الدين والسياسة
الهدهد/ محمود مرداوي
اليهود الصهاينة عندما أرادوا أن ينشؤوا كياناً يخلصهم من حياة الشتات الناتجة عن خستهم وأعمالهم الوضيعة وضعوا نصب أعينهم عدة أماكن؛ الارجنتين، أوغندا، العريش، وعندما تعذرت في أماكن وفشلوا في أخرى من خلال شراء الذمم أرادوها في فلسطين بقوة السلاح والقبول الدولي تحت مبرر صلة الدين بالسياسة.
فالسياسة أوجدت لقاءً مشتركاً على مفترق تاريخي جمع بين رغبة الأوروبيين بالتخلص من قرف الصهاينة ودنسهم، وما بين مصلحة خلاص اليهود من الظلم الذي جلبوه على أنفسهم جراء تصرفاتهم والتجمع في مكان تحت الشمس كما قال نتنياهو،
كان لا بد لهم من استدعاء الدين؛ حيث شكلت القدس بمكانتها الدينية للأديان الثلاث صلة واصلة ما بين السياسة والدين لتبرير اغتصاب فلسطين ،
بينما حاول جزء من الفلسطينيين عزل الدين وتحييد تأثيره عن الصراع وتغييبه عن الثورة والثوار، حتى يظهروا أنيقين ولبقين.
عندما أُعلن الكيان بعد هزيمة العرب والفلسطينيين في حرب 1948 أدرك بن غوريون أن حاجة الكيان الوليد للغة عصرية يخاطب فيها العالم ويعرض بها الكيان شيئاً والحفاظ على حضور الدين واستدعائه في الشد والربط بين فئات وطوائف وفتات رذاذ شذاذ الآفاق شيء آخر، كلاهما ضروري ، فأصر على ما أُطلق عليه “ستاتس چڤو” ( الوضع الراهن) الذي حفظ للمتدينين اليهود في زمن اليوشوف حقوقاً مدنية كاملة دون دفع جزء كبير من الواجبات ولا سيما التجنيد للجيش وإخضاع الدولة في المعاملات الشخصية لتعاليم التوراة.
بينما سلطتنا تعزل الدين والمتدينين عن الحياة السياسية وتعتقد أنها تستطيع أن تثبت حق الفلسطينيين في القدس دون استحضار كل الأبعاد ولا سيما الدين .
في الآونة الأخيرة العلمانيون الصهاينة يعيشون وكأن كيانهم أنشئ اللحظة، متجاهلين الصلة بالموصول محاولين تخطي الوضع الراهن الذي أرسى قواعده بن غوريون ، مما أوجد حالة من الفراغ زعزعت الاستقرار .
السلطة بعزلها للدين تعبث بأحد أهم روافد الصلة في القدس ، وأهم عامل في التحشيد واستدعاء الجود بالتضحية من الفلسطينيين
تعيش اللحظة دون عمق بهوية مثلومة يلتبس عليها التكتيك مع الاستراتيجي عندما تعتقد أن مشروعاً قام على مبرر صلة اليهود دينياً بالقدس ممكن أن يتخلى عن مبرر الوجود في مفاوضات وهي تعيش تحت حرابهم تأكل وتشرب تخرج وتدخل بإذنهم وموافقتهم ، هذا الثلم لدى الفلسطينيين في الهوية والتعبير عن مكوناتها شجع الوسطاء الغربيين والصهاينة المحتلين أن يعتقدوا أن بالإمكان إجبار الفلسطينيين على التنازل عن القدس كما يحدث بالضبط الآن للأسف.
Facebook Comments