لماذا يكشف جيش العدو عن خططه العملياتية أمام الإعلام؟؟

ترجمة الهدهد
موقع ماكو/ العقيد (احتياط) موتي جلوسكا، وهو باحث ومحاضر في التاريخ “العسكري الإسرائيلي” والأمن القومي والعلوم السياسية، متخصص في صنع القرار ولجان التحقيق.
أثارت تصريحات الجنرال إيتسيك تورجمان، رئيس قسم التكنولوجيا واللوجستيات المتقاعد نهاية الأسبوع الماضي في معاريف “لن نعبر وادي عارة في حالة الطوارئ” غضبًا عامًا حول التوتر بين اليهود والعرب، لكن العقيد موتي جلوسكا يجد فيها زاوية عسكرية، ويتساءل لماذا يكشف ضابط كبير في “الجيش الإسرائيلي” عن خطط عملياتية أو لوجستية في مقابلة مع وسائل الإعلام؟
وادي عارة طريق حركة لا يصح أن يتم الاعتماد عليها أو المرور به، هذا ما قاله إيتسيك تورجمان رئيس قسم التكنولوجيا واللوجستيات السابق (للصحفي تال ليف رام من معاريف) رداً على سؤال حول ما إذا كان “الجيش الإسرائيلي” لن يقود القوافل في وادي عارة ساعة الطوارئ.
إن تصريحات الجنرال أثارت الكثير من التساؤلات، ناهيك عن الغضب، لدرجة أن عناصر في “الجيش الإسرائيلي” شعرت بالحاجة إلى دعم تورجمان، معظم الردود تطرقت بشكل طبيعي للخطاب الجاري الذي يتعامل مع القضايا المدنية – وخاصة فيما يتعلق بالعلاقات المعقدة بين العرب واليهود.
من المثير للاهتمام أن نرى أن هناك زاوية عسكرية أخرى في الأمر “أختفت” من الخطاب العام وهي لماذا يكشف ضابط كبير في “الجيش الإسرائيلي” عن خطط عملياتية أو لوجستية؟ لماذا يبرز خطط عمل “الجيش الإسرائيلي” على صفحات الصحيفة، “وماذا يقف وراء موافقة الناطق بلسان الجيش والرقابة العسكرية على السماح بنشر هذه الأشياء؟
الأمر لم ينته عند هذا الحد، في المقابلة بدأ الجنرال يتحدث عن معلومات إضافية “لقد قمنا حتى الآن بتأهيل 1600 كيلومتر من الطرق الترابية الواسعة، لدينا اليوم خطة لإنشاء طرق التفافية باستخدام المعدات الهندسية والمزيد”.
في الوقت نفسه، يبدو أن الرقابة العسكرية، التي كانت أشد قسوة في الماضي، أصبحت أقل حساسية بكثير مما كانت عليه في الماضي عندما يتعلق الأمر بنشر قضايا تتعلق بأمن “دولة إسرائيل”.
إن مسئولي الجيش بالطبع لا يعملون في “فراغ”، نحن في “عصر المعلومات” حيث تجسد أقصى تعبير لهذا مؤخرًا خلال عملية “حارس الأسوار”،سيف القدس عندما كانت “إسرائيل” تتعرض لقصف صاروخي مكثف – حرصت وسائل الإعلام في الوقت الحقيقي والبث المباشر على وصف مكان سقوط لصواريخ بالتفصيل، والأضرار التي حدثت – وحتى المسافة بين مكان السقوط وأقرب مكان سكني مأهول.
من ناحية أخرى، فإن حاجة ورغبة الجمهور إلى المعرفة أمر مفهوم؛ لكن من ناحية أخرى، يبدو أحيانًا كما لو أن مذيعي الأخبار يوجهون مطلقي الصواريخ ويخبرونهم بالإحداثيات التي يحتاجون إليها للحصول على إصابة أكثر دقة.
من المهم أن أقول؛ أنا لا أؤيد فرض حظر شامل على التصريحات، ولكن من المهم أن يبدي مسؤولو الجيش الحذر، وأن يمارسوا ضبط النفس وأن يفصحوا عن المعلومات “بشكل “مقتضب”. ومن الواضح لي أيضًا أن أجهزة استخبارات العدو لديها معلومات عنا، وهي تتزايد باستمرار، وليست كل المعلومات التي يتم الكشف عنها في وسائل الإعلام بالضرورة معلومات جديدة (مشكلة المرور على الطرق الرئيسية المارة بالقرب من المناطق العربية ليست جديدة). ألا يكفي إلقاء نظرة سريعة من قبل العدو على خريطة الدولة لمعرفة البديل عن حركة المرور من وادي عارة؟ أليست نظرة سريعة على خرائط جوجل كافية للكشف عن الطرق الترابية التي مهدها “الجيش الإسرائيلي”؟
يجب أن يكون الجيش الدفاع وضباطه أكثر حساسية وألا يكشفوا عن معلومات يمكن أن تضر بالخطط أو حتى تكلف أرواح، ومن الواضح أن العدو يطلع على وسائل الإعلام لدينا، فلماذا “التطوع” بمعلومات نوعية مجانًا؟ هل ستكون الخطوة التالية أن يصف جنرالات الجيش مسبقًا ماهي الهداف التي ينوون مهاجمتها وبأي طريقة؟ هل من الواجب تقديم خريطة طرق مرورنا للعدو؟
لنتذكر: أن مناحيم بيغن لم يكشف لحكومته ولا حتى لابنه عن الهجوم على المفاعل العراقي حتى عادت الطائرات من المهمة.
ورسالة صغيرة أخرى للجنرال تورجمان: “كن متواضعا”. أعتقد أنه لا يوجد مكان لكلمة مثل كلمة أنه بقي في المؤخرة في عام 1973 لمثل الجنرال بريك “. حتى لو كنت تعتقد أن إسحاق بريك، وهو رجل عسكري رفيع المستوى حصل حتى على “نوط الشجاعة”، مخطئ أو مبالغ في كلامه – فهناك طريقة لقول الأشياء.
“التجربة الإسرائيلية” المريرة عشية حرب يوم الغفران تتطلب الاستماع بعناية لمن تختلف آراءهم بل وحتى عندما تكون غير عادية، نتذكر جميعًا بألم ما حدث عندما لم نستمع إلى تحذيرات العميد (احتياط) يوئيل بن بورات (قائد وحدة التنصت في ذلك الوقت) والعقيد (احتياط) بنيامين سيمان طوف.
Facebook Comments