يجب تجديد شكل “الجيش الإسرائيلي” حسب مهامه

ترجمة الهدهد
تنقسم قوة “الأمن الإسرائيلية” بقيادة “الجيش الإسرائيلي”، إلى أقسام كبيرة ومعقدة بحكم طبيعتها التنظيمية وطبيعة دورها الذي هو الدفاع عن “الدولة” في العمل اليومي وكونها “بوليصة تأمين” للحالات التي لا يمكن التنبؤ بها مسبقاً، إنها مبنية بطريقة متدرجة، مع الحد الأدنى من المخاطر والخوف من الصدمات التي لا يعرف تأثيرها.
ومع ذلك، أدت العديد من العوامل -التي كان تأثيرها واضحاً لفترة طويلة- إلى حقيقة أن هناك حاجة لإجراء فحص متعمق لهذه المنظمات الأساسية، مع الاعتراف بالحاجة إلى إجراء تغييرات فيها، بحذر ومسؤولية.
في عام 2015 صرح رئيس الأركان -في ذلك الوقت- “غادي إيزنكوت” أن “الجيش الإسرائيلي” يحتاج لإجراء تغيير جوهري من شأنه أن يستجيب لحاجة التكيف مع تحديات المستقبل، وخصائص الحروب والمواجهات الحديثة، ولاستخدام موارده بشكل أكثر جدوى، وذلك بعد حوالي أربع سنوات بدون خطة وميزانية معتمدة ومتعددة السنوات للجيش.
التغييرات التي تتطلب الاستعداد من جديد
- تغيير في طبيعة التهديد والتحدي:
تم بناء “الجيش الإسرائيلي” من خلال ميزانيات ضخمة لسيناريوهات صراع واسع النطاق على حدود “دولة إسرائيل”، لم يختف هذا التهديد، وإمكانية حدوث تغييرات سريعة في منطقتنا غير المستقرة لا ينبغي تجاهله أيضاً؛ ومع ذلك، فإن الاحتياج الحالي هو الاستعداد لمواجهة معقدة ومتعددة الساحات، والتي ستتطلب العمل في دوائر بعيدة وفي الوقت نفسه على حدود “إسرائيل”، وحتى داخل الدولة نفسها كالأضرار التي تلحق بالجبهة الداخلية والصراعات الداخلية، كما حدث خلال عملية “حارس الأسوار”. - التغييرات في وجه الحرب:
يُنظر اليوم إلى احتلال الأراضي والاحتفاظ بها لفترة طويلة على أنه عيب وليس وسيلة للحسم؛ فالعدو يختبئ بين السكان المدنيين، ما يحد من النشاط؛ ويتم جزء كبير من المواجهة في ساحة الوعي “لمواطني إسرائيل”، وسكان الدول ومناطق النزاع، وكذلك المجتمع الدولي، وتوضح الحرب في أوكرانيا هذه التغييرات بدقة. - التغيرات التكنولوجية:
إن الوسائل القتالية غير المأهولة في الجو والبر والبحر، والحاجة إلى الدفاع والقدرة على الهجوم في السايبر، وقوة النيران والتحكم فيها ومزايا العمل الشبكي المتكامل – كل ذلك يخلق إمكانات جديدة للعمل ويتطلب دفاعاً ضد التهديدات الجديدة على جبهة القتال وفي الجبهة الداخلية. - التغييرات في “المجتمع الإسرائيلي“:
انخفاض الإحساس بالتهديد الوجودي، والنمو الديموغرافي للقطاعات التي لا تخدم في الجيش والقضايا السياسية التي لم تحل – كل هذه الأمور تؤثر على مفهوم قيمة الخدمة والقدرة على التجنيد والاحتفاظ بالمتميزين والمطلوبين في “الجيش الإسرائيلي”، والاستفادة من الموارد المطلوبة للدفاع عن البلاد.
هناك جهد ثابت بين النشاط المستمر الذي يهدف إلى التعامل مع التهديدات مثل الإرهاب ومحاولات العدو لمراكمة قوته، وبين بناء القوة لمعركة كبيرة، وهذا ينطبق بشكل خاص على “الجيش الإسرائيلي” الذي يجب أن يبرز بشكل كامل فقط في سيناريو مثل هذه المعركة، وأكثر من ذلك في الذراع البرية التي تشكل الجزء الأكبر من القوة.
بالإضافة إلى المهام الأمنية في الضفة الغربية، والتي تُشغل معظم وحدات القوة العملياتية التي يتم تشغيلها على أساس يومي، ولكنها تختلف في طبيعتها عما يطلب منها في سيناريو الحرب، حيث يتم التركيز بشكل حقيقي على “المعركة بين الحروب” التي يتجسد فيها جزء صغير جداً من القوة، في ظل ظروف التفوق الكبير في الاستخبارات والقوة الجوية.
إن مفهوم التشغيل الذي تم التعبير عنه في معارك وجولات القتال الكبيرة نسبياً، والذي يعد بشكل أساسي نشاط مضاد (صد) أثناء الدفاع، هو نشاط ينصب تركيزه الرئيسي على إطلاق النار وتجنب استخدام القوة البرية قدر الإمكان ويؤدي إلى إطالة القتال، وهو أمر لا يتناسب مع السيناريو متعدد الساحات الذي يجب بناء القوة على أساسه.
إن وصول إيران إلى وضع دولة العتبة النووية، التي تبعد مسافة قرار ووقت قصير من الحصول على قدرة نووية، يتطلب الاستعداد لوضع تكون فيه هذه القدرة في يديها، وحتى في أيدي دول أخرى في المنطقة.
بدائل لسياسة الأمن الحالية..
على مر السنين، تم طرح بدائل مختلفة للسياسة الأمنية القائمة، سواء في جوانب المفاهيم الأساسية أو في جوانب بناء القوة المطلوبة في مواجهة تحديات العصر.
وبديلاً لمفهوم أن “إسرائيل” يجب أن تدافع عن نفسها بمفردها، تم تقديم مقترحات لتحالفات دفاعية مع الولايات المتحدة، أو تحالف الناتو، أو إطار لتحالف إقليمي مع شركاء حاليين أو مستقبليين، في الاتفاقيات السياسية المهددة أيضاً من إيران والعناصر الإرهابية، لكن الخيارات مثل الانضمام إلى تحالفات دفاعية مثل حلف الناتو، أو إبرام مثل هذا التحالف مع الولايات المتحدة ليست واقعية، وقيمتها الحقيقية تتطلب دراسة أو فحصاً دقيقاً.
إن الاعتماد على قوة أجنبية لا يتناسب مع طبيعة وتقاليد “إسرائيل” و”الجيش الإسرائيلي”، ولا القوة المستمدة من نموذج “جيش الشعب” ولا القدرة على الاستجابة بسرعة نسبية للتغييرات المحتملة في طبيعة المنطقة.
كما تم أيضاً طرح طلب لتوسيع موارد الأمن، إلى درجة تثبيت الإنفاق على الدفاع بشكل دائم يتم تخصيصها من الناتج المحلي الإجمالي، تكون أعلى من النسبة المخصصة حالياً، وهذا الطلب يتعارض مع الرؤية الكاملة “للقوة الإسرائيلية” كقوة اقتصادية وتكنولوجية، وتتعارض كذلك مع الاحتياجات الاجتماعية التي لها تأثير كبير على الحصانة الوطنية.
بسبب التغيرات في شكل الحرب والعدو والتردد الذي ظهر في استخدام القوة البرية “للجيش الإسرائيلي”، طُرح خيار تقليص قوة المناورة إلى الحد الأدنى، والاعتماد على استخدام القوة المضادة، لكن هذه التوجه قد يحرم “الجيش الإسرائيلي” من أداة أساسية لتحقيق أهدافه -لاختلاف طبيعة تهديد العدو والاستعداد لتغييرات سريعة وبعيدة المدى في المنطقة- بطريقة سيكون من الصعب والمُكلف التراجع عنها.
لا ينبغي أن تطبق فكرة إلغاء التجنيد الإجباري في ضوء الصعوبات السياسية والاجتماعية، فالاحتياجات المتغيرة في القوى البشرية والزيادة في أفواج التجنيد، التي انعكست أيضاً في استطلاعات الرأي العام المختلفة لأن التجنيد الإجباري هو أساس التفوق النوعي لدى “الجيش الإسرائيلي” لأنه يضم إليه شرائح نوعية من المجتمع لا تنخرط في البلدان التي لديها جيش متطوع مقابل أجر.
علاوة على ذلك، فالحجم المطلوب للجيش في أي مخطط معقول أو مرجح للتهديدات التي تتعرض لها “إسرائيل” أكبر من أن يكون مجدي اقتصادياً.
وفقاً لذلك، تم تصميم التغييرات المقترحة أدناه على أساس أنه لا ينبغي إلغاء التجنيد الإلزامي، أو التخلي عن قوة مناورة نوعية وكبيرة، أو الاعتماد على شراكة دولة أجنبية في الدفاع عن “إسرائيل” أو تغيير إطار الموارد الموجودة بشكل كبير كما حدث بعد حرب 1973.
التغييرات المطلوبة وطرق تصميمها:
السيناريو المرجعي – مواجهة متعدد الساحات في جميع الدوائر:
في هذا السيناريو ستكون “إسرائيل” مطالبة بالعمل في وقت واحد في دوائر بعيدة ضد إيران، التي ستطلق النار على أراضيها ليس فقط من الأراضي الإيرانية، ولكن أيضاً من ساحات أخرى؛ وستتواجه مع حزب الله، ومع مخزونه الهائل من الصواريخ والقذائف الصاروخية.
وستواجه خطر إطلاق النار من قطاع غزة، وفي الوقت نفسه مع مواجهات واسعة النطاق في الضفة الغربية ومع اضطرابات داخل “إسرائيل” نفسها.
يجب أن يتضمن الإنجاز المطلوب جداول زمنية، من منطلق الاعتراف بالحاجة الضرورية والملحة لتقصير مدة المعركة، وإنشاء تسلسل هرمي للتهديدات وترتيب التعامل معها، كما يجب تقصير مدة المعركة المحدد في استراتيجية “الجيش الإسرائيلي” باعتباره -ضرورة ثابتة ودائمة- يواجهها الجيش.
هذا الأمر مطلوب بشكل خاص في مواجهة سيناريو تتلقى فيه الجبهة الداخلية في “إسرائيل” رشقات غير مسبوقة من الصواريخ والقذائف الصاروخية من جميع المديات.
كما يجب تحديد مدى الوقت الذي يُطلب فيه من “الجيش الإسرائيلي” والأجهزة الأمنية الأخرى تحقيق النصر على كل جبهة، وقدرة الجيش على إنجاز نصر واضح في كل ساحة، وما يجب القيام به بشكل متزامن أو بشكل متدرج.
يجب أن تتضافر الجهود السيبرانية، والعمل السري، والحرب القانونية، والحرب على الوعي، للوصول إلى الإنجاز المطلوب.
وحيثما كان ذلك ممكناً، يجب أن تحل أساليب العمل هذه بدل العمل العسكري العلني، من أجل التركيز على بناء القوة من أجل أهداف حقيقية، ولزيادة كفاءة استخدام جميع الموارد قدر الإمكان.
في بناء القوة، يجب التركيز على الكتلة الحرجة النوعية التي يمكن تشغيلها في ظل ظروف حقيقية، على حساب الكم “العريض” الذي لن يتم تشغيله.
يمتلك “الجيش الإسرائيلي” قدرات استخبارية وجوية ونارية تفوق بعدة مرات قدرات العدو في جميع الدوائر، كما طورت “إسرائيل” أول أنظمة دفاع سلبي ونشط في العالم من أجل المركبات القتالية المدرعة، ودفاع جوي للقوات وتشويش لوسائل العدو.
القوات البرية
يجب أن تُبنى القوة البرية وفقاً لمفهوم التنوع:
- نظام عمليات في العمق وعمليات خاصة – مع دمج جميع الأبعاد (الجوية، والبحرية، والبرية، والإلكترونية) وإعداد خطط موثوقة لتحركات تشغيلية مهمة لتحقيق النصر.
- الفرق الهجومية – يجب أن تنشئ كتلة حرجة قادرة على العمل في أراضي العدو بطريقة محمية ومجدية، والوصول إلى حيث يلزم، وتحقيق نصر واضح في كل مواجهة.
من خلال هيكلية هذه الفرق، يجب تنفيذ أقصى قدر من اللامركزية والاستقلالية للقوة، لأنه في ظل ظروف المواجهة متعددة الساحات سيتطلب من الكتائب والألوية العمل بمعلومات استخبارية جزئية قليلة.
ويجب أن تكون قادرة على العمل بشكل مستقل في المناطق التي سيتم تخصيصها لها مع استخدام طائرات “قوات الطيران البرية” -بشكل أساسي بدون طيار- وقدرات إطلاق النار التي يتم تشغيلها من قبلها، هذا المبدأ سيحافظ أيضاً على مفهوم القيادة المستقلة والمبادرة، التي تعتبر روح “الجيش الإسرائيلي”، كما يجب أيضاً الاستعداد لتفعيل قدرات نارية ووسائل غير مأهولة من قبل العدو. - الفرق الدفاعية – ستحمي حدود “إسرائيل” والمستوطنات النائية وستعمل في مناطق أمامية متقدمة قريبة من الحدود من أجل تحسين الوضع التكتيكي، باستخدام قدرات محددة سلفاً ومتاحة وتعمل تحت إمرتها.
وستشمل هذه الفرق على القوى التي ستعمل على منع إلحاق الأذى “بالإسرائيليين” والحفاظ على حرية العمل في مناطق الضفة الغربية، في حالة نشوب مواجهة واسعة النطاق. - قوات الجبهة الداخلية – والتي تضم قوات فرض النظام والدفاع من “العمليات النضالية” في الضفة الغربية وداخل الخط الأخضر، قيادة الجبهة الداخلية، والشرطة، وقوات الإطفاء والإنقاذ.
وستعمل هذه القوات على حماية أرواح “الإسرائيليين”، وتقليل الأضرار التي تلحق بالجبهة الداخلية قدر الإمكان، ومعالجة المصابين والحفاظ على النظام، ويجب تعزيز هذه القوات مع تخصيص موارد إضافية من القوى البشرية والميزانية لتعزيز حرس الحدود و”الشرطة الإسرائيلية” بشكل عام وغيرها من الهيئات.
الذراع الجوية والفضاء ونظام النيران والقدرات السيبرانية
يجب أن يركز سلاح الجو على بناء القوة للدفاع عن أجواء البلاد، ومهاجمة الأهداف الإستراتيجية والمنظوماتية للعدو، والمشاركة في المعركة البرية في الأماكن التي يتطلب فيها وسائل جوية “ثقيلة” للنيران، والنقل، والخدمات اللوجستية والإخلاء، ويجب أن تبني القوات الجوية قدرات موسعة تسمح لها بتحقيق التفوق الجوي والاستفادة من قدراتها في أي مكان.
في الوقت نفسه، يجب تطوير مجال الفضاء وتعزيزه، حيث تتمتع “إسرائيل” بتفوق كبير على منافسيها، وفي هذا المجال من الممكن التوصل إلى اتفاقيات تعاون مع أطراف خارجية.
يجب أن يستمر تطوير أنظمة الاعتراض، بما في ذلك النشر والجهوزية العملياتية للأنظمة القائمة على الليزر.
في الوقت نفسه، يجب أن يكون واضحاً “للجمهور الإسرائيلي” أنه في معركة شديدة على الجبهة الشمالية لن يكون لنظام الدفاع النشط القدرة على توفير حل كامل للصواريخ والقذائف الصاروخية التي سيتم إطلاقها على “إسرائيل”، وبالتالي يجب الاستثمار في حلول لتحصين وحماية الجبهة الداخلية وسلوك الجمهور، ويجب تحديد مؤشرات الجاهزية لبناء القوة في مجال الدفاع ضد الصواريخ.
كما يجب تعزيز قدرة “الجيش الإسرائيلي” الصاروخية ودقة النيران من مسافة بعيدة، مع تحديد المهام وتوزيعها بينها وبين النيران من الجو.
كما يجب تعزيز نظام الدفاع السيبراني للبنى التحتية للحوسبة الأمنية ويجب تقديم الدعم لحماية البنى التحتية الأساسية والشركات المدنية التي قد يؤثر الضرر فيها على “الاقتصاد الإسرائيلي”، في الوقت نفسه، يجب إضفاء الطابع الرسمي على نظرية تشغيل الجهد السيبراني الهجومي ويجب بناء قوة مناسبة، سواء على مستوى قيادة الأركان ودعم الجهود التشغيلية على مستوى مقر القيادة والفرقة.
هيئة الأركان العامة والمستوى التشغيلي
في ضوء التغييرات المطلوبة، يجب فحص هيكلية هيئة الأركان العامة وحجمها وهيكلية القيادة والسيطرة والعلاقة بينها وبين القيادات المناطقية والأذرع أو الأسلحة أثناء الحرب.
هذا من مفهوم يؤكد اللامركزية والاستقلالية وإفساح المجال لمبادرة المستوى التشغيلي وزيادة الكفاءة في استخدام القوة في سيناريو يقاتل فيه “الجيش الإسرائيلي” في وقت واحد على جبهات بعيدة عن بعضها البعض ومختلفة في طبيعتها.
القوى البشرية
يجب تنفيذ تغيير شامل في نموذج القوى البشرية في “الجيش الإسرائيلي”، من التجنيد إلى التقاعد وفي جميع الوحدات أو الأنظمة – الخدمة الإلزامية والدائمة والاحتياط-، ومبادئ هذا التغيير المطلوب مماثلة لتلك المفصلة هنا في مجالات أخرى من بناء القوة: التنوع والكفاءة والتكيف مع احتياجات الساعة وروح العصر، كل هذا مع الحفاظ على التجنيد الإلزامي ونموذج “جيش الشعب”.
الميزانية والتشريع والرقابة
يجب الموافقة على ميزانية متعددة السنوات “للجيش الإسرائيلي”، وكما ذكرنا، لا ينبغي تغيير إطار الإنفاق على الدفاع بشكل جذري، ولكن يجب تغيير الأولويات داخله، سواء بين الأجهزة الأمنية المختلفة وداخلها.
يجب استكمال الاستعدادات لتغيير الميزانية الذي سيتم تطبيقه اعتباراً من عام 2025، عندما يتم تدريجياً إلغاء أموال المساعدات من الولايات المتحدة، ويزداد العبء على ميزانية الدفاع بعدة مليارات.
يجب استكمال العمليات التشريعية المتعلقة بالتجنيد في “الجيش الإسرائيلي”، وإنشاء خدمة مدنية أمنية، والتغييرات المطلوبة في مجال القوى البشرية.
يجب إضفاء الطابع الرسمي على الإشراف الحكومي على أجهزة الاستخبارات من قبل وزير خاص في مكتب رئيس الوزراء، فاليوم يقوم بذلك رئيس الوزراء نفسه، الذي هو بالطبع من يصدق على استخدام القوة العسكرية والسرية، لكنه غير قادر على مراقبة التغييرات التنظيمية والمتعلقة بالميزانية عن كثب في هذه الهيئات.
التحضير لاحتمال حصول إيران والمنطقة على أسلحة نووية
من الضروري التحضير، تحت مسؤولية رئيس الوزراء ووزارة الجيش، لسيناريو تحقيق القدرة النووية في الشرق الأوسط (إيران ودول أخرى)، مع دراسة البدائل للسياسة الموصى بها، ومفهوم التشغيل والآثار المترتبة على بناء القوة.
قد لا يتطلب مثل هذا الموقف الاستعدادات المادية مع استثمار كبير في الدفاع فحسب، بل يتطلب أيضاً تحدي الافتراضات الأساسية المتعلقة بسلوك مختلف الأعداء أثناء المواجهة، واستقرار الأنظمة في المنطقة وحقيقة وجود الردع في العصر النووي، والذي يختلف اختلافاً جوهرياً عن الردع التقليدي.
تهديد الطائرات بدون طيار
هذا العام أيضاً أثبت نظام القبة الحديدية فعاليته، فخلال عملية “بزوغ الفجر” (آب / أغسطس 2022)، تم إطلاق أكثر من 1000 صاروخ على “إسرائيل” خلال يومين، تم اعتراضها بنجاح بواسطة القبة الحديدية بنسبة نجاح بلغت 96%، ومع ذلك هذا لا يكفي عندما نشير إلى تحديات المستقبل.
توضح الحرب في أوكرانيا ساحة المعركة المستقبلية التي قد تجربها “إسرائيل”، على سبيل المثال في إطار الحرب في الساحة الشمالية، في حرب أوكرانيا تم استخدام الأسلحة غير المأهولة على نطاق واسع، من بينها أسلحة ذات مستوى منخفض من الدقة، ما تسبب في أضرار جانبية كبيرة والحق الأذى بالمدنيين.
يتم تنفيذ بعض الهجمات على الجبهة الداخلية الأوكرانية باستخدام طائرات بدون طيار انتحارية مثل شاهد -136، التي تحصل عليها روسيا من إيران، فالخبراء الإيرانيون يساعدون روسيا في عملياتهم، كما تزود إيران روسيا بالمعرفة والمكونات التي تمكنها من الاستقلالية في الإنتاج، ويبدو أنها تحصل مقابل ذلك على قدرات سايبر روسية متقدمة.
تحولت الطائرات بدون طيار، بما في ذلك الطائرات بدون طيار الهجومية من جميع الأنواع، في العقد الماضي من كونها وسيلة حصرية في أيدي عدد قليل من البلدان، لتصبح شائعة حتى في الدول الفاشلة وغير المنضبطة والمنظمات غير الدولة.
ومع ذلك، فمن الضروري التطرق إلى القضية في سياق أوسع.
تشهد الأحداث في أوكرانيا ومراكز الصراع العنيف في الشرق الأوسط أيضاً على تأثير التقنيات المختلفة – بعضها عبارة عن تقنيات رخيصة الثمن ومتوفرة وسهلة التشغيل- على طبيعة القتال نفسه، وتتيح التقنيات نفسها الإعداد السريع ونقل المعرفة وحتى نقل الخبراء أو المشغلين للمساعدة في القتال.
إيران هي واحدة من الدول الرائدة في تصدير مثل هذه النشاطات، والمعروفة باسم (Warfighting As A Service) WAAS. قد يكون للجمع بين التقنيات الجاهزة والمتوفرة والتوسع الشامل للتهديد الجوي على “إسرائيل” آثار إستراتيجية، بالنظر إلى قدرات الاعتراض التي تمتلكها “إسرائيل” حالياً إلى جانب الثغرات في قدرات الدفاع عن الجبهة الداخلية.
من أجل التحضير للتغيير في التهديد الجوي ومن ضمنه تهديد الطائرات بدون طيار، من الضروري توسيع الدفاع عن الجبهة الداخلية، وتوفير وسائل الحماية وتعديل مفاهيم استخدام القوة والاحتماء لدى قوات “الجيش الإسرائيلي”، وكذلك التحضير لامتصاص الضربات واستعادة أو تعافي البنى التحتية الحيوية والبنى التحتية في الجبهة الداخلية المدنية.
على الرغم من أنه ليس تهديداً جديداً تماماً، ولكن تعاظم وتغيير طبيعة التهديد المألوف ظاهرياً، لا ينبغي الاستهانة به، وعلى “إسرائيل” أن تتعلم مما يحدث في ساحة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، بسبب احتمال نشوب صراع مع مشاركة أو نفوذ إيراني واتجاهات قد تميز أي ساحة معركة في المستقبل.
إن تعلم الدروس في هذا السياق مهم أيضاً في ضوء النشر القادم لخطة جديدة متعددة السنوات “للجيش الإسرائيلي”، مع دخول رئيس أركان جديد، والتي ستشكل بناء القوة في السنوات القادمة وتؤثر على العقود القادمة.
معهد أبحاث الأمن القومي/ عوفر شيلح وتامر هايمان وليران عنتبي
Facebook Comments