أخبار رئيسيةترجماتشؤون دولية

العقبة الرئيسية في طريق انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو

لا تكلفوا أنفسكم عناء القدوم لتركيا:

الهدهد/ N12

قدمت فنلندا والسويد طلبين رسميين للانضمام إلى الناتو يوم أمس (الأربعاء) على الرغم من التهديدات المختلفة من روسيا ضد نيتهم الانضمام، ورحب العديد من قادة الدول الأعضاء في الناتو بقرارهم، مثل رئيس الولايات المتحدة وفرنسا ورئيس وزراء المملكة المتحدة، وخلافاً لهم صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنه يعارض انضمامهما إلى الحلف.

وفقاً لقواعد الناتو، بعد تقديم طلبات الحصول على العضوية من قبل فنلندا والسويد، يجب على كل دولة من الدول الأعضاء الثلاثين الموافقة على الطلب في برلمانها المحلي من خلال سن قانون – وهو إجراء قد يستغرق حوالي عام، وعليه فإن معارضة أحد الأعضاء الثلاثين في التحالف كافية لنسف عملية انضمام المرشحين الجدد من الشمال.

بالإضافة إلى حقيقة أن رفض أحد الأعضاء يمكنه أن ينسف الخطوة – عندما يأتي هذا من تركيا – التي هي أحد أهم وأكبر الأعضاء في التحالف، يصبح هذا الأمر أكثر إلزاماً.

تمتلك تركيا ثاني أكبر جيش في حلف الناتو

وهو أصغر حجماً بالنسبة للجيش الأمريكي، وهي ملتزمة بتزويد الناتو بعدد من القوات أكبر من دول مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا، علاوة على ذلك، تتمتع تركيا بموقع استراتيجي، فهي قريبة من روسيا والشرق الأوسط – ولها نفوذ إقليمي كبير.

التقى إبراهيم كالين كبير مستشاري أردوغان الأربعاء الماضي بمسؤولين من فنلندا والسويد والولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا، وناقش معهم مواقف تركيا بشأن انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو، في الاجتماع، أوضح لهم أن تركيا لن تسمح بأي تقدم في عملية الحصول على العضوية إذا لم يتم تلبية مطالب تركيا الأمنية فيما يتعلق بالـــ PKK (حزب العمال الكردستاني) في هلسنكي وستوكهولم، وإذا لم ترفع الدولتان حظر الأسلحة الذي فرضتاه على تركيا منذ عام 2019 عند غزوها لسوريا.

يقول الدكتور “آسا أوفير” الخبير في شؤون تركيا من قسم دراسات الشرق الأوسط والعلوم السياسية في جامعة أرييل، لـلقناة 12 العبرية: “أن أردوغان وحاشيته لاحظا نقطة ضغط هنا على أوروبا والغرب – فهم يستخدمون هذه القضية لابتزاز مكاسب سياسية وأمنية لصالح تركيا، وبالطبع لجني الإنجازات لنظام أردوغان”.

وأضاف: “لقد قدم قائمة مطالب منها رفع عقوبات أمنية وتسليم ناشطين سياسيين مطلوبين في تركيا ووقف النشاط الكردي المناهض لتركيا في السويد”، وعلى حد قوله، “يسعى أردوغان جاهداً لتسجيل إنجازات على الساحة التركية المحلية وعلى الساحة الدولية”.

النضال ضد الأكراد

تعرب أنقرة عن معارضتها الكاملة لانضمام السويد وفنلندا إلى حلف شمال الأطلسي في ظل استضافتها لأنشطة حزب العمال الكردستاني PKK و YPG “وحدات حماية الشعب الكردية السرية في سوريا”.

البلدان الاسكندنافيان من بين البلدان التي استقبلت في السنوات الأخيرة العديد من اللاجئين القادمين من دول الشرق الأوسط، وخاصة العديد ممن فروا من ويلات الحرب في سوريا، ومن بين اللاجئين الكثيرين الذين قدموا، كان العديد من الأكراد أيضاً، حيث أسسوا فروعاً محلية لأحزابهم السياسية المعروفة.

إن حزب PKK هو حزب العمال الكردستاني في تركيا، الذي يقاتل ضد السلطات في أنقرة منذ الثمانينيات بهدف الحصول على الاستقلال أو الحكم الذاتي، على مر السنين نفذ حزب العمال الكردستاني سلسلة من الهجمات الإرهابية الوحشية والدموية في تركيا، وتعتبر هذه القضية دراماتيكية بشكل خاص في الناتو – في حين أن العديد من الأعضاء في الحلف مثل تركيا يعترفون بحزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية – فهم يدعمون بحماس وحدات حماية الشعب الكردية YPG، النسخة السورية – التي حظيت بتقدير كبير لدورها في القتال لهزيمة داعش.

يقول الدكتور أوفير: “داخلياً يركز أردوغان في تركيا بشكل أساسي على القضية الكردية، المشكلة الرئيسية هي مع السويد – وهي دولة يوجد فيها عدد كبير من اللاجئين الأكراد، ويصل عددهم إلى حوالي 100000 شخص، الأتراك حساسون للغاية تجاه الإرهاب والنزعة الانفصالية الكردية التي هي قضية عابرة للأحزاب والقطاعات، وحسب قوله فإن العديد من معارضي أردوغان من أحزاب يمين الوسط أيدوا أيضاً النضال الذي لا هوادة فيه ضد الانفصاليين الأكراد، ويضيف أن أردوغان يمكنه أن يسوق للشعب التركي صورة الزعيم القوي – الذي يُحسب له – ولتركيا حساب في العالم.

من الشروط الأخرى لتركيا للموافقة على عضوية فنلندا والسويد، الإنهاء الفوري لحظر الأسلحة المفروض على تركيا من قبل الدولتين إلى جانب دول أوروبية أخرى، بعد اجتياح سوريا في عام 2019 واحتلال الجيش التركي أجزاء كبيرة من شمال سوريا والتي كانت تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردي، وكل هذا ضمن النضال ضد الأكراد.

على الرغم من أن حجم تجارة الأسلحة بين تركيا ودولتي الشمال الأوروبي ضئيل نسبياً، ولا يُتوقع صفقة أسلحة كبيرة بين تركيا والسويد أو فنلندا في المستقبل القريب، يُقولون في تركيا أن أنقرة لا يمكن أن تكون في عضواً في تحالف عسكري توجد فيه دولتان تفرض عليها حظراً على الأسلحة، وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو مؤخراً، إن حظر الأسلحة في الناتو يتعارض مع روح وقيم الحلف، “لا يمكننا أن نقول “نعم” لمن يفرضون عقوبات على تركيا وينضمون إلى الناتو هكذا قال أردوغان هذا الأسبوع.

يقول الدكتور أوفير: “خارجياً يريد أردوغان رفع العقوبات الأمنية عن تركيا من قبل كل الدول الغربية، في السنوات الأخيرة، فرضت المزيد والمزيد من الدول الغربية مقاطعة أمنية على تركيا ولا توافق على بيعها أسلحة، من خلال هذه الأزمة يعتقد أردوغان أنه سيتمكن من الاستفادة من مكانة تركيا في الساحة العالمية، ويرى مرة أخرى أهميتها كدولة لا يمكن تجاهلها وتجاهل مصالحها”.

فرصة لا ينبغي تفويتها

أردوغان رجل أعمال ماهر، وهو يدرك أن أمامه فرصة لتسجيل إنجازات عظيمة لتركيا بشكل عام وله شخصياً، في غضون عام تقريباً ستجرى الانتخابات في تركيا، في هذه المرحلة  الرئيس في أدنى مستوى له في استطلاعات الرأي، هذا إلى جانب الوضع الاقتصادي الخطير في تركيا – والذي لا يُتوقع أن يضيف له أصواتاً، وتدرك أنقرة أن هناك حرصاً كبيراً في واشنطن لإضافة المرشحين الجديدين للحلف على خلفية الصراع المتصاعد بين الولايات المتحدة وروسيا، ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تعمق تركيا من محاولات الحصول على أسلحة متقدمة من الولايات المتحدة.

أولاً وقبل كل شيء، يتمثل طموح تركيا الكبير في العودة إلى مشروع طائرات F-35 الامريكي، والذي تم استبعادها منه في السنوات الأخيرة بعد الحصول على نظام الدفاع الجوي الروسي الصنع من طراز S-400، من الأمور التي تهم أنقرة بشكل خاص الحصول على موافقة رسمية من الولايات المتحدة لاستخدام هذا النظام، بالإضافة إلى أن تركيا مهتمة بتجديد أسرابها الجوية من طراز F-16، وكذلك تجديد مخزون الذخيرة وقطع غيار الطائرات المقاتلة.

مؤخراً فقط وردت أنباء عن أن إدارة بايدن تعمل على إقناع الكونجرس الأمريكي بالموافقة على بيع قطع غيار وذخيرة لطائرات F-16 التركية، وربما حتى بيعها سرباً مقاتلاً جديداً، بعد فترة من التوتر المطول بين البلدين أعربت واشنطن في الأشهر الأخيرة عن ارتياحها لمواقف تركيا من الحرب في أوكرانيا.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، كان من المقرر أن يصل وزيرا خارجية فنلندا والسويد إلى تركيا لمناقشة طلبهما للانضمام، قبل الزيارة بفترة وجيزة أعلن أردوغان أنه “لا ينبغي أن يكلفا نفسيهما عناء الوصول على الإطلاق، من خلال ذلك يسعى أردوغان إلى التأكيد على قوة معارضته ورفضه للخطوة – وفي نظر الكثيرين عملياً، أيضاً لزيادة وسائل الضغط لديه في المفاوضات مع الدول الغربية، الولايات المتحدة مصممة على المضي قدماً في هذه الخطوة، ويبدو أنها مستعدة لتقديم تنازلات لتلبية مطالب تركيا.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي