إيران في مرمى النيران: يجب عدم تفويت الفرصة من أمام الولايات المتحدة
ترجمة الهدهد
القناة 12 / عاموس يدلين
المقال يعبر عن رأي الكاتب
أمس، هبط مستشار الأمن القومي للولايات المتحدة جيك سوليفان إلى إسرائيل، للحكومة الجديدة مصلحة واضحة في أن تكون القضية الملحة الخاصة بالتقدم النووي الإيراني على رأس جدول أعمال الحوار مع سوليفان، وفي قلب المناقشات بين الطرفين بشكل عام.
بلغ البرنامج النووي الإيراني مرحلة متقدمة وتاريخية، كدست إيران اليورانيوم المخصب إلى مستوى 20٪ و60٪ بكمية تكفي لـ4 قنابل، ويمكن تخصيبه إلى المستوى العسكري (90٪) خلال أسابيع قليلة، ومع ذلك، لإنتاج أسلحة نووية (بناء عبوة ناسفة وفتيلها على رأس صاروخ)، تحتاج إيران إلى وقت إضافي كبير منذ لحظة اتخاذ القرار.
ينقل النظام الإيراني أجهزة طرد مركزي متطورة إلى المناطق المحمية، ويضع عقبات أمام الإشراف الدولي، وكما حذر رئيس الأمم المتحدة مؤخرًا، إيران تفكر في التخصيب بنسبة 90٪ – وهي خطوة استراتيجية، أكثر منها مجرد عبور عتبة تقنية، في عملية التسلح النووي لإيران.
المهمة العليا ل”إسرائيل” هي تسخير الغرب بقيادة الولايات المتحدة للضغط على إيران، وهذا تحدٍّ استراتيجي معقد، لأن إيران اليوم ليست أولوية للولايات المتحدة، فقد وضعت الحرب في أوكرانيا المنافسة بين القوى العظمى على المحك ودفعت الولايات المتحدة لقيادة العالم في حرب ضد الصين وروسيا.
ما هي الاستراتيجيات التي من خلالها من الممكن وقف التقدم في المشروع النووي الإيراني؟
لقد تراجعت الاستراتيجية الدبلوماسية – العودة إلى الاتفاقية النووية لعام 2015 – على الأقل في هذه المرحلة، بسبب محاولات الغرب فرض شروطه عليها، ورفض إيران لهذه الشروط، ودون الدخول في نقاش حول ما إذا كان الانسحاب من الاتفاقية صائباً أم لا، لم يعد من الممكن اليوم العودة إليه: لأن لكلا الطرفين تواريخ انتهاء صلاحية بالنسبة لبنود الاتفاقية، وذلك بسبب التقدم التكنولوجي لإيران، الذي أدى إلى تآكل القيود التي فرضتها عليها القوى، ولأن روسيا “لا يمكن الوثوق بها” كطرف في الاتفاق وتنفيذه، في ظل تعزيز التحالف بينها وبين إيران.
الاستراتيجية الثانية: هي الضغط السياسي والاقتصادي المكثف على إيران، مدعومًا بتهديد عسكري أمريكي و”إسرائيلي”.
وذلك بهدف تهيئة الظروف للعودة إلى اتفاقية أكثر فعالية وأقوى، والتي ستبقي إيران بعيدة عن الأسلحة النووية لعقود.
الاستراتيجية الثالثة هي الخيار العسكري، الذي لطالما عرّفته “إسرائيل” كملاذ أخير؛ وهذا بديل معقد ومحفوف بمخاطر التصعيد الذي يتطلب حذرا كبيرا جدا، وقد يزيد من الدافع الإيراني لتسريع البرنامج النووي.
في الخلفية أيضًا استراتيجية لتغيير النظام، ربما يكون هذا هو الحل الأكثر فاعلية، لكن ليس من الواضح على الإطلاق إمكانية تحقيقه في الفترة الحالية، وعلى طول الطريق قد يدفع النظام في الواقع للتسلح النووي كشهادة تأمين لبقائه.
كل هذه الاستراتيجيات لا تستبعد بعضها بعضا بل على العكس من ذلك، فهي تدعم بعضها بعضا، وقد ينتج عن الجمع الصحيح بينها وفي الوقت المناسب تآزر رافعات الضغط عليها.
الضغط على إيران متجدد
تخلق التطورات الإقليمية والدولية ظروفا مواتية لزيادة الضغط على إيران، وتشكل المساعدات العسكرية التي تقدمها طهران لروسيا تدخلاً في صميم منافسة القوى العظمى، ما ينتج عنه تجديدا على نظام الضغط الأمريكي والأوروبي على إيران.
علاوة على ذلك، يبدو أن إدارة بايدن تتفهم الحاجة إلى الجمع بين الضغوط الاقتصادية والتهديد العسكري المعقول؛ لذلك دخلت في سلسلة من التدريبات العسكرية مع “إسرائيل”، كجزء من التحضير لخيار عسكري أمريكي و”إسرائيلي” ضد تعزيز قوة إيران النووية.
توفر هذه التطورات ل”إسرائيل” فرصة نادرة لبدء مناقشة متعمقة مع واشنطن حول سلسلة من التفاهمات الاستراتيجية والعملية لوقف إيران:
- أقصى ضغط اقتصادي كأساس لاتفاق نووي مستقبلي “أقوى وأطول أجلاً”.
- اتفاق بشأن ردود الفعل المحتملة ضد إيران.
- تحسين الخيار العسكري، والتعاون ضد المشروع الصاروخي والطائرة الإيرانية بدون طيار.
- تعزيز تحالف إقليمي لكبح توسع إيران.
من أجل تسخير الولايات المتحدة والغرب لاتخاذ إجراءات حازمة على جبهة واسعة ضد إيران، من الأفضل على الحكومة الجديدة أن تتصرف كما يلي:
– تهدئة الساحة الفلسطينية والمسجد الأقصى، اللذين يمكن أن يؤدي التصعيد فيهما إلى السيطرة بشكل كامل على الأجندة السياسية بين “إسرائيل” والولايات المتحدة والغرب.
– الوقوف إلى جانب الغرب في الحرب في أوكرانيا للمساعدة في تعزيز دفاع الدول الأوروبية وتزويد كييف بقدرات دفاعية ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ، وذلك كأساس لمطالبة “إسرائيل” للغرب بالتعبئة للوقوف ضد إيران.
– تجنب الهجمات العلنية ضد السياسة الأمريكية والرئيس بايدن شخصيًا، واستنفاد قنوات التعاون المتشعبة بين الطرفين – السياسية والاستخباراتية والعملياتية والعسكرية.
خلاصة القول: يجب على “إسرائيل” ألا تفوت فرصة تركيز علاقاتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة من أجل العمل على احتواء إيران، بينما تقف على “الجانب الصحيح” في إطار المنافسة بين القوى العظمى.
بهذه الطريقة، ستكون الحكومة “الإسرائيلية” قادرة على بدء ولايتها بالطريقة الصحيحة وتعزيز مصالح “إسرائيل” طويلة المدى تجاه الغرب وفي مجال التطبيع مع العالم العربي.
Facebook Comments