كيف نستفيد من الخلافات بين أقطاب العدو الأمنية والسياسية في تعزيز الثائرين وحمايتهم؟
رأي الهدهد
يقتضي حجم التحديات وخطورة الأحداث إدراك عمق المتغيرات والتناقضات الحاصلة في مؤسسة العدو الأمنية والعسكرية جراء المبادأة والإدارة المحكمة للحالة النضالية التي تتزين بها الضفة الغربية.
فعرين الأسود ومعهم غرفة جنين المشتركة وعصيان القدس الشعبي والمدني يضعون المنطقة برمتها في نقطة حرجة ربما تصبح فارقة قد تشكل تحولاً استراتيجياً يتجاوز في تأثيره المنطقة برمتها.
فمؤسسة “العدو الإسرائيلي” في مأزق أمام كرة لهب متدحرجة سريعة من العمليات، فثلاثة مجاهدين معروفين نفذوا عمليات وقتلوا جنوداً، وستون في المئة من جيش العدو عاجزون عن اعتقالهم، بل إن منظومة العدو العسكرية والأمنية تقف عاجزة أما استيعاب تطورات المشهد في الضفة.
عملية “كاسر الأمواج” التي أعلن العدو عن انطلاقها منذ ما يزيد على خمسة شهور عاجزة عن التصدي لشبان المقاومة، فرغم استشهاد ما يزيد على 110 فلسطينيين، واعتقال ما يزيد على 1900 مناضل لا تزال الحالة النضالية في تصاعد وانتشار مطرد شمالاً وجنوبًا وفي كل زقاق الضفة الغربية والقدس.
كما أن حجم التباين بين القيادة العسكرية والسياسية يضفي بعداً آخر للإرباك الذي تعيشه المؤسسة العسكرية والأمنية، فرئيس الأركان كوخافي – الذي تقترب ولايته من نهايتها – قرر استخدام الطائرات المسيرة، إلا أن وزير جيش العدو غانتس قال إن هذا قرار سياسي وليس قراراً عسكرياً محضاً.
وحتى اجتياح المدن ولا سيما البلدة القديمة يقع في قلب الخلاف الطاحن ما بين المستويين السياسي والعسكري، فالمستوى السياسي يبتعد عن القرارات الحاسمة خشية دفع التكلفة والثمن في صناديق الاقتراع في انتخابات نوفمبر القادمة، بينما يخشى المستوى العسكري من تجذر مجموعة عرين الأسود وانتشارها كحالة نضالية عامة في كل أنحاء الضفة والقدس.
وفي المقابل يعتقد جهاز الشاباك أن ما يجري في الضفة بداية انتفاضة، بينما يرى جيش العدو بأنها أحداث عنيفة سيتم التغلب عليها في نهاية المطاف على حد زعمه.
هذه الحالة الجدلية يقابلها حصار مشدد تفرضه شرطة العدو على القدس خصوصا مخيم شعفاط، وتضيق الخيارات أمام المصلين الفلسطينيين الراغبين في الصلاة في الأقصى، وتطلق العنان لشذاذ الآفاق من المستوطنين المقتحمين، بينما يحذر الشاباك من خطورة وتبعات فرض الحصار على 130000 فلسطيني من سكان شعفاط في خضم البحث عن الفدائي، وكذلك يحذر ويتحفظ على التسهيل والتشجيع للمستوطنين في اقتحامهم، بينما يضيق على الفلسطينيين في دخولهم إلى المسجد الأقصى.
الخلافات بين أقطاب الأمن والسياسة والجيش في كيان العدو كلها تدور حول رحى الانتخابات القادمة، والتي هي سيف مسلط على عنق صانع القرار في الوقت الذي يغرق فيه اليسار والوسط، والذين يملكون زمام الحكم في كيان العدو (لبيد + غانتس) في لجج أمواج متلاحقة من انتفاضة عسكرية شعبية تدق بعنف على أبواب الكيان المهترئة، مع فاتورة لتدفيع ثمن سياسي وأمني وعسكري ضمن فاتورة من الدم باهظة التكاليف.
بالتالي هذا مناخ مناسب جداً لتعزيز الحالة النضالية والثورية وتوسيعها في الضفة الغربية والقدس وإدارتها بحكمة وروية دون تردد، خاصة أن البيئة في الضفة الغربية مواتية جداً فقد نمت واستوت على سوقها بمقاومة تسند ظهرها إلى حاضنة شعبية وفصائلية في أجواء يتنافس فيها الشباب على اللحاق بركبها وضرب جيش العدو ومستوطنيه في كل مكان.
يقابل كل هذا عجز السلطة وانفراط عقد مجنديها في الحواضن التي يتكاثر فيها الثائرون، والذين وجدوا من منصات التواصل الاجتماعي بوابة يجسدون فيها طموحات مقاومة المحتل والتصدي لتغول مستوطنيه وكبح جماح إرهاب “العدو الإسرائيلي” في كل مكان.
Facebook Comments