حماية البيئة يُعارضون مُضاعفة عدد سُكان مرتفعات الجولان
ترجمة الهدهد
المونيتور/ داني زاكين
صدرت بعض التصريحات الدراماتيكية عن الاجتماع الخاص لمجلس الوزراء في 26 ديسمبر الماضي في كيبوتس “ميفو حماة” في هضبة الجولان، افُتتح الاجتماع ببيان” لرئيس الوزراء نفتالي بينت”: “هذه هي لحظتنا بالنسبة لمرتفعات الجولان، لقد قادَتْنا مجموعة من الظروف اليوم إلى قرار حكومي دراماتيكي لتوجيه موارد كبيرة، حوالي مليار شيكل، لتعزيز المجتمعات في مرتفعات الجولان”.
كان بينت يدرك جيداً أن المجتمع الدولي، لن يرحب بهذه الخطة، وهكذا حاول تجاوز العقبة الدبلوماسية من خلال الاستشهاد بالدعم الأمريكي “للسيطرة الإسرائيلية” على المنطقة، مع اعتراف إدارة ترامب بسيادة “إسرائيل” وعدم تراجع إدارة بايدن عن هذه السياسة.
ثم وعد بتوسيع المستوطنات في هضبة الجولان بإضافة أحياء جديدة إلى بلدة “كتسرين” وبناء قريتين جديدتين، “هدفنا اليوم هو مضاعفة عدد سكان مرتفعات الجولان، ولهذه الغاية سنعزز مدينة “كتسرين” بحيَّين جديدين، الحي الثاني عشر والثالث عشر، سنقيم مجتمعين جديدين في هضبة الجولان، عاصف ومطر، فنحن نعمل على زيادة حياة المجتمع هنا”.
ويشمل القرار الذي أقرته “الحكومة” أكثر من نصف مليار شيكل للتخطيط وإنشاء البنى التحتية اللازمة لإضافة 7300 وحدة سكنية في السنوات الخمس المقبلة، وسيتم تقسيمها على النحو التالي: 3300 وحدة في كتسرين، و4064 وحدة بين مختلف مستوطنات مجلس الجولان الإقليمي، سيتضمن الأخير عدة مئات من الوحدات في قرية ترامب هايتس، والتي يعيش سكانها الأوائل بالفعل في مساكن مؤقتة في الموقع حتى يتم بناء منازلهم الدائمة، ومن المقرر إنشاء 4000 وحدة سكنية أخرى في قريتي عاصف ومطر، بشكل عام هدف قرار الحكومة هو مضاعفة عدد السكان في الجولان وكتسرين في السنوات المقبلة من خلال إضافة 23 ألف شخص آخرين إلى المنطقة.
تحتوي الخطة أيضاً على برنامج محدد بوضوح لتحويل مرتفعات الجولان إلى “رأس المال التكنولوجي للطاقة المتجددة في “إسرائيل”، وأوضح بينت أن ذلك سيتحقق من خلال تعزيز البحث المحلي والتطوير في مجال الطاقة المستدامة هناك، بما في ذلك الطاقة الشمسية وتكنولوجيا توربينات الرياح.
ومع ذلك، أعربت المنظمات البيئية عن معارضتها للخطة لعدة أسباب:
أولاً: الضرر البيئي الذي سينجم حتماً عن بناء مناطق جديدة لأن هذا يقضي على المزيد من المساحات المفتوحة في المنطقة، حيث أصدرت جمعية حماية الطبيعة في “إسرائيل” (SPNI) هذا البيان في تغريدة: “قرار الحكومة يجلب الدمار والخراب للجولان، وبيئته الطبيعية ومناطقه المفتوحة الشاسعة، التي تضم مئات الأنواع من النباتات والحيوانات البرية والتي تجذب ملايين الزوار كل عام، وهكذا سيعاني الجولان من أضرار جسيمة كبيرة من أجل المحليات الجديدة والبنية التحتية ومبادرات الطاقة، فلا معنى لإنشاء محليات جديدة من منظور تخطيطي أو اجتماعي أو بيئي أو اقتصادي، وتعتبر فعالية التكلفة للمستوطنة الجديدة سلبية بكل المعايير، خاصة عند مقارنتها بتقوية المستوطنات القائمة وتوسيعها، حيث هناك العديد من المستوطنات القائمة بحاجة ماسة إلى تعزيزها”.
تمتلك إدارة التخطيط، هيئة التخطيط الرئيسية في “إسرائيل” والمخصصة للتخطيط القومي، آراء مماثلة لرأي SPNI، في ورقة توضح الرأي حول الموضوع، نُشرت قبل شهر، كتبت: “تتضمن سياسة التخطيط السليم إعطاء أفضلية واضحة لتوسيع المستوطنات القائمة وتعزيزها، ويجب تجنب إنشاء مستوطنات جديدة، إلا في حالات استثنائية وغير عادية، علاوة على ذلك فإن زيادة عدد المستوطنات يتعارض مع نهج التخطيط المتمثل في مركزية التنمية في المناطق الحضرية ومنع التكوُّن في الضواحي، فضلاً عن حماية امتداد متجاور من المساحات المفتوحة والاعتماد على البنى التحتية القائمة”.
المشكلة أن الحكومة قررت تجاهل هذه المواقف، وقال مسؤول حكومي كبير لـ “المونيتور”: “في أطراف البلاد، بما في ذلك النقب والجولان، تتطلب المساحات المفتوحة الكبيرة إنشاء بلدات جديدة”.
تواجه قضية توربينات الرياح في مرتفعات الجولان معارضة أكبر، فقد كانت المنظمات البيئية، وخاصة شومري هجولان (حراس الجولان)، تأمل في أن تعارض “مؤسسة الدفاع” بناء توربينات رياح عملاقة، والتي كانت قيد العمل منذ فترة طويلة بالفعل، لأنها يمكن أن تتداخل مع مناورات القوات الجوية في المنطقة.
ثم بعد يومين من اجتماع الحكومة في الجولان، أعلنت “وزارة الدفاع” أنها وقعت اتفاقية مع شركة Energix لبناء 41 توربيناً ضخماً إضافياً في شمال مرتفعات الجولان لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح، وبحسب بيان الوزارة، فإن “هذا يعد علامة فارقة أخرى في الجهود الوطنية لإنتاج الطاقة من الرياح”.
مثل دول أخرى حول العالم، التزمت “إسرائيل” بتقليل كمية الغازات المسببة للاحتباس الحراري وانبعاثات الكربون التي تنتجها، حيث تهدف توربينات الرياح هذه إلى أن تكون جزءاً من هذا الجهد.
يختلف تفكير منظمة حراس الجولان ومعظم المنظمات البيئية الأخرى، التي تؤكد أوراق الموقف التي أعدوها، ومن بين أمور أخرى بناء توربينات الرياح هذه سيكون ضاراً بالكنز الطبيعي الوطني، حيث سيؤدي ذلك إلى مئات من توربينات الرياح التي تغطي التلال البركانية الفريدة في مرتفعات الجولان، وهذا مع البنى التحتية المصاحبة له، سيغير الجولان كلياً، ويحوله من كنز طبيعي رعوي إلى منطقة مخصصة لإنتاج الكهرباء، ويقولون أيضاً إن شفرات التوربينات، التي يمكن أن تدور بسرعة 300 كيلومتر في الساعة، مميتة للطيور والخفافيش والحشرات، ويمكن أن تؤدي إلى انقراض أنواع محلية بأكملها، بما في ذلك النسور من مختلف الأنواع.
لكن الحجة الأكثر إثارة للاهتمام هي أن هذه التوربينات ستنتج أقل من 1٪ من جميع احتياجات “إسرائيل” من الكهرباء، وحتى ذلك الحين فقط إذا كانت تعمل بكامل طاقتها، ستكون تكلفة هذه الكهرباء أكثر من ضعف تكلفة الكهرباء التي يتم إنتاجها اليوم من خلال منشآت الطاقة الشمسية والغاز الطبيعي.
حاول أحد الناشطين البيئيين إيال غاري، التحدث مع الوزراء الذين حضروا الاجتماع في “ميفو حماة”، لكن دون جدوى، وفي رسالة وجهها لبينت في 14 ديسمبر الماضي، كتب فيها: “إذا فشلت النظم البيئية، فلن يساعد حتى تريليون توربين، ولا ينبغي حل مشكلة من خلال خلق أخرى، سيكون هذا تماماً مثل البحر الميت ووادي الحولة (أحدهما ينضب جزئياً، والآخر ينضب بالكامل تقريباً، لأسباب مختلفة)، والفرق الوحيد هو أنه في ذلك الوقت لم يكن هناك وعي وكانت الحاجة إلى العمل حتمية، نحن في مكان مختلف الآن”.
الأمل الرئيسي للمنظمات البيئية هو أن القرار الأخير، مثله مثل معظم قرارات الحكومة بشأن الجولان، لن يتم تنفيذه إلا بصعوبة إن وجد، وفي حالة حدوث ذلك سيتم الحفاظ على جمال الجولان الطبيعي.
Facebook Comments