نهاية المعركة المرهقة ضد إيران لا تلوح في الأفق

ترجمة الهدهد
معاريف/ تال ليف رام
تميزت الأشهر القليلة الماضية بزيادة في حدة التوتر، وإمكان المواجهة المباشرة بين “إسرائيل” وإيران، وبحسب التقارير، فإن “إسرائيل” تصعد من ضغوطها الهجومية، رداً على المحاولات الإيرانية المستمرة لمهاجمة أهداف “إسرائيلية” في الخارج، واستمرار ترسيخ تواجدها في الشرق الأوسط، إلى جانب الجمود في مفاوضات إيران مع القوى العظمى بشأن الاتفاق النووي.
إن فرص حدوث مزيد من التصعيد في العام المقبل في الصراع “الإسرائيلي” الإيراني أعلى، لكن على عكس ادعاء رئيس الوزراء “نفتالي بينت” هذا الأسبوع بأن “إسرائيل” غيرت سياسة العمل التي تنتهجها ضد إيران في العام الماضي، فمن الواضح أن المنظومة الأمنية بأذرعها كافة تلائم أو تكيف طريقة عملها “الهجومية أكثر”، مع تقييم الوضع الآخذ في التغير، والنشاطات لا تعبر عن قرار بتغيير السياسة.
قال وزير جيش العدو بني غانتس” -مؤخراً في مؤتمر لمعهد السياسة والاستراتيجية في جامعة رايخمان-: “إن إيران تواصل مراكمة العلم والخبرة التي لا رجعة فيها في البحث والتطوير والإنتاج، وتشغيل أجهزة الطرد المركزي المتقدمة، ولا يزال أمامها أسابيع قليلة لتكديس ما يكفي من المواد الانشطارية للقنبلة الأولى”.
وأضاف “غانتس”: “إيران تحاول توسيع نفوذها في الشرق الأوسط، من خلال تسليح ومساعدة ودعم المليشيات والمنظمات الإرهابية، حيث زاد عدد الأسلحة الاستراتيجية التي قد تهدد دولة إسرائيل بشكل كبير في اليمن والعراق”، وأشار “غانتس” إلى أنه على الرغم من الهجمات المنسوبة “لإسرائيل” في سوريا، إلا أن إيران لم توقف محاولاتها لإنشاء بنية تحتية من النيران المتطورة، تهدف إلى بناء قدرات لمواجهة واسعة مع “إسرائيل”.
المحور النووي، ومحور التمركز العسكري الإيراني في الشرق الأوسط، هما المحوران اللذان يقعان في صميم الجهود الأمنية والسياسية “لإسرائيل”، إلى جانب جهود عملياتية مستمرة لإحباط هجمات “فيلق القدس” “الانتقامية” ضد أهداف “إسرائيلية” في الخارج.
الحرب في أوكرانيا والاهتمام الدولي الموجه هناك، يتركان القضية الإيرانية بعيدة عن جدول الأعمال الدولي، على مدى سنوات عديدة سجلت “إسرائيل” نجاحات تكتيكية مهمة في المواجهة ضد البرنامج النووي الإيراني، وكذلك في المعركة التي شنت على المحاولات الإيرانية للتمركز العسكري في الشرق الأوسط.
ولكن في الوقت نفسه يجب أن نقول بصدق إن النظام في إيران لديه ساعته الرملية الخاصة به، فضلاً عن الصبر لديه وطول النفس في مواصلة الاتجاهات والخطوات الثابتة، ويبدو أن هذا يتناقض مع كل منطق من وجهة النظر الغربية، نظراً للأثمان الباهظة التي تدفعها إيران من خلال الضرر الدائم الذي لحق باقتصادها تحت وطأة العقوبات، فضلاً عن استثمارها الدؤوب في الأسلحة المنقولة إلى الشرق الأوسط، التي كثيراً منها يدمر جراء الهجمات المنسوبة لسلاح الجو “الإسرائيلي”.
لكن من هنا بالضبط تأتي أو تستمد استراتيجية إيران، ومن هنا تأتي صعوبة التعامل معها فقط بالوسائل العسكرية فقط، القدرات الاستخباراتية “الإسرائيلية” الاستثنائية، ومستويات الأداء المثيرة للإعجاب المنسوبة إلى سلاح الجو، والتي انعكست أيضاً في الشهر الماضي في سلسلة من الهجمات في سوريا تلحق أضراراً كبيرة بالإيرانيين، لقد تباطأت وتيرة تمركزهم في المنطقة، وقد تضرروا في مشاريع محددة مثل مشروع الصواريخ الدقيقة ونقل أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة التي تهدف إلى المس بحرية عمل سلاح الجو “الإسرائيلي”.
لكن إلى جانب الإنجازات لا يمكن تجاهل أن إيران مصممة على مواصلة عملياتها، ومع مرور الوقت تتراكم لديها القدرات العسكرية، هذا صراع شاق ومتعب من ناحية “إسرائيل”، ومستمر منذ سنوات، حيث القيادة السياسية تتصرف وفقاً لتوصيات المستويات المهنية، وفي هذا الشأن لا يوجد فرق كبير بين نمط عمل هذه الحكومة تحت قيادة “نفتالي بينت، و”بنيامين نتنياهو”.
تصريحات غير مسؤولة:
واذا كنا نتحدث عن رؤساء الوزراء، فإن “بينت” -قال هذا الأسبوع-: “إن إسرائيل كانت تعمل في العام الماضي ضد رأس الأخطبوط، وليس فقط ضد أذرع الأخطبوط كما حدث في الماضي”، لقد أراد بالفعل أن يقول إنه منذ توليه منصبه غير سياسة المعركة ضد إيران، وأثارت تصريحاته هذه حول الموضوع غضب المنظومة الأمنية، حتى إن كبار المسؤولين وصفوا هذه التصريحات بأنها “غير مسؤولة”، وسط تحذيرات خطيرة للغاية من هجمات انتقامية إيرانية، تصريحات فارغة تهدف في المقام الأول إلى اظهار مستوى الإنجاز السياسي.
الجداول الزمنية التي تم اختصارها:
تميزت الفترة الأخيرة بالفعل بتصعيد في الخط الهجومي “الإسرائيلي” ضد إيران، كما يمكن الافتراض من خلال اغتيال الضابط الكبير من “فيلق القدس” على باب منزله، لسنوات عديدة يُنسب اغتيال العلماء النوويين إلى “إسرائيل” كجزء من مهاجمة ومحاولة تعطيل برنامج إيران النووي، وكبديل لمهاجمة المنشآت النووية، ويعد اغتيال كبار الضباط من الحرس الثوري تطوراً جديداً جاء على الأرجح، بعد تقييم للوضع تم إجراؤه في الموساد، ويمكن تقدير أن هناك من كان يعتقد أنه في مواجهة محاولات إيران المستمرة لمهاجمة اهداف “إسرائيلية”، لا يمكن الاكتفاء بالدفاع ضد الهجمات وإحباطها فقط، لذلك من الضروري الانتقال إلى الهجوم ونقل رسالة قوية إلى الطرف الآخر مفادها أنه مهما حاولت القيام به، فإن “إسرائيل” تعرف كيف تعمل بشكل أفضل.
لكن المهنيين ليس لديهم أوهام، الأحداث الأخيرة هي جزء من عملية مستمرة منذ سنوات، يتصاعد فيها اتجاه متدرج وثابت من التصعيد المعتدل، والذي طالما لم يتم حله سياسياً سيتصاعد في السنوات القادمة.
ومع ذلك، في اختبار النتيجة، بعد انسحاب الأمريكيين في واقع لا يوجد فيه اتفاق حقيقي، اختصر الإيرانيون الجداول عدة سنوات واستفادوا من الخروج الأمريكي من الاتفاقية حتى النهاية، هذا فشل استراتيجي مدوي لإدارة “ترامب” و”لإسرائيل”، و”بنيامين نتنياهو” أسهم فيه أيضاً.
على خلفية هذا الواقع، هناك العديد من الأصوات في المنظومة الأمنية والسياسية يعتقدون أن السياسة بحاجة إلى التغيير، وتوقيع اتفاقية جديدة إلى جانب جميع القيود، وحتى لو كان من الواضح أنها اتفاقية سيئة، فهي مصلحة “لإسرائيل”، بالتأكيد في واقع بقيت فيه “إسرائيل” تقريباً وحدها، وتمارس -على ما يبدو- القوة العسكرية ضد إيران، أي اتفاق -هكذا يقولون- من شأنه أن يوقف مؤقتاً تقدم إيران المستمر في البرنامج النووي، ما يتيح للمنظومة الأمنية الوقت الذي تحتاجه للاستعداد بشكل أفضل لاحتمال انطلاق إيران نحو القنبلة، على أي حال فإن الخيار العسكري “الإسرائيلي” لمهاجمة المنشآت النووية ليس مطروحاً حالياً على الطاولة، وحتى في المستقبل ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان بإمكان “إسرائيل” قيادة مثل هذه الخطوة بشكل مستقل.
قال لنا مسؤولون أمنيون -هذا الأسبوع بعد تصريحات “بينت”-: “إسرائيل يجب أن تقود الخط القائل بأن إيران مشكلة عالمية، وليست مشكلة خاصة لإسرائيل”، وتصريحات رئيس الوزراء هذا الأسبوع تضعنا في طليعة المعركة ضد إيران في تناقض صارخ مع مصلحتنا.
Facebook Comments