تقرير دولي: "إسرائيل" استخدمت برامج للتجسس على المنظمات العاملة ضد الاحتلال
استخدام برنامج التجسس “بيجاسوس” ضد الفلسطينيين يقوي شُعور “إسرائيل” بالنصر والغطرسة

ترجمة الهدهد
عميرة هيس/ هآرتس
هناك قناعة عند كل فلسطيني لديه وعي سياسي بأنه يخضع “للمراقبة الإسرائيلية”وأنه من الصعب حتى تخيل مدى هذا الغزو، لذلك ليس من المستغرب أن نجد أن برنامج التجسس بيجاسوس التابع للشركة “التجارية الإسرائيلية” الأمريكية NSO، قد تم زرعه في هواتف أي فون iPhone لستة فلسطينيين على الأقل، ثلاثة منهم يعملون في منظمات المجتمع المدني التي تشن “دولة إسرائيل” ضدها حملة طويلة لنزع الشرعية عنها، بلغت ذروتها في حظرها.
لأسباب فنية، لم تتمكن الكيانات التي قامت بفحص الهواتف من الكشف عن هجوم البرامج المعادية بفحص أجهزة Android التي يستعملها الموظفون في هذه المؤسسات – ومن الممكن أن هناك فلسطينيين آخرين تم زرع برنامج التجسس بيجاسوس على أجهزتهم موجود أيضاً في غرف نومهم وأطفالهم.
لكن ما يثير التساؤل والاستغراب هو أن أجهزة “الأمن الإسرائيلية” لديها وسائل متقدمة تكنولوجية للاختراق، فلماذا إذن هي بحاجة إلى برامج التجسس، والأضرار التي تلحق بشركة تجارية؟!
هذ الأمر مستغرب لشخص عادي ليس لديه مصادر “أمنية إسرائيلية” رفيعة المستوى وغنية بالمعلومات، وحتى لو كانت المنظمات الفلسطينية والهيئات الثلاث التي وجدوا اختراق بيجاسوس لهم، وللصحفيين الذين أبلغوا عن ذلك لا يستطيعون الإشارة مباشرة إلى الجهة المخترقة لهم – فمن الواضح للجميع أن هذه “إسرائيل”، أي جهاز الأمن العام “الشاباك”.
كما صرح المتحدثون باسم الشركة أكثر من مرة أنه يُسمح لها ببيع منتجاتها للحكومات فقط، مما يعني أنها ليست كيان خاص، غني جدًا، يمكنه مواجهة أسعار الشركة والتجسس على (الجمعيات الفلسطينية الست).
تنص قواعد ترخيص تصدير الأسلحة الممنوحة من “وزارة الجيش” إلى NSO على أنه لا يُسمح إلا لأجهزة “الأمن الإسرائيلية” بمراقبة الهواتف التي تحمل أرقام “إسرائيلية”، وتم حظر بادئة الهاتف “الإسرائيلية” (بالإضافة إلى البادئة الفلسطينية) ومنع مراقبتها من قبل أي عميل NSO آخر.
بمعنى آخر، لا توجد دولة أخرى في العالم، باستثناء “إسرائيل”، لديها إذن بالتجسس على باحث في جمعية “الحق” التي توثق الإجراءات “الإسرائيلية” لطرد سكان الشيخ جراح من حيهم.
كل ما سبق يؤكد أن “الجهاز الأمني الإسرائيلي” استفاد كثيرا من برامج التجسس لمراقبة المنظمات الحقوقية.
وفي سياق الحديث عن التجسس لا يمكننا أن نغفل إعلان الولايات المتحدة أن NSO وشركة “إسرائيلية” أخرى تبيع السيبرانية الهجومية، CANDIRU، هي كيانات تتعارض مع مصلحتها الوطنية.
كان النقد الموجه “لإسرائيل” في الداخل والخارج هو أن سيطرة الحكومة على الصادرات السيبرانية الهجومية فضفاضة ليس لها حدود، وكان من السهل جدًا على NSO وشركات تصدير الأسلحة الأخرى بيع الأسلحة إلى الدول الديكتاتورية التي اشتهرت بقمع مواطنيها، وهذا لأن الاعتبار الرئيسي الذي تتوقعه “إسرائيل” هو أن يصوتوا في الأمم المتحدة لصالحها وضد الفلسطينيين، ولم يكن إحساس “إسرائيل” بالدعاية والعلاقات العامة قوية بما يكفي لفهم أن إشرافها الفضفاض كان له إمكانية إحداث أضرار دبلوماسية واقتصادية.
كتب رونين بيرجمان أمس أنه في الأيام والأسابيع المقبلة، سيتم تعبئة كبار المسؤولين الحكوميين لحملة ضد الإدارة الأمريكية، من أجل إلغاء قراره بشأن NSO.
يُظهر استخدام البرنامج سيئ السمعة المناهض للفلسطينيين – والذي لا يزال غير واضح لماذا يحتاجه جهاز الأمن العام “الشاباك”- يُظهر شعوراً بالنصر والغطرسة السائدة في المؤسسات “الإسرائيلية” التي تصوغ السياسة ضد الفلسطينيين، وتنجح في خطة توسيع المستوطنات وضغط الفلسطينيين في الجيوب المنفصلة.
هناك أحزاب صهيونية من يمين الوسط في الحكومة كان من المفترض أن تعارض ذلك، وهي صامتة ومشلولة القرار، أو يرسل أعضاء هذه الأحزاب في الكنيست رسائل احتجاج إلى جانتس.
تعمل السلطة الفلسطينية وقيادة فتح على تقوية الجيوب، وهي غير قادرة على حماية المدنيين الذين يتعرضون لهجمات يومية من قبل المستوطنين والجنود، وتستمر في النظر إلى التنسيق الأمني مع “الجيش” وجهاز الأمن العام “الشاباك” على أنه “مصلحة وطنية”.
الدول الغربية التي تبرعت بمبالغ كبيرة من أموال الضرائب لمواطنيها للحفاظ على “حل الدولتين”، تعبر عن إدانتها ل”إسرائيل” لكنها إدانات غير عملية وليس لها أي صدى، وتواصل اعتبارها حليفاً مخلص.
إن قرار بعض الدول الأوروبية بوقف التبرع للمنظمات الفلسطينية، التي تم الإعلان عن عدم شرعيتها (حتى قبل الإعلان)، لن يؤدي إلا إلى زيادة شعور “إسرائيل” بالنصر.
الخلاصة أن “إسرائيل” تستخدم بيجاسوس في عملية قمع المنظمات الفلسطينية التي تعمل بشكل طبيعي ضد الاحتلال.
والآن بعد أن أعلنت “إسرائيل” أنها منظمات غير مرخصة، حتى مؤتمرهم الصحفي هو نشاط محظور، فإن نشر مقال أو محاضرة للدبلوماسيين سيعتبر عملاً محظورًا – مما سيسمح “للجيش الإسرائيلي” باعتقال نشطاء هذه المنظمات في جوف الليل و إبقائهم في السجن للمدة التي تريدها السلطات وتقديمهم للمحاكمة العسكرية، أو تركهم رهن الاعتقال الإداري دون محاكمة.
Facebook Comments