تم التخلي عن القوات البرية.. وأصبحنا جيش سلاح الجو
“الجيش الإسرائيلي” ليس جاهزا للحرب
ترجمة الهدهد
اللواء يتسحاك بريك/ N12
لقد انتصرنا في الحروب “الإسرائيلية” بفضل المحاربين الشجعان الذين ضحوا أحيانًا بأرواحهم من أجل حماية أسرهم ووطنهم، الذين قاتلوا في ظروف صعبة في ضباب المعركة، فسقط رفاقهم وقُتلوا وجُرحوا بجانبهم.
ولكنهم واصلوا قتالهم على أساس أنه لا يوجد أحد آخر يسد مكانهم، فقد أدركوا أنهم السور الحصين بين العدو ودولتهم. وكان واضحا لكل مقاتل منهم أنه لا يوجد هناك أشياء مجانية وأن هناك ثمنا للدفاع عن الوطن، فهموا أن بعضهم لن يعود إلى دياره سالماً، لكن ذلك لم يمنعهم من المخاطرة بحياتهم، من منطلق إيمانهم العميق بصدق وعدالة طريقهم وحب الوطن.
لسوء الحظ، نشهد اليوم انقلابا في الاتجاه، هناك قلق شديد من دفع الأثمان، وقرارات المستوى الأمني والسياسي لا تتخذ وفقا للاحتياجات الحقيقية لأمن “الدولة”، بل وفقاً للخسائر التي سنتكبدها. هذا هو المقياس الأساسي في قرار المستوى الأمني والسياسي في الخروج إلى عملية ما وهو مقياس الخسائر المتوقعة التي سندفعها، وليست قيمة وضرورة العملية لأمننا والحفاظ على الردع.
من يريد تجنب الخسارة في ساحة المعركة كليًا يفقد تمامًا ردع الجيش والقدرة على الانتصار في الحرب. وهذه الطريقة في التفكير وتصرفات المستويات الأمنية هي التي ستؤدي في النهاية إلى خسائر أكبر بكثير في الحرب متعددة الجبهات. وبسبب هذا السلوك من قبل المستويات الأمنية تضررت الروح القتالية ومعها الدافعية للقتال لدى الجنود وانهار الردع، والاستعداد لتحمل المخاطر في تراجع عجيب.
نحن اليوم في اتجاه تدهور حاد في الجيش البري أيضا بسبب شعور المقاتلين في الجيش البري أن المستوى الأمني لا يثق بهم ولا يشغلهم عند الحاجة، على حد قولهم: “جيش القيادة العليا لدى الجيش “الإسرائيلي” هو سلاح الجو والاستخبارات والسايبر. أما الجيش البري فيتجاهلونه، وخاصة قوات نظام الاحتياط”.
لقد فقدنا القدرة القتالية متعددة الأذرع، وأصبحنا جيشا أحادي الأبعاد جيشاً لسلاح الجو الذي وحده لن يستطيع أن يكسب الحرب. لقد رأينا هذا بوضوح في “عملية حارس الأسوار” عندما تخلوا عن الخداع بموجب الخطة الأصلية؛ خوفًا من الخسائر وبالتالي تسببوا في فشلها التام.
إن التجاهل التام للجيش البري هو أحد الأسباب التي تجعل العديد من القادة الجيدين في الجيش غير مستعدين للاستمرار في الخدمة الدائمة في الجيش وفي رؤية الجيش كمهنة.
وهذا الشيء خلق زخمًا سلبيًا ودورانا خطيرا يصعب جداً إيقافه، مع إلحاق ضرر شديد بدافعية وروح المقاتلين، نحن في طريقنا لفقد القيم – التي نشأ عليها أجيال من المقاتلين – ومن بينها قيمة النصر، ونتيجة لذلك سيرتفع عدد الضحايا بشكل لا يقاس في الحرب متعددة الجبهات القادمة.
ليس للتفوق العسكري أي قيمة في مجتمع لا يُفهم فيه أن الجنود يجب أن يكونوا مستعدين للتضحية.
تقوية الروح القتالية مهمة وطنية
يعتبر فقدان ثقة الجنود بقادتهم ظاهرة خطيرة يجب وضعها على رأس أجندة النقاش العام للجيش “الإسرائيلي”، وهذه قضية تتعلق بجوهر وجود الجيش كجيش رادع وفعال – وخاصة كجيش منتصر يمكنه الدفاع عن “دولة إسرائيل” من الأخطار التي تواجهه من جانب أعدائها.
والسبب في ذلك: أن فقدان الثقة ما هو إلا تعبير آخر عن تدهور الروح القتالية لدى جنود الجيش “الإسرائيلي”، وهي الروح التي سرت فيه منذ إنشائه وبفضلها تقدم من سلاح إلى سلاح ومن قوة إلى قوة وبدونها سوف يتدهور من قوة إلى قوة.
تشير الدراسات إلى أن الروح القتالية القوية بين المقاتلين أمر بالغ الأهمية لتحقيق النصر في ساحة المعركة، حتى الجيش الذي يمتلك التقنيات العالية والمدرب بشكل صحيح وصاحب القوة المهنية العالية لن ينتصر في ساحة المعركة بدون الروح القتالية: فهي التي تبث الحياة في الأسلحة وتحفز الجنود على الهجوم والسعي للاشتباك والرغبة في تحقيق النصر بأي ثمن، مخطئا جدا وبشكل فادح من يراهن فقط لاغير على وسائل القتال والأسلحة التكنولوجية، مهما كانت جيدة ومتطورة؛ فبدون الروح القتالية للجندي الذي يمسك بها هي تشبه الحجر.
إن تقوية الروح القتالية في جيش “الدفاع الإسرائيلي” برأيي مهمة وطنية عليا قائمة على قدمين، وهما: تقديس قيمة النصر وإحياء روح التضحية بالنفس.
إنني أدرك جيدًا أن البيئة الثقافية التي ينشأ فيها جنود الجيش في الوقت الحاضر وفي المستقبل لا تتناسب مع هذه القيم؛ بل على العكس من ذلك، فهي بمثابة حجر عثرة يعيق ويعثر هاتين القدمين ويمنعهما من السير بشكل صحيح. ومع ذلك، يجب أن نعود ونضع النصر والتضحية مرة أخرى كحجر زاوية في قيم الجيش؛ لأن مفاهيم الرسالة وقيمة الخدمة والاستعداد للمخاطرة بالنفس من أجل الدولة ومواطنيها اختفت من قاموسنا العام.
“الجيش الإسرائيلي” ليس جاهزا للحرب
في نهاية فترة عملي كمفوض شكاوى الجنود، أصدرت تقريرا جادا للغاية حول عدم استعداد الجيش للحرب. أنا أقف وراء كل كلمة كتبتها: الجيش “الإسرائيلي” بشكل عام، والجيش البري بشكل خاص ليسوا جاهزين للحرب. إذا كنا راغبين في الحياة يجب أن نبدأ على الفور في أعمال الإصلاح – وألا نركز على الثمار المرة للمشكلة، ولكن على جذورها العفنة: فقدان الروح القتالية، وإلغاء قيمة النصر والتراجع في الاستعداد للتضحية بالنفس، هذا الأشياء كلها تقودنا اليوم نحو فقدان القيمة وعدم الاستعداد العسكري، ومعالجتها سيعيد للجيش “الإسرائيلي” القوة والردع اللازمين لاستمرار وجود “دولة إسرائيل”.
أظهرت تقارير الرقابة التي صدرت من قبل مراقب المنظومة الأمنية ومراقب الدولة، والتي شارك فيها مئات من كبار الضباط في خدمة الاحتياط، والخدمة النظامية وجهات مدنية مهنية استنتاجات قاسية للغاية، وصفت بشدة جيشًا غير مستعد للحرب بمنظوماته الرئيسة، من الخدمات اللوجستية، والفرق العملياتية، والأسلحة الجديدة. (التي لا يتم صيانتها بشكل صحيح ولم يتم استيعابها في العديد من الوحدات) ، إلى المستوى المتدني من التدريب والتعليم، والتحكم في أنظمة النار والمزيد.
في السنوات الأخيرة، نشأت أزمة خطيرة للغاية في الثقافة التنظيمية والإدارية والقيادية في الجيش “الإسرائيلي” حتى أصبحت فاسدة، وهذه أسس متداعية يستحيل عليها بناء جيش منتصر.
والحديث هنا يدور عن الفشل في تعلم الدروس، ونشوء منظمة لا تتعلم، وعدم القيام بالمراقبة والتتبع، والفشل في التحقق من تنفيذ التعليمات، والمعايير التي تحت الخط الأحمر في العديد من الوحدات، والفشل في إدارة الروتين بشكل صحيح والفشل في تصحيح ومعالجة النتائج الخطيرة جدا من عمليات الرقابة، وفقدان المهنية، وهذا مجرد جزء صغير من قائمة طويلة جدًا.
من أجل مواجهة التحديات الأمنية المستقبلية، فإن أول شيء يحتاجه الجيش “الإسرائيلي” هو تصحيح الثقافة التنظيمية والإدارية والقيادية للجيش، وتشكل هذه الثقافة التنظيمية أسس الجيش وبدون إصلاحها لا يمكن بناء البيت.
Facebook Comments