الردع والقوة هو ما يحقق المكاسب

ترجمة الهدهد
هآرتس/ تسفي باريل
“تضع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين -إسرائيل ولبنان- إسرائيل أمام شريك جديد، وهو حسن نصر الله وليس الحكومة اللبنانية هو الذي يحدد المعايير وبنود الاتفاقية وموقع حفارات الغاز وتوجيه الأموال من الأرباح التي ستحصل عليها من الحفر، فالمفاوضات الحقيقية بين الطرفين لا تجري بين الحكومات، بل بين دولة ومنظمة، وكشف نصر الله السبت الماضي أنه أرسل رسالة سرية إلى إسرائيل أوضح فيها أنه إذا بدأ الحفر في حقل كاريش فستبدأ المشكلة”.
الإجابة العلنية التي تلقاها أرضت رغبته، وأوضحت “إسرائيل” أن الأعمال الجارية في حقل الغاز تهدف فقط إلى تحضير خط الأنابيب وليس البدء في الحفر، وأضافت أنه على الرغم من أن الحفر سيبدأ سواء تم التوقيع على اتفاق أم لا، ومن الجائز الشك في صرامة هذا البيان.
لا تنوي شركة الغاز البريطانية أن تكون الطاولة التي ستجري عليها المنافسة العنيفة بين “إسرائيل” وحزب الله، كما أن “إسرائيل” ليس لديها سوط حقيقي لتهديد لبنان به، فالبلد مدمر، واقتصاده ينهار، وتقوده حكومة شبح، ومرفأ بيروت انفجر “من تلقاء نفسه” قبل عامين، والمواطنون يفرون منه، حتى لا تؤثر عليه “قنبلة إسرائيلية” أخرى.
في ميزان الردع الذي نشأ بين “إسرائيل” وحزب الله، تلعب “إسرائيل” ضد وعاء فارغ، فلم يبق لدى لبنان الكثير ليخسره، والنتيجة أن “إسرائيل” أدركت أن عليها أن تتبنى معادلة جديدة تجاه حزب الله، فبجانب رصيد التحذير القديم، تم إنشاء رصيد ربح.
بين “إسرائيل” وحزب الله هناك لقاء مصالح اقتصادية، لا يقف فيه الصراع الحدودي الوطني في وجه نفسه ويكون ذريعة للحرب، ولكنه يحتوي على مكاسب اقتصادية ضرورية جداً للبنان و”إسرائيل”، وعليها يدور الصراع.
كان نصر الله ماهراً في بلورة المنطق الذي يحفزه: “لبنان أمام فرصة تاريخية لن تعود، هذه فرصتنا الوحيدة لإنتاج النفط والغاز لمعالجة أزمة اقتصادنا وحياتنا”، قال ذلك في خطاب يليق به كرئيس دولة. وعندما تكون هذه هي طبيعة الخلاف، يكون مستعداً أيضاً ليكون شريكاً للشيطان، وفقاً لشروطه.
لم يتلاش عداء حماس وطموحاتها الوطنية، لكن الاعتبارات الاقتصادية خلقت لقاء مصالح مؤقت هنا أيضاً: آلاف تصاريح العمل التي تمنحها “إسرائيل” لسكان غزة، والتحويل المنتظم للمساعدات المالية من قطر، مروراً بمواد البناء من مصر و “إسرائيل”، هذه علامات على المعادلة الجديدة التي أصبحت فيها حماس و”إسرائيل” شريكين مؤقتين.
ومع ذلك سيكون من الخطأ والوهم الاعتقاد بأن مثل هذه الشراكات مع المنظمات قد تحل محل الحل السياسي، فحماس وحزب الله لا يعترفان “بإسرائيل” ولم يتخلوا عن الكفاح المسلح.
الشراكة معهم ممكنة في هذه الأثناء، لأنها لا تطالب “إسرائيل” بثمن سياسي، ولا تلوث “السياسيين الإسرائيليين” حتى بتهمة الخيانة.
المفارقة هي أنه عندما يتعلق الأمر بالتحديد بالسلطة الفلسطينية، التي تعترف “بإسرائيل” وتحافظ على التعاون والتنسيق الأمني معها، فإن “إسرائيل” حريصة على عدم النظر إليها كشريك، تتصرف ضدها بوحشية للإضرار بمكانتها وقدراتها، والتحقير من رئيسها محمود عباس، وتحاول التعامل معها وكأنها منظمة أخرى مثل حماس أو حزب الله، قبل أن يصبحوا شركاءها.
قد تشير اليقظة العنيفة في الضفة الغربية إلى أنها قد استوعبت الدرس الذي علمته حماس وحزب الله “لإسرائيل”، والذي بموجبه يمكن فقط لميزان الردع والقوة أن يحقق مكاسب.
Facebook Comments