
ترجمة الهدهد
جيروساليم بوست/ يونا جيريمي بوب
على الرغم من أن التركيز في السنوات الأخيرة كان على قائمة النجاحات التي يُزعم أنها مذهلة في عمليات الموساد ضد علماء أسلحة إيران وحماس، إلا أن وكالة التجسس ليست مثالية، ويعمل بها أشخاص من لحم ودم وغير معصومين من الخطأ.
في بعض الأحيان تقوم الجمهورية الإسلامية أو غيرها من الخصوم بهجوم مضاد وضرب هدف معين، ربما مثلما حصل الأسبوع الماضي.
زعمت طهران أن سلسلة من الضربات الصاروخية قتلت وجرحت حوالي عشرة من عملاء الموساد في منشأة في أربيل بالعراق، وقدمت أرقاماً محددة وتفاصيل حول كيفية إجلاء العملاء لاحقاً.
كما قالت إيران أنها ضبطت خلية للموساد كانت تسعى إلى تخريب منشأة “فوردو” النووية، وأشارت المصادر إلى صحيفة جيروساليم بوست أن فوردو هو أحد الأهداف الرئيسة للوكالة.
هذا شيء ليس مفاجئاً لأنه ثاني أهم منشأة نووية لتخصيب اليورانيوم، وقد يكون الأكثر أهمية في المراحل اللاحقة من التسليح النووي.
كما تم تفصيل درجة المعلومات التي أصدرها “خامينئي” بشكل غير عادي من حيث استخدام أحد الجيران للتواصل مع أحد أعضاء وحدة الطرد المركزي المتطورة IR-6 التابعة لشركة فوردو لتخصيب اليورانيوم.
التغطية الإعلامية الإيرانية للحدث قامت بتأطيرها بقدر غير عادي من التواضع، بما في ذلك الاعتراف بالعديد من نجاحات الموساد السابقة ضد إيران، الأمر الذي أعطى التقارير بعض الثقل النادر.
من ناحية أخرى، كانت هناك مرات عديدة عبّرت فيها وسائل الإعلام العالمية عن شكوكها الشديدة حيال التصريحات الإيرانية المتعلقة بضرب عملاء الموساد والتي بدت غير متماسكة، وأن العديد من عمليات “الموساد” هذه مجرد غطاء لاعتقال مسؤولي المعارضة المحليين.
ومن غير المعروف ما إذا كان إعلان تركيا عن اعتقال عملاء الموساد في أكتوبر الماضي، بما في ذلك نشرها الغريب لصور الجواسيس والأحرف الأولى من أسمائهم، هي أخبار حقيقية أو مزيفة مشابهة.
كما تدرك الصحيفة أن إعلاناً واحداً على الأقل من جانب طهران لإحباط محاولة اغتيال للموساد استهدفت قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإسلامي السابق قاسم سليماني في عام 2019 – الذي اغتالته الولايات المتحدة في عام 2020 – كان مضللاً أو كاذباً تماماً.
ولكن إذا رفض نائب رئيس الموساد السابق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست “رام بن باراك” المزاعم التركية باعتبارها كاذبة بشكل واضح، فلن يصدر هو ولا أي “مسؤول إسرائيلي” آخر مثل هذا النفي الصاخب الأسبوع الماضي فيما يتعلق بإيران، وأن هناك إخفاقات موثقة للموساد.
في عام 2010، تم القبض على العديد من عملاء الموساد عبر كاميرات مراقبة في الإمارات العربية المتحدة خلال عملية اغتيل فيها محمود المبحوح المسؤول البارز في حماس.
خلق ذلك كابوساً دبلوماسياً لـ “إسرائيل”، حيث اتهمت العديد من الدول الغربية المتحالفة “إسرائيل” باستخدام جوازات سفرها وبعض هويات مواطنيها للتسلل إلى الإمارات.
لا يبدو الأمر كما لو أن مثل هذا التكتيك سيجعل الموساد فريداً بين وكالات الاستخبارات، لكن الإمساك بالجرم المشهود في علبة ملفات تعريف الارتباط أمر مختلف وتعرضت “إسرائيل” لعقوبة دبلوماسية حقيقية لسنوات.
يكشف كتاب “هاربون” عن أصول استخباراتية في النظام المصرفي اللبناني، مثل مدقق حسابات الاحتيال في البنك اللبناني الكندي منير ز.
الاختراقات التي يُزعم أنها حصدت فوائد في “حرب إسرائيل” ضد “الإرهاب المالي”، لم تأت بدون خسارة، حيث تم القبض على “منير ز” في نهاية المطاف وقتله على يد حزب الله في عام 2009.
نادراً ما تأتي العمليات الاستخباراتية بدون مخاطر وتتطلب حسابات معقدة حول الموازنة بين سلامة العملاء ودفعهم للحصول على مزيد من الاختراقات الاستخباراتية، ويبدو أن بعض عمليات التدمير التي قام بها حزب الله لأصول “المخابرات الإسرائيلية” المزعومة، في السنوات العديدة الماضية، كانت تحمل بعض الحقيقة لهم.
هناك محاولة اغتيال فاشلة عام 1998 لرئيس حماس خالد مشعل في الأردن والتي تم خلالها أسر عدد من عملاء الموساد، ولم يطلق سراحهم إلا بعد أن قدمت “إسرائيل” الترياق الذي طالب به الملك حسين، وأفرجت عن الزعيم الروحي لحركة حماس الشيخ أحمد ياسين، وتم القبض على بن باراك ذات مرة في قبرص في عام 1991 خلال مهمة فشلت.
كان هناك أيضاً العديد من عملاء الموساد الذين اتضح أنهم عملاء مزدوجون أو كانوا يقدمون للوكالة معلومات خاطئة لمجرد الشعور بأنهم جزء من مغامرة.
خلال قضية “ليلهامر” عام 1973، اغتال الموساد الرجل الخطأ، ما أثار فضيحة كبرى، وتوقع العديد من مسؤولي الموساد بشكل خاطئ أن مصر لن تخوض حرباً مع “إسرائيل” في عام 1973.
بعد أن سرب الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترمب” معلومات استخباراتية نسبتها “إسرائيل” إلى روسيا حول داعش، قال العديد من مسؤولي “المخابرات الإسرائيلية” والأمريكية إن العديد من عمليات النجاح والفشل يحدث طوال الوقت، ولا يعرف الجمهور سوى بعضها بعد سنوات.
قضت الصين وإيران على العشرات من عملاء وكالة المخابرات المركزية في 2010-2013 عندما قاموا باختراق رموز الاتصال، وعميل واحد على الأقل من وكالة المخابرات المركزية عندما قال إنه ينتقد زملاءه العملاء.
قامت المخابرات الروسية باختراق المخابرات الأمريكية بشكل سيئ عن طريق العميلين المزدوجين “ألدريتش أميس وروبرت هانسن”، في الثمانينيات ومن 1979 إلى 2001، على التوالي، لذلك أحياناً يسيل أعداء “إسرائيل” الدماء بالفعل.
لكن مهما كان الموساد غير معصوم من الخطأ، فمن المعترف به عالمياً تقريباً أنه أعلى وكالة سرية لاختراق إيران، والمعلومات الاستخباراتية التي تزود بها الولايات المتحدة والغرب تجعل “إسرائيل” أحياناً أكثر قيمة من وضعها كـ “دولة شركات ناشئة”.
Facebook Comments