ما زال التراجع ممكناً
الولايات المتحدة أشهرت بطاقة ما قبل حمراء

ترجمة الهدهد
تواجه “إسرائيل” حالياً تهديدات استراتيجية متزايدة على أمنها القومي، وعلى رأسها تقدم إيران في المشروع النووي وفي مجال الصواريخ، والتعزيز المستمر لقوة حزب الله، والانفجار الأمني المتزايد على الساحة الفلسطينية، والإجراءات القانونية المتوقعة في محكمة العدل في لاهاي وتآكل التماسك الداخلي.
من ناحية أخرى، تتمتع “إسرائيل” بأصول استراتيجية متنوعة، وعلى رأسها العلاقة الخاصة مع الولايات المتحدة ونظام العلاقات الأمنية مع دول السلام والتطبيع، هذه الأصول هي أساس القوة الاستراتيجية لــ “إسرائيل”، ما يتيح لها مساحة للمناورة الاستراتيجية والمرونة في استخدام القوة في منطقة الشرق الأوسط، بل وساعدتها في السنوات الأخيرة على وقف الإجراءات التي أجريت ضدها على الساحة الدولية.
هذه الأصول في خطر حالياً
بطاقة حمراء من “بلينكين”
إن الخطوات التي تعمل الحكومة على تعزيزها، وعلى رأسها الإصلاحات في النظام القانوني والتغييرات في نسيج العلاقات مع الفلسطينيين، قد تؤدي إلى تآكل قوة الأصول الاستراتيجية، وخاصة قوة العلاقة الخاصة مع الإدارة الأمريكية.
وبهذه الروح يمكن رؤية الرسائل القاسية لوزير الخارجية “بلينكن” خلال زيارته للكيان، فيما يتعلق توقعات الإدارة بأن تتجنب “إسرائيل” الإضرار بالقيم الديمقراطية المشتركة بين الكيان وأمريكا، وأن تظهر نهجاً حذراً تجاه الفلسطينيين، وهكذا وبحسب المنشورات، حاول “بلينكن” تعزيز التفاهمات مع “إسرائيل” والسلطة الفلسطينية على أساس “وقف مؤقت” للإجراءات الأحادية الجانب من كلا الجانبين لمنع تصعيد الصراع.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، أبقى “بلينكن” خلفه في “إسرائيل” مساعدة وزير الخارجية للشرق الأوسط “باربرا ليف”، والمبعوث الخاص لإدارة “بايدن” للقضية الفلسطينية “هادي عمار”.
وانعكس قلق الإدارة الأمريكية من إمكانية الانفجار في الساحة الفلسطينية في كلام رئيس وكالة المخابرات المركزية “بيرنز”، بأن الوضع اليوم يذكره بالفترة التي سبقت اندلاع الانتفاضة الثانية، علاوة على ذلك، فإن حقيقة تجنبت الإدارة الأمريكية حتى الآن بشكل غير عادي، إرسال دعوة عامة لرئيس الوزراء لزيارة الولايات المتحدة، تعكس على ما يبدو توقع حدوث تغيير جوهري في “سياسة إسرائيل” تجاه الفلسطينيين وعلى المستوى المحلي.
لا بديل عن التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة
إن الولايات المتحدة هي الدعامة الأساسية للأمن القومي لـ “إسرائيل” وقدرتها على الصمود، ولا بديل عن التحالف الاستراتيجي بين الكيان وأمريكا، وأي ضرر أو حتى أدنى ضرر يلحق بالعلاقات الخاصة، أو حتى شبه تقويض في التحالف سيلحق ضرراً مباشراً بـ “قوة إسرائيل” الاستراتيجية في الساحة الدولية بشكل عام، وعلى الساحة الإقليمية بشكل خاص، بشكل يزيد من ثقة أعدائنا ويشجعهم على اتخاذ الخطوات اللازمة لتحدي “مكانة إسرائيل” في المنطقة.
إن التعاون العميق مع الولايات المتحدة شرط أساسي لمواجهة التهديد المتنامي من إيران، وكبح جماح مشروعها النووي، وتوسيع اتفاقيات التطبيع، خاصة مع المملكة العربية السعودية
هذا إلى جانب استمرار عمليات بناء القوة في “الجيش الإسرائيلي” وضمان القوة والاستقرار الاقتصادي للكيان، في ضوء ذلك، يجب على الحكومة أن تولي أهمية كبيرة لتحذيرات الولايات المتحدة وأن تفهم أن الإصلاحات القانونية ومبدأ حل الدولتين يمس العصب الأكثر حساسية لــ “إدارة بايدن”، التي نقشت على رايتها وتبنت الترويج للقيم الديمقراطية والليبرالية (كما تم توضيحه أيضاً في خطاب حالة الأمة)، وبالتالي فإن معارضتها للإجراءات التي اقترحتها الحكومة ليست دلالياً ولكنه مبدئياً وجوهرياً.
التداعيات والتوصيات
إن كلمات “بلينكن” في “إسرائيل” هي في الواقع تحذير استراتيجي للحكومة بشأن العواقب المحتملة لأفعالها، سوف يؤدي صدام القيم مع الإدارة الأمريكية إلى تآكل وتراجع تدريجي في دعم الإدارة الواسع لـ لـ “المواقف الإسرائيلية”، وقد يتجلى ذلك في السيناريو السهل المتمثل في زيادة حجم النقد العلني لأعمال الحكومة، وفي السيناريو الأكثر خطورة المتمثل في التباطؤ في الاستجابة لـ “الطلبات الإسرائيلية” والاستعداد الجزئي لعرقلة العمليات ضدها في المؤسسات الدولية.
التأثير الحتمي سيكون ضرراً مباشراً للأمن القومي وضرراً كبيراً للقدرة على صياغة رد إستراتيجي شامل للتعامل مع التهديد المتزايد من إيران والتهديدات الأخرى التي تواجه “إسرائيل”.
في ضوء ذلك، تحتاج “الحكومة الإسرائيلية” إلى تشكيل العلاقة مع الحكومة الأمريكية التي ستبنى على القيم والمصالح المشتركة وإزالة العقبات من على الطاولة، على الرغم من أن الاتجاهات الناشئة سلبية، إلا أنها لا تزال عمليات قابلة للتراجع عنها.
لذلك، فإن رئيس الوزراء مطالب بإظهار الحكمة السياسية والرؤية الرصينة، كما أظهر في الماضي أنه قادر على القيام بذلك ووقف العمليات التي يمكن أن تعرض القوة الاستراتيجية لـ “إسرائيل” للخطر.
المصدر: معهد الدراسات والاستراتيجيات/ عاموس جلعاد وشاي هار تسفي
Facebook Comments