العبث مع برميل البارود

رأي الهدهد – هيئة التحرير

رغم محاولات “نتنياهو” الفاشلة في تأخير الانفجار على عدة ساحات بسبب سياسة حكومته وشركائه، وتركيزها على الساحة الإيرانية، إلا أن شركاءه يصرون على سرعة تنفيذ أجنداتهم الإحلالية الاستيطانية بأسرع وقت، وكأنهم في سباق مع الزمن، لإثبات جديتهم، ما يعكس مقدار شهوتهم للحكم والسلطة التي عانوا منها على مدار عقود من الاضطهاد والإقصاء من اليسار ومن باقي التيارات السياسية في كيان العدو كما يزعمون.

فهدم المباني في القدس ومنها مبنى يأوي 100 فلسطيني ومسجد في بيت صفافا وغيرها، والاعتداءات غير المسبوقة ضد الأسرى والأسيرات، وتحويل حياتهم “لمعاناة متواصلة”، كهدف أساسي لدعاية “بن غفير”، مروراً بالاستيطان الذي تتقاسم ملفه عدة وزارات مختلفة كلها تقودها الصهيونية الدينية، وليس فقط وزارة الجيش.

كما كان سابقاً مع مجازر دموية ضد الفلسطينيين والدعوة للإعدامات الميدانية عبر تراخيص حمل السلاح وتسهيل الوصول إليها، كل ذلك لن يدفع الفلسطيني للخضوع والهروب من أرضه ووطنه كما يأمل قادة العدو.

ناهيك عما يحدث من حراك جدي داخل -مجتمع العدو- وانضمام شرائح مهمة ومؤثرة للاحتجاجات ضد الانقلاب القضائي، أدى إلى تنحية المعارضة واليسار جانياً، ضاغطًا بكل قوة على عصب الكيان وهو الاقتصاد والمال.

 ومع ذلك فنتنياهو وشركاؤه لا يلوون لهذه الاحتجاجات كثير الاهتمام، فالاستقرار الائتلافي الذي يعيشون في ظلاله يجعلهم يستمرئون سرعة تنفيذ أجنداتهم القضائية والمالية والتعليمية والدينية، وصولاً لدولة أصولية مع نظام حكم معوج وبزيادة عن التشوه والاعوجاج الذي قام عليه كيان العدو.

كل ما سبق مع ضم تحذيرات مدير CIA وما أكده قادة المنظومة الأمنية للعدو، والتحذيرات التي تضاعفت 3 أضعاف، بوقوع عمليات ليست سوى قمة الجبل الجليدي.

فبقعة اللهب -التي تدحرجت شمالاً وجنوباً في الضفة الغربية والقدس المحتلة وفلسطينيي الداخل المحتل وقطاع غزة، وصولاً إلى أريحا التي لم ترض بأقل من كتيبة لتساند نابلس وجنين – لن تنتظر الضغط على صاعق التفجير من أي جهة فلسطينية، بل إن العدو بممارساته واعتداءاته وإعدامه للفلسطينيين، إنساناً ووطناً وأرضاً وحقوقاً هو من يلعب ببرميل البارود عابثاً، وهو لا يزال يكابر حتى هذه اللحظة.

 رغم كل الوقائع على الأرض وليست فقط الإشارات بأن الجيل الذي يحمل السلاح ويلقى بنفسه في أتون معركة الحرية والمصير، ولا يتردد في مواجهة رصاص الموت بحجارة أو زجاجة حارقة، ومع ذلك فالعدو ما زال يعتقد أنه يمكن تدجين الفلسطيني أو العبث بوعيه، بالدم والقتل تارة، وبالإيماءات الاقتصادية تارة أخرى، وهو يرى بأم عينه أن خدعة أوسلو والتعايش هي وهم ومطية، استخدمها العدو لابتلاع باقي أرضه وممتلكاته وحقوقه، والإلقاء به جابنا بدون حتى رخصة بناء في بيته في القدس أو أرضه في الضفة الغربية والداخل المحتل.

لذا فعمى الألوان الذي يطغى على قادة العدو فلا يرون إلا لون الدم الأحمر القاني للفلسطينيين وهم يعبثون بكل المقدرات والمقدسات والحقوق حتى أبسطها وكأن برميل البارود الذين انفجر في الضفة الغربية والقدس لم يزلزل آذانهم الصماء بعد.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى