
شبكة الهدهد
إن “الموقف الإسرائيلي” من الحرب الروسية على أوكرانيا يتلخص بالموقف المرتبك المتردد، من جهة تريد الحكومة المحافظة على رضا الولايات المتحدة والغرب عموماً -الحلف القيمي والمصلحي- من جهة عبر موقف يشجب الغزو ويتعاطف مع الشعب الأوكراني، دون المشاركة بأي إجراء مباشر ضد روسيا، فلا في مجال للحصار ولا في أي موقف يترتب عليه وقوع ضرر عليها، ومن ناحية أخرى المحافظة على تحالفها مع أمريكا والغرب.
إن “الموقف الإسرائيلي” من قضية سياسية بعيدة عن فلسطين يخضع لمحددات مشددة، يحظر على كل المسؤولين الإدلاء بأي تصريح دون موافقة رئيس الحكومة “نفتالي بينت”.
الموقف الأول “إسرائيلياً” الذي صدر، جاء على لسان موظف صغير ومجهول في “الخارجية الإسرائيلية”، شجب الاعتداء الروسي على أوكرانيا وتمنى حلول السلام في شبه جزيرة القرم، ثم صدر موقف آخر على لسان رئيس الوزراء “نفتالي بينت” أبدى من خلاله التضامن القلبي والعاطفي للشعب الأوكراني، وعرض على “زيلينسكي” استعداد حكومته لتقديم مساعدات إنسانية لأوكرانيا.
الإعلام العبري ينقل عن “زيلينسكي” طلبه من رئيس الحكومة بينت الوساطة بين الطرفين، والطلب من بوتين الموافقة على إجراء مفاوضات مباشرة، لكن “نفتالي بينت” رفض التعليق على الخبر.
على ما يبدو الولايات المتحدة لم تكتف بهذا الموقف الضعيف المرتبك غير الواضح، وضغطوا على “الإسرائيليين” لرفع مستوى الموقف بالشجب والاستنكار، فصدر لاحقاً عن وزير الخارجية “يائير لبيد” تصريح أدان فيه الغزو، واعتبره غير قانوني، وطالب روسيا بالتزام القانون الدولي والامتناع عن الاستمرار في اجتياح المزيد من الأراضي، ومن ثم اتصل في “بلينكن” وزير الخارجية الأمريكي وأبلغه بالموقف، محاولاً بيع الموقف -مطالباً- في الوقت ذاته تفهم حساسية الظرف الذي تمر به حكومته، مؤكداً أن “الحكومة الإسرائيلية” لن تشارك في الحصار، ولن تساهم في العقوبات على روسيا، لأنها ستعاقب مباشرة من قبل الروس لقاء ذلك في سوريا والملف الإيراني، بما يعرض أمنها للخطر الشديد.
وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” طلب من “وزير الخارجية الإسرائيلي” توضيحا لبيان “الخارجية الإسرائيلية”، وأكد أن روسيا لا تريد الحرب بقدر ما تطالب بالتزام الحكومة الأوكرانية الحفاظ على مصالح روسيا الحيوية في المنطقة، وأضاف أن روسيا عاقدة العزم على المساعدة في تمكين الشعب الأوكراني من اختيار حكومة تمثله وتعكس إرادته.
المحللون العسكريون والأمنيون يراقبون المشهد، ويحذرون الحكومة من أي موقف غير محسوب، ويؤكدون أن الصمت في هذه المحطات أبلغ من أي تصريح لا يراعي مصالحنا مع حليفنا الولايات المتحدة ولا يجلب غضبا للدب، فيكلفنا أثماناً باهظة نحن في غنى عنها.
في الوقت نفسه محذرين من الاعتماد على الغير في حماية الأمن القومي مستدلين بما جرى “للأوكرانيين”، وكيف تركوا وحدهم يواجهون الموت المؤكد.
إن التردد والارتباك في “الموقف الإسرائيلي” السياسي من القضية الأوكرانية كان وما زال سيد الموقف.
Facebook Comments