تصلب إيراني أمام علامات ضعف أمريكي

ترجمة الهدهد
“إسرائيل” اليوم/ عوديد جرانوت
سيصل المبعوث الخاص للرئيس بايدن، روبرت مالي، إلى “إسرائيل” اليوم لتنسيق التحركات قبل المحادثات النووية التي ستستأنف في نهاية الشهر – وكذلك للطمأنة بخصوص النوايا الأمريكية في حالة فشل المحادثات, في “إسرائيل” يشككون في إذا مازال هناك إمكانية للتوصل لتفاهم مع واشنطن ولكنهم مقتنعون بأنه لا أحد سيخرج من هذه الزيارة مطمئنا .
إن الادعاء بأن هذا الاستنتاج مستمد فقط من شخصية المبعوث الأمريكي ليس صحيحاً، صحيح أن “مالي” هو أحد مهندسي الاتفاق الأصلي و المتحمسين له، لكنه من تعيين بايدن وقد قرر الأخير بالفعل أن الاتفاق مع إيران أفضل من أي خيار آخر.
من الصعب أن نفهم لماذا واجهت واشنطن صعوبة في حل لغز سلوك طهران المتشدد حتى الآن في القضية النووية، ولكن هناك عدة عوامل ربما ترشدنا إلى ذلك:
أولاً – الانطلاق نحو تخصيب اليورانيوم لديها يصل إلى المستوى العسكري (الذي حقق لها حتى الآن 25 كيلوغراماً بنسبة 60٪)، ثم تراجعت لعدة أشهر حتى “أرادت” العودة إلى فيينا، وأخيراً – ظهرت الشروط شبه المستحيلة التي قدمها الإيرانيون للجولة القادمة.
وهي على سبيل المثال، التصميم القاطع لنائب وزير الخارجية الإيراني، الذي سيرأس الوفد، على أنه لن يتم مناقشة الاتفاقية وبنودها في فيينا على الإطلاق، إلا فقط بالرفع الكامل والفوري لجميع العقوبات المفروضة على إيران، وكذلك مطالبتها بتلقي ضمانات من الولايات المتحدة بأنها لن تنسحب أبدًا من الاتفاقية، أو الرفض العنيد لتمديد تاريخ انتهاء الاتفاقية الأصلية – وهو الأمر الذي سيطلق العنان لإيران عدة سنوات قليلة للقيام بما يحلو لها في المجال النووي.
التفسير للتعنت الإيراني بسيط، لقد أدرك الإيرانيون على الفور ليس رغبة بايدن القوية في العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه سلفه ترامب فحسب، بل أدركوا علامات الضعف العديدة التي بدأت تظهر في عهده على السياسة الخارجية للولايات المتحدة: الانسحاب السريع من أفغانستان، وضبط النفس على مهاجمة القاعدة الأمريكية في التنف في جنوب سوريا، ضبط النفس الغريب في وجه محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي من قبل مليشيات موالية لإيران، بعد فشل الموالين لإيران في الانتخابات البرلمانية الأخيرة – وهناك الكثير.
في مواجهة علامات التراخي هذه، يسمح الإيرانيون لأنفسهم، بصفتهم تجارًا أذكياء، برفع العتبة عشية افتتاح المحادثات في فيينا، ولا يخافون كثيرًا من صور القاذفات الأمريكية وهي تشق طريقها إلى الخليج للتلميح، ولو ظاهرياً بالخيار العسكري.
إلى جانب المواقف المتصلبة، أضاف الإيرانيون عرضًا نادرًا لروح الدعابة لديهم، ووعدوا أنه إذا رفعت واشنطن جميع العقوبات، فإن طهران ستنضم على الفور إلى اتفاق باريس بشأن تغير المناخ، تحتل إيران المرتبة الثامنة في العالم في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهي واحدة من الدول القليلة التي لم توقع على الاتفاقية بعد، يمكن أن نفهم من هذا أنه إذا لم يعيقوهم في تهديد السلام العالمي بسحابة نووية، فسوف يوافقون برضا منهم على التخلي عن مساهمتهم في سحابة ثاني أكسيد الكربون.
في “إسرائيل” وكذلك في المملكة العربية السعودية والبحرين، سيحاولون هذا الأسبوع أن يوضحوا لمبعوث بايدن الخاص الخطر الكبير الذي ينطوي عليه التوصل إلى اتفاق سيء مع إيران لن يقيد يديها في مجالات النووي والصواريخ الباليستية و التخريب الإقليمي، ليس من المؤكد أن هذه المحاولة ستنجح.
Facebook Comments