أخبارأخبار رئيسيةترجمات

“كم يُكلفنا الصراع؟؟”

ترجمة الهدهد
موقع زمان “اسرائيل”/ البروفيسور يوسي زعيرا

ملاحظة: المقال يعبر عن رأي كاتبه

يثير “الصراع الإسرائيلي الفلسطيني” العديد من التساؤلات، لكن السؤال الذي يحظى بأقل قدر من الاهتمام هو المسألة الاقتصادية، ما هي التكلفة الاقتصادية للصراع؟ لا يتعلق الأمر فقط بتكلفة الميزانية للأمن، أو الضرر الذي تسببه كل جولة من الأحداث، حيث إنها صغيرة نسبيًا، يشير هذا إلى التكلفة الإجمالية للصراع، والتي جزء منها حتى تكلفة لا ترى بالعين، ولكنها تمثل خسارة مقارنة بالوضع الذي لا يكن فيه صراع.

التكلفة الأعلى للصراع هي انخفاض مستوى الاستثمار في “إسرائيل”، يؤدي الخطر الكامن في “الصراع الإسرائيلي العربي” إلى قسط كبير من المخاطر العالية على لمستثمرين في “إسرائيل”.

تظهر مقارنة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة أن نسبة رأس المال إلى الناتج المحلي الإجمالي في “إسرائيل” أقل بكثير مما هي عليه في الولايات المتحدة، حيث تبلغ النسبة في “إسرائيل” 1 وفي الولايات المتحدة 1.6. أنا أحسب هذه النسبة لقطاعات الأعمال في البلدين، وبالتالي أحصل على المقارنة الأكثر دقة، والتي تتجنب الأخطاء الناتجة عن كيفية حساب ناتج القطاع العام أو حساب مخزون الإسكان.

تشير هذه الفجوة الكبيرة في نسبة رأس المال إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى أن العائد المطلوب لرأس المال في “إسرائيل “أعلى بنسبة 13 في المائة منه في الولايات المتحدة، وبما أن المكونات الأخرى لهذا العائد، وهي نسبة الفائدة ومعدل الاستهلاك لرأس المال، متشابهة في البلدين، فإن الفجوة بين الدولتين تنبع من المخاطر العالية في “إسرائيل”.

عندما نحسب تأثير التغيير بين الدول على الناتج المحلي الإجمالي، يبدو أنه لو لم يكن هناك صراع، أي إذا لو لم تكن هناك مخاطر عالية وكان حجم رأس المال أكبر، فإن الناتج المحلي الإجمالي في “إسرائيل” كان سيرتفع بنسبة 26٪.

وبالتالي فإن هذه هي التكلفة الأعلى “للصراع العربي الإسرائيلي”، حيث تبلغ التكلفة 26٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وهذا يعني أن دخل “السكان الإسرائيليين” كان من الممكن أن يكون أعلى بأكثر من الربع لو تم تسوية النزاع.

تكلفة أخرى، وهي أيضًا محتملة وغير مرئية، هي تكلفة الخدمة النظامية، “الشباب الإسرائيليين” يتجندون في سن 18 لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات، ونتيجة لذلك يدخلون لمسار الدراسة والعمل في وقت متأخر.

عادة ما يكون التأخير أكبر بكثير من سنوات الخدمة، بسبب دورات الإعداد العسكري، والتوقيع على الخدمة الدائمة للكثيرين وبالطبع الرحلة الطويلة إلى الخارج التي تهدف إلى تحرير الروح من الخدمة العسكرية القمعية.

التأخير يعني أن “الإسرائيليين” يكتسبون مهاراتهم في وقت متأخر، وهذا ما يسميه الاقتصاديون رأس المال البشري المتأخر، هناك طريقة أخرى لرؤية ذلك وهي أن نفهم أن “الإسرائيلي” يعمل سنوات أقل، لأنه يبدأ العمل متأخراً وينتهي في نفس العمر تقريباً، لذلك، فإن “دخل الإسرائيلي” مدى الحياة أقل بكثير، “الإسرائيليون” الذين يواصلون لمهنة علمية هم حتى يتأخرون أكثر، حيث يبدؤون دراسات الدكتوراه وهم متزوجين ومعظمهم مشغولون بأطفالهم، لذلك تستمر هذه الدراسات لفترة أطول مما في الخارج.

أظهر حساب أجريته أن تكلفة الخدمة النظامية في الجيش تصل إلى 5.6 في المائة على الأقل من الناتج المحلي الإجمالي، حتى لو افترضنا أن الجيش النظامي سيبقى حتى إذا توصلت “إسرائيل” إلى اتفاقات سلام، وبافتراض أن الخدمة النظامية ستكون حينها فقط سنة، فإن تكلفتها ستكون أقل بكثير، 1.3٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وبالتالي فإن الخسارة فيما يتعلق بهذه التكلفة تبلغ 4.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. إن الجمع بين هذه التكلفة وتكلفة المخاطر العالية والاستثمار المنخفض معًا يصل إلى 30 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهي تكلفة عالية جدًا.

كان هذا الموضوع أحد الموضوعات الرئيسية التي بحثتها في السنوات الأخيرة، نُشرت بعض نتائج الدراسة نشرت في كتب “اقتصاد إسرائيل” وتظهر المزيد من النتائج المنقحة في النسخة الإنجليزية من الكتاب الذي تم نشره للتو في الولايات المتحدة، قمت مؤخرًا بتجميع هذه النتائج لمنشور ظهر في معهد “الآخر” – للمساواة وحقوق الإنسان، من منطلق الرغبة في لفت انتباه الجمهور العام، حيث أن أهميته مهمة جدًا بالنسبة لي.

أدرجت في كتابي سلسلة طويلة أخرى من التكاليف، والتي لم يتم تضمينها في الإنفاق المباشر على الدفاع، بعضها عبارة عن تكاليف تُفرض علينا نحن المواطنون، مثل بناء الغرف المحصنة ودفع رواتب حراس الأمن، وبعضها عبارة عن تكاليف تظهر في ميزانيات حكومية أخرى، مثل هيئة الطاقة النووية، والمدفوعات للجنود المسرحين، والدفع مقابل الأراضي التي يستخدمها الجيش، بعض من التكاليف هي خسائر الناتج بسبب الفراغات والتكاليف المماثلة.

في كتابي قمت بدراسة الفوائد المحتملة للصراع، مثل المساعدة الأمريكية، وسمعة “المنتجات العسكرية الإسرائيلية”، والمزيد، أجد أن هذه الفوائد تصل لرقم منخفض من نسبة الناتج المحلي الإجمالي.

أهمية التكلفة الاقتصادية للصراع كبيرة، لأن كل قرار وطني مهم يتطلب دراسة جميع آثاره المحتملة، للأفضل أو للأسوأ. في الواقع، تتخذ “إسرائيل” كل يوم قرارًا بشأن استمرار الصراع، وهذا الواقع السياسة المسماة “إدارة الصراع”، والتي تعني عدم السعي لحل الصراع.

من المعروف أن الصراع لا يختفي وينشب من وقت لآخر، لذلك يجب أن نتذكر التكلفة الاقتصادية الباهظة والمستمرة، عامًا بعد عام، للصراع.

Facebook Comments

زر الذهاب إلى الأعلى
error: المحتوى محمي