
ترجمة الهدهد
“إسرائيل اليوم”/ يعقوب احي مائير
هناك ميل لمحاولة إيجاد تعريف مناسب لحالة العالم اليوم، أو بالأحرى لحالة جزء كبير منه، لكن هناك صعوبة في إيجاد صيغة مناسبة تلخص ما يحدث في بضع كلمات.
من يتابع ما يحدث في أوكرانيا لا يستطيع اختراق عقل بوتين وحل اللغز – ويعرف أين وجهته؟ بالاعتماد على تجارب روسيا وحكامها عبر الأجيال فإن الاتجاه الذي يقود فيه بوتين قواته لا يقتصر على القيام بمهمة “خفيفة” على شكل العدو الأوكراني.
إذا حكمنا من خلال تحركاته حتى الآن، يمكن تقدير أن الرئيس بوتين سيخرج من المواجهة الحالية الجانب المنتصر: منتصراً على الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى وقفت إلى جانب أوكرانيا، أي إلى جانب الأمريكيين.
حتى لو اتضح أن هذا التقييم خطأ، وانتهت المواجهة بانتصار غربي، فلن يتعرض بوتين للإذلال أو الإهانة، هذا هو طريق حكام روسيا القياصرة على مر عصورهم، والقيصر الحالي يسير على طريقهم.
الروس لا يتخلون عن الأرض
قبل ثماني سنوات بالضبط سيطرت روسيا، تحت قيادة بوتين أيضاً على شبه جزيرة القرم، وسبب الاحتلال في ذلك الوقت كما هو الحال الآن، وكانت أوكرانيا في ذلك الوقت واليوم تميل إلى الغرب، “معادية لروسيا في الشرق” تدريجياً استكمل الروس ضم شبه الجزيرة، فأين كانت الولايات المتحدة حينها؟ في حين أن العقوبات لم تسفر عن انسحاب في ذلك الوقت؟
من حين لآخر تنشر تقديرات تشير إلى أن الولايات المتحدة في طريقها إلى الأُفول، ويقول البعض إن الإمبراطورية ليست كما كانت عليه من قبل.
صحيح أن الأمريكيين أرسلوا قواتهم مرتين إلى القارة الأوروبية، لينقذوها من جهة أرادت أن تنتزع قطعة منها وإخضاعها لديكتاتور، لكن الولايات المتحدة الآن على وشك التوقيع على اتفاقية مع إيران، ويقول الخبراء إنها ستسمح لها بتطوير قنبلة نووية ووسائل لإطلاقها، هذا كله والعالم يرى ويسمع كلام دولة عضو في الأمم المتحدة تهدد بالقضاء على “إسرائيل”.
والبعض يقول بأن “إسرائيل” قد فشلت في محاولاتها لمنع توقيع الاتفاق النووي السيئ، أو في إجراء تغييرات كبيرة على بنوده، فيما زعم معارضو “بنيامين نتنياهو” أن اللوم “الفشل” في وقف إيران يجب أن ينسب إلى الخطوات التي اتخذها نتنياهو.
كما حذر “رئيس الوزراء نفتالي بينيت” من التهديد الإيراني، لكن المحليين العارفين لكل شيء كما نعلم، هم الذين سيعلموننا بالطريقة المرغوبة لكبح جنون طهران النووي، في نظر “الإسرائيليين”، تبدي الولايات المتحدة ضعفاً، سواء في مواجهة العدوان الروسي أو عشية التوقيع على الاتفاق النووي القديم الجديد.
لم ننس بعد الهروب المخيف من أفغانستان التي يهيمن عليها أكثر العناصر الإسلامية “تطرفاً”، أن الفراغ الذي ينشأ بسبب ضعف قوة عظمى يملؤه على الفور مؤامرات قوة عظمى منافسة، و”إسرائيل” لم يتبقَ أمامها سوى طريق واحد، وهو طالما أن بوتين لا ينوي التنازل والتحرك بحذر وحكمة كموقف رسمي علني له تجاه الصراع الروسي الأوكراني.
بعد كل شيء لن نكون متفاجئين إذا لم يحول الرئيس بوتين الطائرات المقاتلة الروسية عن مساراتها في الأجواء السورية.
Facebook Comments