يجب تغليب التحديات على الانقسام

ترجمة الهدهد
قدم معهد القدس للاستراتيجية والأمن، في السنوات الأخيرة مخططاً سياسياً “للحكومات الإسرائيلية”، بما في ذلك سلسلة من التوصيات، وأولها يعتبر شرطاً ضرورياً للتعامل مع التحديات الماثلة أمامنا، وهو الدعوة للحفاظ على أقصى قدر من التلاحم الوطني، والأحداث الأخيرة تزيد من حدة أهمية هذا الأمر.
تواجه “إسرائيل” نقاط قرار مصيرية وحاسمة، خاصة في مواجهة إيران، العدو الحازم الذي يسعى لامتلاك أسلحة نووية، ومواجهة حلفائه، الجاهزين للعمل، وهم منتشرون على طول الحدود.
ليس هذا هو الوقت المناسب لتعميق الانقسامات في “المجتمع الإسرائيلي” ودفع الجماهير العريضة إلى النفور الخطير.
إن أسباب الحاجة إلى التماسك الاجتماعي معروفة لدى أصحاب القرار منذ سنوات، في المخطط السياسي “للحكومة الإسرائيلية” الـ 36 الذي نشرناه عام 2021، تضمن البيان الاعتراف بأن “التماسك الوطني شرط ضروري لحصانة إسرائيل في الاختبارات والأزمات الأمنية الصعبة التي تواجهها”.
إلى ذلك، يجب أيضاً إضافة تحديات الحوكمة وفرض النظام في الداخل، والحاجة إلى الإبحار بشكل صحيح بسفينة “الاقتصاد الإسرائيلي” في الاقتصاد العالمي، وضرورة الحفاظ على الجسور مع يهود العالم.
انعكست الخلافات في “إسرائيل” خارجياً وأصبحت تؤثر على معادلات الردع ضد أعدائها المختلفين.
هناك أصوات ابتهاج في طهران وبلدان أخرى بالمنطقة، في الوقت نفسه، هناك انعكاسات للخلافات على علاقات “إسرائيل” بأصدقائها وشركائها في الأنظمة الإقليمية والعالمية.
إن التصعيد الذي نشهده في الصراعات الأيديولوجية والسياسية في الداخل، ومسألة التغييرات في النظام القضائي، وقضايا الدين وعلاقات الدولة، تضرب “إسرائيل” في وقت سيئ للغاية.
والضرر الذي يلحق بالتماسك الوطني، حتى لو كان مدعوماً برغبة مشروعة لتصحيح أوجه القصور في النظام الحالي، يحمل في طياته إمكانية الإضرار بـ “أمن إسرائيل” ومصالحها السياسية، لكن شدة الأزمة الحالية كبيرة بشكل خاص.
الخطر الذي نواجهه ينبع من مزيج من عدة عوامل، منها إبراز ما يفرق أكثر مما يوحِّد، واتجاه التآكل في مكانة “أجهزة الدولة”، والتي يجسد بُعد التماسك الوطني، إلى جانب خطورة التحديات الأمنية المباشرة والعاجلة التي على أبوابنا، وعلى رأسها ضرورة منع إيران من امتلاك أسلحة نووية.
يجب أن تمتلك “إٍسرائيل” تهديد عسكري موثوق حتى تظهر أمام أعدائها على أنها موحدة وعازمة.
وهذا ليس هو الانطباع الذي تخلقه في ظل الظروف الحالية، وفي الوقت نفسه، يمكن أن يتسبب التصعيد في إلحاق الضرر بالعلاقة مع الإدارة الأمريكية، وإلحاق الضرر بالقدرة على التحدث معها، في مواجهة التحدي الإيراني وفي مواجهة التحديات المتوقعة على الساحة الفلسطينية، كما أن الإعراب عن القلق بشأن الوضع، وخاصة بين يهود أمريكا، لا يساعد في الوضع الحالي.
في ظل هذه الظروف، يتحتم على القيادة في “إسرائيل” التحالف والمعارضة على حد سواء، من خلال العمل على تهدئة المشاعر وتغيير ديناميات الخطاب العام، وإنشاء أطر فعالة للحوار الحقيقي، وليسعوا جاهدين لخلق قاعدة واسعة من التوافق قدر الإمكان، وفي هذا الاتجاه تقدم مبادرة رئيس الكيان “يتسحاق هرتسوغ” إطاراً ممكناً ومخططاً للمناقشات حول الأسئلة الأساسية.
في مواجهة المواقف الأيديولوجية والمصالح القطاعية، يجب توجيه رسالة لا لبس فيها فيما يتعلق بخطورة الساعة التي نحن فيها، وبالتالي الحاجة أيضاً إلى خفض مستوى اللهب لدى الجمهور.
هناك نقاط زمنية، مثل وقت الانتظار قبل حرب 1967، حيث يجب أن تتغلب فيها التحديات الوطنية المشتركة على ما يفرق بيننا.
المصدر: معهد القدس للاستراتيجية والأمن
“افرايم عنبر” “يعكوب عميدرور” “عيران ليرمان”
Facebook Comments