أخبارأخبار رئيسيةترجماتشؤون فلسطينية

وهم السلام الإقتصادي

ترجمة الهدهد

يدعوت أحرنوت /مايكل ميلشتاين

(يشغل د. مايكل ميلستين منصب رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه دايان في جامعة تل أبيب وزميل باحث أول في معهد السياسة والاستراتيجية (IPS) في جامعة رايشمان.)

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه 

قبل خمسين عام دار نقاش حاد داخل اللجنة الوزارية للأمن حول مسألة تشغيل العمال الفلسطينيين في “إسرائيل”.

دعا موشيه ديان ، وزير الجيش وصاحب رؤية الخط بين الأراضي( الخط الاخضر بين المناطق) إلى دمج الاقتصاد الفلسطيني مع “الاقتصاد الإسرائيلي” كجزء من رؤيته لدمج الكيانين ، مع منح الحكم الذاتي للفلسطينيين دون بعد إقليمي وتركيزهم على تنمية نسيج حياتهم بطريقة بطريقة تبعدهم عن من النقاش في المسائل السياسية أو “الإرهابية”.

الأكثر تشككًا كان إيغال ألون ، الذي وصف الاندماج الاقتصادي بأنه يمهد الطريق لضم كامل، وبدلاً من ذلك سعى إلى الفصل المادي ، ولكن ليس من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة ولكن من أجل نوع من الحكم الذاتي بلا حدود وغولدا مئير التي كانت قلقة من انتهاك قيمة العمالة العبرية واستيلاء الفلسطينيين على صناعات بأكملها بطريقة تسمح لهم بإغلاقها.

ونظرًا لأن دراسة كتب التاريخ لا تحظى بشعبية كبيرة اليوم، فلا يوجد وعي في “إسرائيل” بأننا في نفس الوضع تقريبًا اليوم ، ونكافح مع نفس المعضلات ،

وفوق كل شيء يتم استخلاص الاستنتاجات نفسها واتخاذ نفس الخطوات أولاً وقبل كل شيء إرساء “السلام الاقتصادي” كوسيلة لتحقيق هدوء أمني طويل الأمد، وتحويل هذا السلام من حل مؤقت إلى واقعي دائم، في حين أن عكس هذه النظرية يُمثل خطوة كبيرة للوراء.

في الأشهر الأخيرة كان هناك تسارع في التحركات المستمدة من منطق “السلام الاقتصادي”، في غزة ويتجسد هذا الأمر في زيادة غير مسبوقة لتوظيف عشرات الآلاف من العمال التجار في ‘الكيان” ، كنوع من التحضير لخطة استراتيجية واسعة للتنمية الاقتصادية في المنطقة وفي الضفة الغربية تحديداً، من خلال تبسيط آلية الاندماج للعمال في “إسرائيل”، وتعزيز التدريب المهني للعمال الفلسطينيين (على سبيل المثال في مجال التكنولوجيا الفائقة) وحتى من خلال منح المعايير” الإسرائيلية” للشركات الفلسطينية.

كما كان الأمر قبل عقد من الزمن، فإن المبدأ التوجيهي هو أنه من الضروري إزالة أكبر عدد ممكن من الحواجز بين الاقتصادين وتطوير نسيج الحياة الفلسطيني بطريقة تقلل من التحديات السياسية والأمنية.

في الواقع يتعلق الأمر بالحصول على الاسترخاء قصير المدى على حساب تطوير تحديات خطيرة طويلة الأجل، وفي قطاع غزة تكمن الأهمية العميقة لتحركات “إسرائيل” في القبول الفعلي لإدارة حماس كواقع دائم، وقطر باعتبارها اللاعب الخارجي الرئيسي في المنطقة.

إلى جانب إرساء واقع يتيح للحركة أن يكون لها موطئ قدم في النظام الفلسطيني وتقوية جيشها، أما في الضفة الغربية فالوضع أكثر تعقيدًا: تحركات “إسرائيل” هادئة ولكن إلى جانب ذلك هناك بطيئ يتمثل في البعد المدني والاقتصادي والبنى التحتية الذي يمهد الطريق لـ “الانصهار العملي”، والذي سيؤدي إلى واقع دولة واحدة.

يعتبر الإقتصاد عنصراً أساسياً في العلاقة بين “إسرائيل” والفلسطينيين، وهو سبب الحفاظ على الهدوء النسبي في الضفة الغربية خلال العقد الماضي ، على الرغم من الأزمات السياسية الحادة التي لا حصر لها.

إلا أن هذا المكون يخضع باستمرار لتأثيرات التقلبات في “الاقتصاد الإسرائيلي” وسوف يتسم بمرور الوقت بإحباط فلسطيني عميق في ظل الفجوة الواسعة بين الاقتصادين ، والتي لا يُتوقع تضييقها، لذلك فمن المستحسن إعادة فحص الأفكار التي أثارها القادة السابقون، ومن أبرز هؤلاء القادة بنحاس سافير وزير المالية الأسطوري، الذي حذر منذ عام 1972 من “الاندماج الشديد للاقتصادات” وهو الهدف الذي دفع به ديان، حينها أصدر تحذيرًا نبوئياً بأنه “لا فرق بين قرار رسمي بالضم وضم بدون قرار والذي يأتي إلينا في الواقع بشكل بطيء”.

وعليه يجب أن يكون مفهوماً أن الهدوء الذي يصاحب “السلام الاقتصادي” له ثمن في شكل تغيير بطيء في الواقع والذي قد يقرب المجتمعين من نقطة اللاعودة، حينها لن يكون من الممكن الفصل بينهما.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي