
ترجمة الهدهد
جيروساليم بوست\ ياكوف كاتز
هذا الأسبوع كان بن جفير في خضم تجدد الخلافات في الشيخ جراح، وكان بينيت أول رئيس وزراء يزور البحرين، وقامت بيلوسي بزيارة الكنيست.
تروي ثلاث صور هذا الأسبوع “قصة إسرائيلية”، الأولى كانت يوم الأحد عندما قرر عضو الكنيست المتطرف “إيتمار بن جفير” فتح مكتب مؤقت في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية.
عرف بن جفير ما كان يفعله والاهتمام الذي سيكسبه، عندما تعرضت عائلة يهودية في الحي للهجوم، وأثبتت الشرطة مرة أخرى أنها غير فعالة، عندها استغل بن جفير ذلك وأنشأ مكتبه هناك لم يكن فقط لحماية الأسرة، بل لمحاولة حل النزاعات، إن القلق الآن من أن يؤدي التصعيد في الشيخ جراح إلى صراع آخر مع حماس.
الصورة الثانية حدثت يوم الإثنين، عندما وصل “رئيس الوزراء نفتالي بينيت” إلى البحرين، وأصبح أول “زعيم إسرائيلي” يزور الدولة الخليجية رسمياً، استقبل حرس الشرف بينيت أينما ذهب، بما في ذلك تم عزف “النشيد الاسرائيلي” في قصر ولي العهد البحريني، وكانت “القوة الدبلوماسية الإسرائيلية” في أفضل حالاتها.
الصورة الثالثة حدثت الأربعاء الماضي، عندما قامت رئيسة مجلس النواب “نانسي بيلوسي” بزيارة للكنيست، فهي إحدى أقوى السياسيين في الولايات المتحدة، وقفت أمام “البرلمان الإسرائيلي” وشرحت كيف أن تشكيل “دولة إسرائيل” كان أعظم إنجاز في القرن العشرين.
كانت الصور الثلاث قطعة من “إسرائيل”.
في الشيخ جراح رأينا ما يحدث عندما يكون هناك نقص في سيطرة الشرطة، وعندما تسمح الحكومة بتفاقم الفوضى، قرر المحرضون مثل بن جفير التحرك، واندلع العنف، إنها القصة نفسها في النقب وفي “البلدات العربية الإسرائيلية”، وفي بعض قمم التلال الأكثر عزلة في الضفة الغربية.
الصورتان الأخريان تصوران براعة “إسرائيل” الدبلوماسية، فرئيس الوزراء يزور دولة لم يكن لها قبل 18 شهراً علاقات رسمية مع “إسرائيل”، وبعد يوم واحد نرى رئيسة مجلس النواب الأمريكي تزور الكنيست.
إذا كانت القدس كلها تابعة لـ “إسرائيل”، فيجب أن تمتد سيطرة الشرطة والحكومة في جميع أنحاء المدينة، سواء كان العنف ضد اليهود أو ضد العرب، فلا فرق.
إنه تذكير أيضاً بأنه في حين أن بينيت يمكنه الذهاب إلى البحرين ويمكن “لبيلوسي” أن تأتي إلى الكنيست، فإن التحديات التي تواجه “إسرائيل” لا تزال جسيمة، فقد اعترف مسؤول حكومي كبير هذا الأسبوع بحدوث أخطاء سابقة فيما يتعلق بالشيخ جراح، وأنه إذا استمر العنف هناك، فقد تجد “إسرائيل” نفسها في جولة أخرى من الحرب مع حماس في غزة.
مع ذلك دعونا نكون واضحين بشأن شيء ما الآن: إذا قررت حماس مهاجمة “إسرائيل”، فلن يكون لها أي علاقة بالشيخ جراح، تماماً مثلما كان ليس لها علاقة بالشيخ جراح في مايو الماضي، إنها مجرد ذريعة، عندما تكون “منظمة إرهابية” مصممة على تدمير “إسرائيل”، فإن الأعذار هي فقط: أعذار مناسبة، حتى لو لم يكن الشيخ جراح موجوداً، فقد اخترعته حماس.
الثلاثاء الماضي ولأول مرة، أرسلت “إسرائيل” وفداً دبلوماسياً إلى فيينا لضمان سماع مخاوفها بشأن المحادثات النووية الجارية قبل فوات الأوان.
قصة واحدة -لم يتم روايتها من قبل- منذ عام 2007، ومن المهم وضعها في الاعتبار بينما تدرس “إسرائيل” خياراتها، وما قد يتعين عليها القيام به، سواء باتفاق أم بدونه.
في أغسطس الماضي، وفقاً لتقارير أجنبية أرسل “الجيش الإسرائيلي” حفنة من نخبة “الجنود الإسرائيليين” إلى سوريا إلى منطقة تُعرف باسم دير الزور.
تم تدريب الجنود بشكل خاص على الاندماج مع بيئتهم المحلية، فهم يجيدون اللغة العربية، ويمكنهم التنقل دون أن يكتشفهم أحد بين البلدات والمدن السورية المختلفة، كانت مهمتهم بسيطة، هي معرفة ما إذا كان بإمكانهم الاقتراب من مفاعل نووي سري كان بشار الأسد يبنيه بمساعدة كوريا الشمالية على طول نهر الفرات، كانت “إسرائيل” تتعقب المفاعل بصور الأقمار الصناعية.
قضى الجنود – الملاحون الخبراء، جزءاً كبيراً من تدريبهم في تعلم كيفية الوصول إلى الأماكن التي لا تحتوي على أكثر من بوصلة، وأحياناً بدونها، تم قضاء الكثير من التحضير لهذه المهمة في تعلم التضاريس في سوريا حتى يتمكنوا من العثور على هدفهم.
عند تقديم المهمة أوضح محللو المخابرات العسكرية أنه في حين أن الصور التي تم الحصول عليها في غارة سابقة للموساد في أوروبا كانت مثيرة للقلق، فإن العديد منها كان يأخذ من الوقت بضع سنوات، لمعرفة بالضبط ما كان يحدث على الأرض، حيث كان من الضروري الاقتراب قدر الإمكان من المفاعل.
قبل المغادرة كان الجيولوجيون والعلماء يطلعون الكوماندوز، وجاء الجنرالات للقاء الجنود الذين يعرفون المخاطر، فإذا حدث خطأ ما، فسيكونون بمفردهم، راجع الضباط الخطط مع الجنود، ودرسوا الخرائط، وأجروا محاكاة ونماذج وهمية لما كان في المستقبل.
نظرًا لأنهم كانوا بمفردهم، لم يكن بإمكان الجنود حمل الكثير معهم، لكن هذا كان جزءاً من الاختبار، إذا قررت “إسرائيل” إرسال قوات لتفجير المفاعل، كان على الجنرالات أن يروا ما يمكن أن يحمله كل جندي عملياً، وهل المتفجرات ستكون كافية.
حققت المهمة نجاحاً مزدوجاً، فقد حصلت “إسرائيل” على صور عالية الجودة للمفاعل، وأثبت “الجيش الإسرائيلي” أنه إذا لزم الأمر، يمكن للجنود الدخول إلى سوريا ليكونوا قريبين من المفاعل، كان ذلك في غاية الأهمية، كان رئيس أركان “الجيش الإسرائيلي” في ذلك الوقت “غابي أشكنازي” بحاجة إلى التحضير لعدد من الخيارات للحكومة بشأن كيفية تدمير المفاعل النووي.
كان الخيار الأول هو الأكثر وضوحاً هو الهجوم الجوي، والثاني كان أكثر تعقيداً، بإرسال قوة صغيرة من النخبة على الأرض إلى سوريا لزرع متفجرات داخل المفاعل وتدميره من الداخل.
إلى أن شنت “إسرائيل” غارة جوية في 6 سبتمبر 2007 دمرت المفاعل النووي، كانت قد أعدت خيارين، أحدهما من الجو، والآخر من الأرض، وبعد الاجتماع الأخير لمجلس الوزراء الأمني في 5 سبتمبر، والذي صوّت خلاله الوزراء بالموافقة على توجيه ضربة، لم يعرفوا بعد مسار العمل الذي سيختاره “الجيش الإسرائيلي”.
كان ذلك متروكاً لأشكنازي
أثبتت المهمة في ذلك الصيف لكبار جنرالات “الجيش الإسرائيلي” أن الخيار الثاني ممكن، مع هذا المفهوم أعطى “أشكنازي” الآن إذناً لـ “سايريت ماتكال” لبدء التدريب على عملية برية سرية واسعة النطاق، كان يعلم أن بإمكانه اقتراب القوات من المفاعل، والآن عليه أن يقرر ما إذا كان هذا هو الخيار الذي سيستخدمه.
كانت المشكلة أنه حتى داخل “الجيش الإسرائيلي” كان هناك اختلاف في الرأي حول الخيار الصحيح.
تعني الضربة الجوية أن المفاعل سيتم تدميره بالتأكيد، لكنه لن يكون شيئاً يمكن إخفاؤه، فقد كان الناس يرون الطائرات، وستكتشف شاشات الرادار التسلل الجوي.
يمكن إجراء عملية برية سرية لتبدو وكأنها حادث، مجموعة صغيرة من القوات التي تدخل سوريا دون أن يتم اكتشافها مثل المهمة الصيفية، يمكن أن تدخل وتخرج دون علم أحد، إن تدرب “سايريت ماتكال” لأشهر على المهمة حتى يوم الغارة الجوية، فقد كان على فريق صغير التسلل إلى سوريا، وشق طريقه إلى المفاعل، وزرع المتفجرات في الداخل.
نظراً لوجود عدد قليل جداً من أفراد الجيش حول المفاعل، فقد كانت أيضاً مقامرة آمنة جداً، أن تتمكن القوات من الدخول والخروج دون اشتباكات.
في النهاية فضّل “أشكنازي” الغارة الجوية لثلاثة أسباب..
أولاً: كانت الغارة الجوية خالية من المخاطر تقريباً وتضمن تدميراً كاملاً، لكن كان لدى سوريا أنظمة دفاع جوية متطورة، وكان لدى “سلاح الجو الإسرائيلي” خبرة في التحليق فوق البلاد.
ثانياً: ستكون المهمة البرية أكثر تعقيدًا، ولن يكون هناك ما يضمن أن قوات الكوماندوز ستكون قادرة على زرع ما يكفي من المتفجرات اللازمة لتدمير المنشأة.
فإذا تم أسر الجنود، فإن “إسرائيل” ستنظر في كارثة أخرى مثل تلك التي كانت تواجهها بالفعل، عندما كانت حماس تحتجز “جلعاد شاليط” في غزة، واثنين من جنود الاحتياط من قبل حزب الله في لبنان، آخر شيء احتاجته “إسرائيل” هو أسر المزيد من الجنود في سوريا.
هذا النقاش مهم اليوم، حيث تنظر “إسرائيل” في خياراتها قبل صفقة محتملة في فيينا، حيث أعلن “الجيش الإسرائيلي” صراحة أن ذلك يعد خياراً عسكرياً، وسيكون جاهزا في غضون عام تقريباً، بينما يميل الناس إلى ربط “الخيار العسكري” بالقوات الجوية، فإن هذا ليس الخيار الوحيد لـ “إسرائيل” ضد إيران.
إن وضع الكوماندوز على الأرض هو ما فعلته “إسرائيل” في سوريا عام 2007، وإن كان على نطاق ضيق، إنها قدرة يمكن تكرارها في المستقبل لمهاجمة إيران، وإذا حدث ذلك فهذا يعني أن مثل هذه الضربة لن تكون فقط من الجو، ولكن أيضاً من الأرض، باختصار – شيء لم تره “إسرائيل” من قبل.
Facebook Comments