، ويعتقد أنه لا يمكنه تنفيذ كل الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها بين الدولتين، مصر تخشى من أن تمنعها حكومة نتنياهو من لعب الدور الثابت كوسيطة أمام حماس.
إن خوف مصر الأساسي هو أن حكومة العدو ستدفع حماس والجهاد الإسلامي إلى الزاوية وسيصعب جدا على الحكومة في القاهرة أن تهب لمساعدتهم، مصر التي حتى الآن لم تدعُ رئيس حكومة العدو “نتنياهو” لزيارة رسمية، تدير العلاقات مع كيان العدو من خلال كبار الضباط في الجيش والشباك، وحتى إنها تشتكي من عدم الحصول على تواصل مستمر مع المستوى السياسي.
الولايات المتحدة، التي تمسك بيدها رافعة الضغط السياسية والاقتصادية والأمنية الأكثر أهمية، تعرضت للانتقاد من معظم وزراء حكومة العدو بأن تصريحاتها حول المستوطنات والبؤر الاستيطانية هي تدخل وقح في شؤون الكيان الداخلية.
الموقف المتراخي لحكومة العدو يضع الولايات المتحدة في نفس الخندق مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية والإمارات والسعودية، الذين لم يتأثروا أو ينفعلوا من أن نظام الحكم عند العدو أصبح يشبه أكثر أنظمة حكمهم.
هنا تكمن أهمية اللقاء في العقبة، فاللاعبون الرئيسيون في هذا اللقاء هم رؤساء أجهزة المخابرات في الأردن والكيان ومصر، واللاعبون الثانويون هي الجهات السياسية التي شاركت فيه.
الافتراض الرئيسي الذي ارتكز عليه اللقاء هو أن رؤساء أجهزة المخابرات في الدول الثلاثة وفي السلطة الفلسطينية يمكنهم التعاون بشكل ناجع وودي أكثر من المستويات السياسية، هذا الافتراض له أساس على الأرض، فالعلاقات التي يقيمها الشاباك مع نظرائه في السلطة الفلسطينية وفي الأردن.
والذي لا يقل أهمية عن ذلك هو الاعتراف الخفي الذي يكمن في مجرد عقد اللقاء، والذي بحسبه المستوى السياسي في كيان العدو ومن يترأسه “جسم مشبوه” وحتى الآن لا يمكن معرفة كيف ستصرفون تحت الضغط من داخل الحكومة.
من هنا يمكن الاستنتاج بأن المنتدى الذي عقد في العقبة، والذي يتوقع أن يعقد ثانية في شهر آذار في شرم الشيخ، يطمح إلى إيجاد “حزام أمان” يقيد قدرة الفلسطينيين على إشعال المنطقة وإشعال انتفاضة إقليمية..
Facebook Comments