بماذا يفكر نتنياهو؟

الهدهد/ محمود مرداوي
يُعتقد للوهلة الأولى أن “نتنياهو”قد تجاوز المحنة وخرج من عنق الزجاجة، وهذا صحيح لحظياً ، لكن “نتنياهو” لم يخطُ خطوة واحدة في الألف ميل التي تفصل بينه وبين أهدافه.
ما جرى بالأمس عندما سحر “جانتس “وجعله يخون رفاق الدرب ويبصق في الوعاء الذي أكل منه ،ويتخلى عن مبادئه التي قامت على مبدأ ( רק לא נתניהו) ” فقط بدون نتنياهو”
أهداف “نتنياهو” الشخصية عدم الذهاب للسجن من خلال المحاكم، الأمر الذي يقتضي تغليب الكنيست على المحكمة العليا، بحيث لا تتمكن من إجبار رئيس الكنيست على دعوة الكنيست للاجتماع كما فعلت المحكمة العليا مع “أدلشتاين”، هذا يحتاج سن قوانين، والتحالف مع “جانتس” لا يضمن له القدرة على فعل ذلك .
“نتنياهو” بحاجة لتأمين أغلبية في الكنيست تمكنه من الاطمئنان على الأغلبية بما يمنع سقوط الحكومة وإقرار الميزانية والسياسات العامة، وسن القوانين الضرورية.
الاتفاق مع “جانتس” منح “نتنياهو” هامشاً واسعاً ومساحة زمنية جيدة للمناورة ، لكن رادارات “نتنياهو” تستشرف مخاطر بعيدة ، مضادات الحكومة المزمع تشكيلها الأرضية والجوية تغطي مسافة معينة ووفق سياسات محددة وتبقي “نتنياهو “في مسافات عارياً .
خيارات “نتنياهو” لتوسيع شبكة المضادات الأرضية والجوية لحركته السياسية وأهدافه الحيوية تتلخص بالآتي :
1- ضم “جانتس” وجابي أشكنازي “لليكود بحيث يصبحوا جزءاً لا يتجزأ من الرؤية والمشروع الخاص “بنتنياهو” واليمين والمتدينين، وهذا ممكن لكنه صعب للغاية.
2- ضم عضوي الكنيست “يوعاز هاندل” ” وتسيبي هاوزر” من (تيلِم )التابعة “لبوجي يعلون” الذي انضم للمعارضة ، استمالتهما لليكود خاصة بعد أن أبديا تأييدهما لخطوة “جانتس” واعتبروها ضرورية وتعكس مسؤولية عالية من “جانتس”، ثم أنهما عارضا الحكومة الضيقة بمشاركة القائمة العربية .
3- استكمال ضم “أورال بن كسيس” التي انفصلت عن حزب العمل وتدرس إمكانية الانضمام لليكود .
4- البحث عن خيارات أخرى من أحزاب مختلفة تؤمن “لنتنياهو” أغلبية تمنع سقوط الحكومة .
“نتنياهو “عندما اتفق مع “جانتس” على تشكيل حكومة تقاسما فيها الوزراء ورئاسة الحكومة مناصفة، كسب الوقت وتحرر من الضغط وأفقد “جانتس” كل أوراق القوة مقابل ما منحه من مناصفة برئاسة الحكومة والوزراء، لكن لن يُفقد “جانتس” إمكانية الغدر به ثانية كما غدر رفاقه ، فمن يخون مرة تهون عليه الثانية .
لذا “نتنياهو” يعلم أنه رفع الضغوط عن كاهله بينما سلم عنقه “لجانتس” يخنقه بالوقت الذي يقدر فيه أن الوقت مناسب ويلعب لصالحه في الأشهر القادمة، وحينها يكون “ليبرمان” ” ولبيد”. ” ويعلون “جاهزون بل ينتظرون تلك اللحظة .
فهل يبات الليل “نتنياهو” لا يغمض عينيه كلما نظر رآى “جانتس” يتربص به ينتظر الفرصة ليقطع أنفاسه بإسقاط حكومته.
هذا ما يؤرق “نتنياهو” ، هذا ما يفكر به.
فالعقد الثامن المشؤوم يلوح بالأفق ، ولعانة الوالدين لا تفارقهم ، ترافقهم كظلهم .
فما من شمس يوم تطلع على الكيان المسحور المخبول إلا وتغيب لتشرق مرة أخرى على الكيان في مكان تحت الشمس وحاله أسوأ من الذي مضى.
Facebook Comments