هل يُمكن أن يتكون بين إيران و”إسرائيل” علاقة جيدة؟

ترجمة الهدهد
جيروساليم بوست/ دانيال دانا
الكاتب هو مؤسس حركة السلام والمحبة للمغتربين الإيرانيين في “إسرائيل” وفي جميع أنحاء العالم
ملاحظة: هذا المقال يُعبر عن رأي كاتبه
يمكن أن تتباهى إيران و”إسرائيل” بعلاقة اجتماعية وتاريخية وثقافية فريدة واستثنائية تعود إلى أكثر من 2500 عام، ويعتقد العديد من الإيرانيين و”الإسرائيليين” أن هذه الخلفية المشتركة الثرية للغاية قادرة على تغيير ملامح الشرق الأوسط في القرن الحادي والعشرين، وكذلك تغيير المناخ السياسي في المستقبلي لمصلحة الشعبين.
إن الرغبة الشديدة في تحقيق السلام بين الكثيرين في الشرق الأوسط مهددة من قبل مجموعات الإرهابيين التي تبذل قصارى جهدها لتقويض السلام، ويمكن لإيران كدولة رئيسية أن تلعب دوراً مهماً، لكن تحت أي قيادة؟ عاجلاً أم آجلاً سيتم القضاء على رجال الدين الشيعة وأفكارهم الشريرة من قبل جيل أصغر من الإيرانيين، وحينها يجب تأسيس جسر قوي من الثقافات بين إيران و”إسرائيل” في أسرع وقت ممكن لأن التغيير في إيران أصبح قريب جداً.
تعود العلاقة القوية والغنية بين إيران و”إسرائيل” إلى العصور القديمة، إلى عهد الملك كورش الذي سمح لليهود بالعودة إلى ديارهم لبناء الهيكل، هناك العديد من الإشارات الدافئة في الكتاب المقدس فيما يتعلق بكورش والإيرانيين (في إشعياء ودانيال وأخبار الأيام).
بعد “الغزو العربي الإسلامي” (638 م) تغير الوضع، ولكن كانت هناك عدة أمثلة بارزة مثل قادة الجيش اليهودي رشيد الدين فضل الله وسعد الدولة وشمس الدولة (1231-1336) وغيرهم الكثير، فقبل سلالة بهلوي (1925-1979) لم تكن العلاقة بين الجاليتين الإيرانية واليهودية جيدة، ولكن حدث تحول حقيقي خلال هذه الفترة.
بدأت العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين في عام 1950، في فترة مثمرة من التعاون والتنمية، وفي يناير 1979 طرد الحكام الجدد مَلاك الحرية، في حين أراد 40 مليون شاب إيراني إعادتها إلى البلاد.
وكلما كثف النظام دعايته المعادية للغرب و”لإسرائيل” حتى يصبح الشعب الإيراني أكثر تأييداُ للغرب و”إسرائيل”، فإنهم مقتنعون تماماً بأن كل ما يسمعونه من ممثلي النظام يفسروه على أنه عكس ذلك.
وبالتالي تتزايد الأفكار الموالية للغرب والاحترام والإعجاب “بإسرائيل” يومياً في قلوب الناس، حيث أن أفعالهم اليومية واتصالاتهم مع وسائل الإعلام الخارجية، والمواد المكتوبة من قبل الصحفيين أو الشعارات الطلابية، تتحدث عن نفسها.
كثير من الإيرانيين يفتحون أعينهم وعقولهم وينتقدون النظام، إنهم فخورون بكونهم أصدقاء للديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ويريدون أن يعلنوا بوضوح وعلناً عن علاقتهم العميقة مع الأخت التوأم “إسرائيل” في المنطقة، وهي علاقة تستند إلى تاريخ البلدين.
إيران باعتبارها واحدة من أكبر الدول في الشرق الأوسط، ويبلغ عدد سكانها 75 مليون نسمة، لديها القدرة على أن تكون واحدة من أفضل الأصدقاء “لإسرائيل” في العالم، يمكن لمثل هذه الصداقة الثنائية أن تفيد الجانبين بشكل كبير، وإلى جانب العلاقات الدافئة مع تركيا ودول آسيا الوسطى، فإنها ستُغير بالتأكيد الوضع السياسي القبيح الحالي في المنطقة.
في المستقبل يمكن لإيران أن تستجيب للعديد من رغبات واحتياجات “إسرائيل”، مثل النفط والعديد من الموارد المعدنية الأخرى، فإن مكانة إيران البارزة في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وغيرها من الهيئات الدولية ستجعلها بالطبع داعماً جاداً “للسياسة الخارجية الإسرائيلية”.
إن رغبة الجيل الإيراني المستقبلي في السلام أقوى من الرغبة في الحرب، في جو هادئ دون أي توتر إقليمي ستفتح إيران بالتأكيد أبوابها أمام “الخبرات الإسرائيلية” في مجال النفط والمجالات الفنية الأخرى للاستفادة من خبرتها وتعاونها.
ماذا يمكن أن تقدم “إسرائيل” لإيران؟
سيؤدي التعاون العالمي والعلاقة المتناغمة بين إيران و”إسرائيل” إلى تغيير السوق على الجانبين، المستفيدون من مثل هذا التحول لن يقتصروا على الأعمال الكبرى والشركات، ولكن أيضاً الأشخاص العاديون في كلا البلدين، وستُظهر الإحصائيات والأبحاث كيف أن التطور التجاري (التكنولوجيا المستوردة من -إسرائيل- إلى إيران) سيغير ملامح المجتمع الإيراني بسرعة.
الأسواق في إيران متعطشة بشكل خاص للتكنولوجيا علية التقنية الجديدة، كما سيتم تشجيع رجال الأعمال والشركات اليهودية في الغرب على القيام بدورهم في تلبية احتياجات إيران التكنولوجية.
ستأتي فرق من “الخبراء الإسرائيليين” إلى إيران لمساعدة السكان المحليين في تصنيع وتجديد وإعادة بناء كل الآلات الإيرانية المتعفنة والمدمرة، فهناك مجموعة كبيرة ومتنوعة من الاحتياجات التي يجب معالجتها، في التعليم والمصارف والجيش والأمن إلى التجارة والصناعة والزراعة، ومن الغذاء إلى الطب والبحوث والجامعة والرياضة.
لا يزال الإيرانيون يتذكرون بحماس مدينة غازفين في شمال إيران التي دمرها زلزال عام 1963 وأعيد بناؤها من قبل خبراء “إسرائيليين”، وهذه التجربة ستساعد الشعب في كلا الجانبين، إن المكانة القوية “لإسرائيل” في وسائل الإعلام الدولية ستساعد الشعب الإيراني على تطهير السمعة السلبية القاسية التي اكتسبها خلال سنوات الثورة الإسلامية.
ستوفر العلاقة مع “إسرائيل” أيضاً طرقاً جديدة لتسويق النفط الإيراني، وسيكون “الفنيون الإسرائيليون” موضع ترحيب كبير للمساعدة في حل المشاكل الكبيرة في إيران مثل أنابيب الغاز والمياه والاتصالات الهاتفية والكهرباء والسدود والطرق والنقل والعديد من المشاريع غير المطورة.
التعاون الثنائي بين إيران و”إسرائيل”
يرى المؤلف الصادق بناءً على خبرته الشخصية والاجتماعية والأكاديمية، أن أولئك الذين يرغبون في مستقبل آمن لكلا البلدين في شرق أوسط مزدهر وسلمي، ليس لديهم خيار سوى الترحيب بعلاقات وثيقة بين البلدين، هذه الرغبة ليست أملاً واهماً ولكنها قد تكون طريقاً عملياً يؤدي إلى عالم أكثر إشراقاً.
سيرحب الإيرانيون ويفخرون بعلاقة قوية مع “إسرائيل”، الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط وأحد رواد العالم في مجال التكنولوجيا المتقدمة والتقدم الطبي والإنتاج الزراعي، على العكس من ذلك فإن وجود صديق وحليف قوي في المنطقة بأغنى موارد النفط والمعادن وحكومة منفتحة وسكان منفتحين سيمثل فرصة عظيمة “لإسرائيل”.
يمكن توسيع هذا الطموح بسهولة ليشمل دول آسيا الوسطى وكذلك تركيا والهند، لماذا الهند؟ بارسيس في الهند هم الإيرانيون الذين غادروا إيران منذ 14 قرناً بعد الغزو العربي الإسلامي لإيران.
هم الآن من بين أكثر الطبقات الأرستقراطية والعليا في المجتمع الهندي، وتعمل مجموعة كبيرة من المثقفين الإيرانيين (داخل وخارج البلاد) على تمكين البارسيس في المنفى من العودة إلى وطنهم القديم تماماً كما عادت الجاليات اليهودية بعد 2000 عام إلى الوطن من الشتات.
استنتاج
على مدى القرنين الماضيين كان الغربيون هم طليعة الحرية والحرية الاجتماعية، لكنهم في الوقت نفسه هم أيضاً عبيد لما يخدم مصلحتهم، لا خيار أمام إيران سوى إقامة علاقة عالمية مع الغرب.
العلاقة القوية مع “إسرائيل” ستفيد إيران بطريقتين: من جهة “إسرائيل” هي رمز واضح للغرب بقدرات عالية، ومن جهة أخرى هي مليئة بالعقلية الشرقية الدافئة، بالإضافة إلى ذلك فإن “لإسرائيل” ارتباط تاريخي وثقافي عميق بإيران.
لتعزيز هذه العلاقة المستقبلية واسعة النطاق نقترح:
- نظام قانوني ثنائي جديد في كلا البلدين، يقوم على التضامن والصداقة التاريخية القديمة والعلاقة العالمية المثمرة (سياسية – اقتصادية – اجتماعية – ثقافية – عسكرية – أمنية) ويستجيب لمتطلبات القرن الحادي والعشرين.
- تطوير الزيارات الجامعية والبحثية والتبادل التربوي والمنح الدراسية الثنائية على مختلف المستويات، حسب أولويات ومتطلبات البلدين.
- زيادة التعاون في الصحافة ووسائل الإعلام، بما في ذلك الاجتماعات المنظمة.
- التطوير الثنائي للفعاليات الفنية والرياضية والسياحية والاجتماعية الأخرى، وإقامة الندوات والمؤتمرات والمعارض في مجالات الثقافة والصناعة والزراعة والاختراعات بهدف تحسين معرفة الأمم ببعضها البعض.
- تطوير التسويق على الجانبين للتجارة في القطاعين الخاص والعام، والتقليل من التعقيدات البيروقراطية وتعظيم التسهيلات في الجمارك والضرائب والتأمين والنقل.
- توثيق التعاون بين إيران و”إسرائيل” في مجالات الشرطة والجيش والأمن، بما في ذلك البحث المتبادل والتبادلات في هذا المجال.
كلا الشعبين ولا سيما الإيرانيون، لم يدركوا أبداً العواقب الإيجابية والمفيدة لعلاقتهم الوثيقة وصداقتهم التاريخية ولكن لا يزال هناك الكثير ممن يجب أن يكونوا على دراية بذلك.
Facebook Comments