بوادر الانتفاضة باتت هُنا

ترجمة الهدهد

11 شهيداً ونحو 100 جريح، ستة منهم في وضع خطير، أعداد كهذه لا تُذكرها إلا من الأيام القاسية لانتفاضة الأقصى أو الانتفاضة الأولى، وهي تدل على شيء واحد: لم يعد الحديث يدور عن مواجهة بين قوات الجيش وبين بضعة مقاومين أفراد.

فالجمهور الفلسطيني ينضم أحياناً بجموعه إلى المواجهات مع قوات الجيش، أمس (الأربعاء)، بعد مرور بضع ساعات فقط من انتهاء أحداث القتال في نابلس سُجلت أولى المظاهرات وسط رام الله، بل وعلى حدود قطاع غزة.

قد نكون لا زلنا بعيدين عن أيام نهاية أيلول 2000 أو بداية كانون الأول 1987، ولا يظهر في الشوارع عشرات الآف المتظاهرين، ولكن بوتيرة الأحداث الحالية يمكن بالتأكيد القول إن الميل واضح وإن التصعيد بات هنا.

دليل آخر على الوضع الصعب على الأرض، هو البيان الذي صدر بعد الظهر في أنه سيكون اليوم (الخميس) إضراب عام في الضفة الغربية، فقد أعلن اتحاد المعلمين الفلسطينيين عن تعطيل المدارس بالضفة وشرقي القدس، وهذه ليست خطوة تضامن مع “المعلمين الإسرائيليين” الذين سيضربون هم أيضاً.

وهذا يعني أن عشرات آلاف الفتيان لن يصلوا صباح الخميس إلى التعليم، وسيبحثون عن سبيل للتنفيس عن إحباطهم بسبب الوضع الأمني، وبسبب الكراهية المتصاعدة التي يشعرون بها تجاه “إسرائيل”.

إذاً قد توسع “الشرطة الإسرائيلية”، بأمر من “بن غفير” عمليات التفتيش شرقي القدس، بل وتعتقل مشبوهين في أعمال نضالية، لكن بالتوازي، فإن عملية مثل تلك التي كانت في نابلس، تشعل التصعيد في الأراضي الفلسطينية.

يمكن التقدير أن عملية كهذه، في وضح النهار في قلب حي القصبة في نابلس، كانت حيوية ولعلها حتى منعت عملية، لكن يوجد وسيكون لذلك ثمن: في الأيام القادمة من شأننا أن نشهد مظاهرات عنيفة، ولشدة الأسف أيضاً محاولات عمليات ثأر.

لقد دعا اتحاد المعلمين نفسه “بالخروج في مسيرات غضب في كل حي وشارع احتجاجاً على سقوط الشهداء، في كل أماكن ونقاط الاحتكاك.

ومرة أخرى فإن هذه الدعوات تذكرنا بأيام بداية انتفاضة الأقصى، عندما كانت اتحادات العمال، هم أول من تصدر، ولحقهم الآلاف وبعدهم انضم المسلحون.

هذه تطورات متوقعة إلى هذا الحد أو ذاك، والسؤال الكبير الذي بقي مفتوحاً هو كيف ستتصرف حماس أو الجهاد الإسلامي في غزة؟

من سلوك حماس في الأشهر الأخيرة يبدو واضحاً أنه ليس في نيتها أن تتوجه إلى التصعيد حيال قطاع غزة، فهي تسعى لأن تحافظ على غزة هادئة وتشعل الضفة الغربية، إن حماس أعلنت عن ذلك.

يوجد لها عدد غير قليل من الأصول الاقتصادية التي قد تخسرها مثل دخول 17.500 عامل فلسطيني من غزة إلى الداخل، أجرهم المتوسط أعلى 10 أضعاف من الأجر المتوسط في غزة.

هكذا أيضاً بالنسبة لحجم التجارة بين القطاع وبين مصر الآخذ بالاتساع، ومعدل البطالة الذي تقلص في القطاع في السنوات الأخيرة ويصل الآن إلى “فقط” 44.7% في غزة.

كل هذه الأمور يمكنها أن تكون اعتبارات في قرار حماس الإبقاء على الهدوء هذه المرة أيضاً.

ومع ذلك، قد ترغب الذراع العسكرية لحماس، في غزة في مرحلة ما، في أن تصور نفسها على أنها من يقود الصراع في الضفة الغربية أيضاً وليس في القطاع فقط.

لدى حماس يوجد اليوم كم صواريخ مشابه للكم الذي كان لديها عشية عملية “حارس الأسوار”، بينما محمد ضيف يواصل مراكمة بناء القوة العسكرية للمنظمة، رغم عمره المتقدم نسبياً وإصاباته الماضية.

الضيف وقيادة الذراع العسكرية ينشغلان في الأشهر الأخيرة في تطوير مكثف للمُسيرات الانتحارية التي يمكنها أن تلحق ضرراً في “الجانب الإسرائيلي”، من الصعب أن نقول حتى متى ستفضل حماس الإبقاء على غزة خارج اللعبة، يحتمل أن هذا قراراً استراتيجياً، ولكن من غير المستبعد أن في ضوء عدد المصابين العالي، فإن الإغراء لحماس سيكون كبيراً.

يديعوت أحرونوت/ آفي يسخروف

Facebook Comments

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى